يمن إيكو| تقرير:
لم تحظ خارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ، لإنهاء الحرب في اليمن، بالترحيب من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، برغم ترحيب السعودية ودول الخليج والوسيط العماني، الأمر الذي عكس رفضا أمريكيا واضحا للاتفاق الوشيك بين السعودية وحكومة صنعاء، وهو رفض كان المبعوث الأمريكي إلى اليمن قد كشف أنه متعلق بهجمات قوات صنعاء على إسرائيل.
وكانت السعودية ودول الخليج وسلطنة عمان أعلنت خلال الأيام الماضية، ترحيبها بما أعلنه المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ حول التوصل إلى خارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن، والتزام الأطراف بترتيباتها.
لكن على المستوى الدولي لم تعلن أي دولة أخرى ترحيبها بالخارطة سوى روسيا التي قالت سفارتها في اليمن، يوم الخميس، في بيان رصده موقع “يمن إيكو” إن “موسكو ترحب بالجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الاتفاقات بين أطراف النزاع اليمني، والتي سيتم إضفاء الطابع الرسمي عليها لاحقًا في شكل “خارطة الطريق” للتسوية تحت رعاية للأمم المتحدة”.
وما لفت الأنظار بشدة هو امتناع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الغرب عن الترحيب بخارطة الطريق الأممية، خصوصا وأن الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين بشكل خاص استمروا طيلة الفترة الماضية بالتأكيد على دعمهم للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن.
ويعكس امتناع الولايات المتحدة ودول الغرب عن الترحيب بخارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي، رفضا واضحا إما للخارطة نفسها أو لتفاصيل مرتبطة بها كتوقيت إعلانها وتنفيذها، خصوصا في ظل الحرب الدائرة في فلسطين والتي تسعى الولايات المتحدة بشكل واضح ومعلن لوقف انخراط قوات صنعاء فيها.
وكانت قناة الإخبارية السعودية الرسمية قد كشفت الأسبوع الماضي في تقرير رصده موقع “يمن إيكو” أن المملكة “كادت ان تصل لخارطة طريق في المفاوضات مع الحوثيين والتوقيع كان قريبا” وهو ما أكد رواية الحوثيين الذين قال قائد حركتهم عبد الملك الحوثي منتصف نوفمبر الماضي إنه كان هناك “اتفاق وشيك” مع التحالف وإن الولايات المتحدة هي من أعاقته للضغط على حكومة صنعاء من أجل وقف هجماتها ضد إسرائيل.
ولم يخف المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ العلاقة بين اتفاق السلام في اليمن وبين هجمات حكومة صنعاء ضد إسرائيل والسفن المرتبطة بها، حيث قال قبل أيام خلال ندوة في مركز واشنطن للدراسات اليمنية إن “أحداث غزة وتصعيد الحوثي أعاق التوقيع على السلام بين السعودية والحوثيين”.
وكان بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول آخر زيارة لليندركينغ إلى المنطقة قد ربط بوضوح بين الأمرين أيضا حيث قال البيان الذي صدر مطلع ديسمبر ورصده موقع “يمن إيكو” إن ليندركينغ سيناقش خلال جولته الأمن البحري مشيرا إلى أن “هجمات الحوثيين على الشحن الدولي تهدد حوالي عامين من التقدم المشترك باتجاه إنهاء الحرب في اليمن”.
النظرة الأمريكية إلى هجمات قوات صنعاء على إسرائيل والسفن المرتبطة بها كتهديد لاتفاق السلام، تفسر بوضوح عدم ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الغرب بإعلان المبعوث الأممي عن التوصل لخارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن، حيث بات واضحا أن الولايات المتحدة تعيق التوقيع على هذه الخارطة والبدء بتنفيذها لاعتبارات متعلقة بالوضع في غزة وانخراط قوات صنعاء في الصراع مع إسرائيل.
وتشير العديد من التقارير إلى أن إعلان الاتفاق بين السعودية وحكومة صنعاء كان يفترض أن يتم مع بداية العام القادم، لكن عدم ترحيب الولايات المتحدة والدول الغربية بالخارطة يشير إلى إصرار على استمرار إعاقة هذا الإعلان.
والأسبوع الماضي كشفت مصادر سياسية لموقع “يمن إيكو” أن السعودية وجهت رسالة غاضبة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، تتهمهم بمحاولة التنسيق مع الولايات المتحدة لإحباط مسار المفاوضات بين الرياض والحوثيين لوضع نهاية للحرب المستمرة منذ قرابة تسعة أعوام.
وأشارت المصادر إلى أن الرسالة السعودية جاءت بعد توجيه الحكومة اليمنية دعوة لمن وصفتها بدول البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيين، حيث اعتبرتها تأييداً للتحالف الأمريكي الذي أعلن قبل أيام والذي رفضت السعودية الانضمام إليه على الأقل بشكل علني.
وكانت وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية رحبت بإعلان المبعوث الأممي عن التوصل لخارطة الطريق، وأكدت على “تعاملها الإيجابي مع كافة المبادرات الهادفة لتسوية الأزمة في اليمن بالوسائل السلمية، وفقا للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الامن ٢٢١٦، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب اليمني” وهو ما كشف عن اعتراض واضح على الخارطة لأنها تتجاوز بوضوح هذه المرجعيات.
وأبدت السعودية حرصا كبيرا خلال الفترة الماضية على الدفع نحو توقيع الاتفاق مع حكومة صنعاء إلى درجة أنها وجهت رسالة للأمريكيين كشفت عنها وكالة رويترز مطلع الشهر الجاري، طلبت فيها منهم “ضبط النفس في الرد على هجمات الحوثيين على السفن لتجنب المزيد من التصعيد”.
وكانت الولايات المتحدة، ومنذ وقت مبكر قد ربطت اتفاق السلام في اليمن بالوضع في غزة، فمع بداية اندلاع الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وبالتحديد في 12 أكتوبر الماضي، بعد يومين من إعلان زعيم “أنصار الله” عن الاستعداد للمشاركة عسكريا في القتال ضد إسرائيل ضمن معركة “طوفان الأقصى” نشرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير أنتوني بلينكن التقى بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانزغ غروندبرغ وتحدث عن ضرورة “إنهاء الصراع اليمني في أقرب وقت وخاصة في ظل التحديات الأخرى التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط” معتبرا أن “اليمن لديه فرصة غير مسبوقة للسلام” وهو ربط عكس وقتها مسعى أمريكيا لترغيب حكومة صنعاء بإبرام اتفاق السلام مقابل عدم الانخراط في أي عمليات ضد إسرائيل.
وقد قال زعيم “أنصار الله” لاحقا في منتصف نوفمبر إن الولايات المتحدة استخدمت أسلوب “الترغيب والترهيب” مع حكومة صنعاء لإقناعها بوقف عملياتها ضد إسرائيل.
وتتضمن خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي قبل أسبوع ” تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة والإعداد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة” بحسب بيان لغروندبرغ.
وحصل موقع “يمن إيكو” على معلومات كشفت أن المبعوث أغفل في بيانه بعض النقاط الهامة، وقدم معلومات ناقصة عن نقاط أخرى في خارطة الطريق، حيث نصت مسودة الخارطة على وضع جدول زمني واضح لالتزام التحالف بقيادة السعودية بإعادة إعمار ما خلفته الحرب على مدى تسع سنوات، وكذلك جدول زمني لخروج قوات التحالف من اليمن على مراحل محددة ومزمَّنة.