يمن إيكو| تقارير:
حذر الأكاديمي والخبير الاقتصادي المصري الدكتور السيد الصيفي، عميد كلية التجارة السابق بجامعة الإسكندرية، من تصاعد خطورة أزمة الدين العام في مصر، الذي بلغ 6 تريليونات جنيه دين داخلي، و165 مليار دولار دين خارجي، مشيراً إلى ضغوط من قبل المؤسسات المالية الدولية لدفع الدولة المصرية باتجاه بيع الأصول.
وأضاف الصيفي، خلال مشاركته في جلسات الحوار الوطني، أن قيمة خدمة الدين العام بالموازنة الحالية 1.2 تريليون جنيه بخلاف 1.3 تريليون جنيه أقساط ديون مستحقة محلية وأجنبية، لافتاً إلى أن الدين العام لا يوجد به مشكلة إذا حقق عوائد أعلى من معدلات الفائدة، ولكن هذا لا يتحقق في الحالة المصرية.
اختلالات في الإنفاق
وقال: “الخطورة هي أننا لم نستخدم القروض بوضوح في تحقيق عوائد تقلل شعورنا بالضغط وإحساس المواطن بالأزمة في ظل زيادة عجز الموازنة، وبالتالي الضغط على الخدمات”.
وأضاف الصيفي أن الموازنة المصرية تشهد اختلالات واضحة، “حيث إن إجمالي الإيرادات 2.1 تريليون جنيه منها 1.5 تريليون جنيه ضرائب، وهو ما يشعرنا بالقلق من عدم قدرة الشركات على دفع الضرائب، وبالتالي زيادة العجز في الإيرادات العامة، بحيث تكون خدمة الدين أعلى من كل ديون الدولة ونضحي بالفائض الأولي والذي يُعدّ أحد الاختلالات الواضحة، حيث إنه عملياً لا يجوز استبعاد الفوائد لتحقيق فائض أولي بالموازنة”.
تخبط السياسة النقدية
وتطرق إلى الاختلالات الحاصلة في السياسة النقدية للبلاد، مؤكداً أن “المشكلة الأكبر تتمثل في أن البنك المركزي المصري ولكي يغطي هذا العجز، يلجأ إلى طباعة العملة أو بيع أذون الخزانة بمبلغ كبير جداً، حيث أن 40% من أصول البنوك المصرية موضوعة في أذون الخزانة، وهو ما يعني أن مدخرات المصريين يتم من خلالها تسديد ديون الدولة، أي تسديد الدين بدين آخر، وبذلك فإنها لن تظل هناك سيولة للدخول في استثمارات”.
وتابع بالقول إنه في حال وقعت تلك البنوك (لحقها الإفلاس)، فستكون هناك كارثة كبيرة، خاصة وأن حجم التسهيلات المقدمة من قبل الدولة، والبالغ 700 مليار جنيه، يستفيد منها 100 مستثمر فقط، بنسبة 17% “فضلاً عن أنه لدينا 5 بنوك فقط كبرى، وليس لدينا بنك دولة قادر على قيادة الاستثمار في حال وجود أي أزمة، وخاصة مع تراجع الملاءة المالية للبنوك”.
ضغوطات لبيع الأصول
وأشار إلى أن هناك تعمداً لحرمان مصر من الحصول على قروض جديدة طويلة الأجل، يتم من خلالها تسديد القروض القصيرة، وبالمقابل يتم الضغط على الدولة المصرية لبيع الأصول، والمعروف أن بيع الأصول يتم بأثمان بخسة وبصورة غير عادلة.
وقال: “لا أفترض نظرية المؤامرة، ولكن المؤسسات الدولية حرمتنا من البند الخامس من بنود التمويل، وهو الحصول على قروض طويلة لسداد القروض قصيرة الأجل بعد تخفيض التصنيف الائتماني، وبيع السندات المصرية المتداولة بالخارج بنسبة أقل من تسعيرها بنحو 20% لنضطر لبيع أصول الدولة بثمن بخس”.
“فيتش” تتوقع الأسوأ
وكانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني ذكرت، في تقرير حديث عن البنوك المصرية، أن صافي الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي المصري معرض لخطر الزيادة بسبب التراكم الكبير لطلبات الاستيراد، ونقص العملات الأجنبية، مضيفة أن الوضع تدهور بشكل كبير منذ يناير 2022 مع خروج استثمارات من محفظة الديون المصرية بقيمة تزيد على 22 مليار دولار، ونقص السيولة الخارجية.
وتوقع التقرير أن يتدهور الوضع إذا تزايدت وتيرة خروج الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين المصرية، واعتماد الحكومة المصرية على القطاع المصرفي في تلبية طلبات الاستيراد المتراكمة في مصر، أو في حال تدخل السلطات المصرية لإدارة سعر الصرف.
وتعاني مصر نقصاً حاداً في الدولار، وتراكمت البضائع المستوردة في الموانئ مع عدم قدرة البنوك على تلبية العملة الصعبة، بجانب تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار في السوقين الرسمية والموازية.
وبحسب فيتش، فإنه من الممكن أن يهدأ ضغط سعر صرف الجنيه إذا نجحت السلطات المصرية في بيع الأصول لمستثمرين خارجيين، ما يعزز تدفقات رأس المال والعملات الأجنبية إلى مصر.
وبدأت مصر بالفعل مؤخراً خطة لبيع أصول حكومية في محاولة منها لتوفير النقد الأجنبي، وحتى يونيو حزيران الماضي، أبرمت الحكومة المصرية اتفاقات لبيع حصص في شركات بقيمة 1.9 مليار دولار، كما تخطط لبيع أصول حكومية بخمسة مليارات دولار بحلول يونيو حزيران 2024.