تقرير خاص – يمن إيكو
مبلغ 300 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة المقررة لليمن من صندوق النقد الدولي، تسلمته السلطة الموالية للتحالف في عدن، بتسهيلات أمريكية بريطانية، حسب ما صرح به رئيس مجلس القيادة الرئاسي المشكَّل من قبل التحالف، رشاد العليمي، في تصريحات إعلامية، الخميس الماضي، حيث قال إنه تم تعزيز حساب البنك المركزي اليمني بمبلغ 300 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة المقدمة لليمن من صندوق النقد الدولي ابتداء من الأسبوع الجاري، مشيداً بالتسهيلات الأمريكية والبريطانية لتحويل المبلغ من قبل صندوق النقد الدولي.
العليمي اعتبر حصة اليمن من وحدات السحب الخاصة المقدمة من صندوق النقد الدولي، كقروض مرتفعة الفائدة، وتتضاعف فائدتها مع مرور السنوات، خطوة من شأنها تحقيق استقرار نسبي في سعر صرف العملة الوطنية والمساهمة بالتخفيف من حجم الضغوط المالية على الحكومة التي تواجه اختناقات حادة في موارد النقد الأجنبي.
صنعاء من جهتها أعربت عن رفضها لهذه الخطوة من قبل صندوق النقد الدولي، معتبرة منح البنك المركزي بعدن صلاحية التصرف بهذا المبلغ، الذي سيتم تقييده كقرض على اليمن عند بد التصرف فيه، دليلاً على تناقض سياسات وقرارات الصندوق وازدواجية تعامله مع القضايا نفسها، وفق أجندات سياسية، وبما يجعله إحدى أدوات الحرب الاقتصادية بيد التحالف.
وقال البنك المركزي بصنعاء في بيان صادر عنه، السبت، إن توجيه هذا المبلغ إلى البنك المركزي بعدن هو بمثابة “توفير أموال خارج إطار القانون لتمويل العمليات العسكرية والحرب على اليمن والدفع بالاقتصاد الوطني والوضع الاجتماعي نحو حافة الانهيار، كجزء من أهداف الحرب العسكرية والاقتصادية على اليمن، إلى جانب تمويل عمليات تخالف قواعد ومتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
ولفت البيان إلى مخاطبات عديدة تضمنت إبلاغ الصندوق باعتراض البنك المركزي بصنعاء على أي قرار يتخذه الصندوق بالموافقة على تمكين فرع البنك المركزي في عدن من استخدام حقوق السحب الخاصة، “بما يفرض التزامات مالية غير مشروعة على الشعب اليمني وفي مخالفة للدستور اليمني، ويعمل على توفير تمويل للحرب على اليمن” حسب البيان.
وكشف البيان عن مطالبات سابقة من قبل البنك المركزي بصنعاء لصندوق النقد الدولي بإدارة حقوق وحدات السحب عبـر طرف ثالث، بما يضمن استغلال قيمة تلك الوحدات في تمويل الواردات السلعية، وتخصيص ما يقابلها بالريال اليمني لسداد مرتبات موظفي الدولة، أو استخدام قيمة وحدات حقوق السحب في سداد جزء من قيمة الدين العام المحلي المستحق للبنوك العاملة في اليمن، بما يمكنها من سداد جزء من أموال المودعين لديها ويخفف من التزامات البنوك وأزمة السيولة التي تمر بها، ويخفف من الضائقة المالية للمودعين لديها، ويخفف الضغط على أسعار العملة المحلية.
كما تضمنت المطالب “إيقاف أي تصرف لوحدات السحب الخاصة بالجمهورية اليمنية، وذلك إلى حين انتهاء العدوان على اليمن، وبما يكفل استفادة كامل الشعب اليمني من وحدات حقوق السحب”.
وأوضح البيان أنه في حال رفض صندوق النقد الدولي أياً من المطالب التي تم إبلاغه بها، فإن البنك المركزي بصنعاء “يؤكد مجدداً رفضه التام أي قرار يتخذه الصندوق بشأن حقوق السحب الخاصة بالجمهورية اليمنية، ويخلي مسئوليته من أي أعباء ستترتب على قرار الصندوق، وأن الجمهورية اليمنية والشعب اليمني يحتفظون بحقهم القانوني في مساءلة ومقاضاة أي جهة أو طرف يعمل أو يسهل أو يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في استغلال وإهدار حقوق ومقدرات الشعب اليمني والاستيلاء عليها، وتحميله التزامات مالية غير قانونية تسخر لصالح أشخاص وفئات ثبت فسادها وتستخدم في تمويل الحرب على اليمن، والوصول بمعيشة الشعب إلى أدنى المستويات بإدارة وإشراف تحالف العدوان على اليمن”.
ويأتي السؤال هنا عن الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة الموالية للتحالف، التي سبق وأن استنفدت مبلغ 665 مليون دولار من حقوق السحب المقدمة من صندوق النقد الدولي في أغسطس من العام الماضي 2021، في أعقاب استنفادها مليارات الدولارات من احتياطي البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، والتي على إثر استنفادها اتهمت لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي أواخر يناير من العام الماضي 2021 البنك المركزي في عدن بممارسة الفساد وغسل الأموال.
خبراء اقتصاد أكدوا من جهتهم أن المبلغ الذي خصصه صندوق النقد الدولي، والذي تستعد حكومة الرئاسي بدء التصرف فيه خلال الأيام القليلة المقبلة، لن يحدث أي تحسن في سعر صرف العملة المنهار في مناطق سيطرة هذه الحكومة، مشيرين إلى أن هذا المبلغ، الذي خصصه صندوق النقد ضمن اشتراطات قد تكون مجحفة وبأسعار فائدة قد تتجاوز المبلغ الممنوح خلال سنوات قليلة، سيكون ضرره على الاقتصاد اليمني أكثر من نفعه، حيث سيضيف خلال السنوات الأربع المقبلة قرابة نصف مليار دولار إلى الدين الخارجي على البلاد، الذي قفز في ظل هذه الحكومة من 6 مليارات و765 مليون دولار عام 2014، إلى 9 مليارات دولار نهاية 2019.
وتنبأ الاقتصاديون لمبلغ القرض المقدم مؤخراً من صندوق النقد الدولي، بمصير مشابه لمصير مليارات الدولارات التي بددتها الحكومة الموالية للتحالف خلال السنوات الماضية، سواء من عائدات الثروات النفطية، أو من المساعدات الخارجية والتسهيلات والقروض والودائع.
وأضافوا أن سلطة العليمي وحكومته وكذلك التحالف والمجتمع الدولي، جميعهم يدركون أن أي دعم يقدم لهذه الحكومة التي ثبت فشلها وفسادها وتورطها في قضايا تبييض أموال، لا يمكن أن يساعد في إحداث أي ملامح إنعاش للاقتصاد اليمني، بما في ذلك وقف التدهور المستمر للعملة، في المحافظات التي تسيطر عليها، لافتين إلى أن قرابة أربعة أعوام منذ بدء الانهيار الحاد لسعر العملة، كانت بمثابة فرصة كافية لخلق معالجات تحد من هذا الانهيار وتحفظ للعملة قيمتها، سيما في ظل استحواذ هذه الحكومة على موارد البلد الاقتصادية من عائدات النفط والغاز والمنافذ البرية والبحرية والجوية، واستئثارها بالمساعدات الدولية والمنح وغيرها.