تقرير خاص – يمن إيكو
ظهر السفير الأمريكي، ستيفن فايغن، قبل أيام في محافظة حضرموت، في زيارة مفاجئة ومخالفة للبروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، بعد قرابة عشرين يوماً من سريان القرار الذي اتخذته صنعاء بمنع تصدير النفط اليمني، واستهداف قواتها ميناءي الضبة بحضرموت والنشيمة بشبوة، لمنع ناقلتين نفطيتين من تحميل كميات من النفط الخام، لتكشف هذه الزيارة عن دلالة واضحة على انزعاج أمريكي من وقف عمليات تصدير النفط اليمني، وهو الانزعاج الذي لا يمكن أن يأتي إلا تبعاً لمصلحة أمريكية كامنة وراء استمرار عمليات التصدير.
السفير الأمريكي، خلال زيارته، أعاد الحديث عن إدانة بلاده لاستهداف قوات صنعاء ميناء الضبة في حضرموت عبر الطائرات المسيرة، كما تحدث عن تأثير هذا الاستهداف على الاقتصاد اليمني وعلى حضرموت بشكل خاص، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره إفصاحاً عن علاقة هذه الزيارة بالعملية الهجومية، وتعبيراً عن مدى انزعاج واشنطن منها، وما تعكسه من جدية صنعاء بشأن وقف صادرات النفط اليمني.
ظاهرياً، يتم تصوير الحضور والتواجد الأمريكي في حضرموت على أنه يرتبط بتقديم الدعم العسكري النوعي لقوات التحالف بقيادة السعودية، المتمركزة في المحافظات اليمنية الشرقية بحُجة دعم قوات مكافحة الإرهاب، لكن معطيات الواقع تكشف حقيقة هذا التحرك الأمريكي، الذي لا يخرج عن الأطماع الأمريكية في هذه المحافظة، والتي تسارعت وتيرتها مع تزايد الطلب العالمي على النفط والغاز، كون محافظة حضرموت إلى جانب محافظتي شبوة ومارب، (ما يعرف بالمثلث النفطي)، هي مصدر النفط والغاز في اليمن.
وبالنظر إلى تزامن زيارة السفير الأمريكي إلى حضرموت ولقائه قيادة السلطة المحلية المعينة من الحكومة الموالية للتحالف، مع توقف صادرات النفط اليمني، إثر تهديدات صنعاء، الرافضة لتواصل أعمال إنتاج وتصدير النفط، بدون أن ترجع عائداته لصالح الشعب اليمني وفي المقدمة صرف مرتبات الموظفين ومعاشات المتقاعدين، فإن هذه الزيارة التي تعكس كما أسلفنا انزعاجاً أمريكياً حيال توقف صادرات النفط، تفتح المجال واسعاً للتساؤلات حول الباعث الحقيقي لهذا الانزعاج، خصوصاً إذا ما أدركنا أن ما هو معلن من حجم الصادرات النفطية قد لا يبدو كافياً لهذا الانزعاج، الأمر الذي يقود إلى تساؤل آخر، يتعلق بالغموض الذي يكتنف الحجم الفعلي لصادرات النفط اليمني، في ظل إصرار الحكومة الموالية للتحالف على عدم الإفصاح عن الرقم الفعلي للإنتاج اليومي من النفط الخام اليمني.
ورغم ما تشير إليه هذه الزيارة من انزعاج واشنطن من فرض صنعاء لوقف عمليات إنتاج وتصدير النفط اليمني، فإنها تأتي في سياق المخططات والتدخلات الأمريكية في اليمن، والتي تعود لعدة عقود، وإن كانت قد نشطت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث أن هذه الزيارة هي الثانية من نوعها للسفير الأمريكي إلى محافظة حضرموت، خلال أقل من نصف عام، حيث كانت الزيارة الأولى منتصف العام الجاري، عقب تعيين فايغن في منصبه، الأمر الذي يعكس تصاعد وتيرة التحركات الأمريكية في اليمن، وتركيزها على المحافظات الشرقية من البلاد بشكل خاص.
وجاءت زيارة السفير الأمريكي هذه المرة، على غرار الزيارة السابقة له، من حيث تجاوز كل البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، وتجاهل أي سلطة مركزية في البلاد، في حين أن البروتوكولات الدولية تؤكد عدم التعامل المباشر مع السلطات المحلية بعيداً عن السلطات المركزية للدول، وهو الأمر الذي يشير- إلى جانب ما يمثله من انتهاك للسيادة- إلى مدى الإصرار الأمريكي على تعزيز الحضور في محافظة حضرموت وغيرها من المحافظات شرق البلاد، سيما وأنها سبق وأن دفعت بقوات عسكرية إلى محافظتي حضرموت والمهرة، حيث تتواجد هذه القوات التي تضم خبراء عسكريين أمريكيين، ومن قوات متعددة الجنسيات في مطار الريان، ومناطق عسكرية عديدة في المحافظتين.
وبحسب ما تحدث به محللون فإن الزيارة تحمل دلالة أن واشنطن ستزيد من تواجدها العسكري في المحافظة، بعد أن وجدت لها حجة جديدة، وذريعة مقبولة أمام المجتمع الدولي، وهي مواجهة أي تداعيات قد تؤثر على استمرار تدفق النفط وتنسيق الجهود في مجال تأمين حركة الملاحة في البحر العربي، إلى جانب التأكيد على استمرار الدور الأمريكي الذي يأتي تحت لافتة ضمان استقرار الأوضاع بحضرموت، والتعاون والتنسيق مع السلطة المحلية المعينة من الحكومة الموالية للتحالف في المجال الأمني.