تقرير خاص- يمن إيكو
مع اقتراب الهدنة الأممية المعلنة في اليمن على الانتهاء، تظل البنود الأربعة: السماح لسفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، والرحلات التجارية الجوية بين مطار صنعاء ومطاري: الأردن والقاهرة، وفتح الطرقات، والمرتبات منقوصة التنفيذ، ما يجعل تمديد الهدنة أمام جردة حساب قد تقوض فرص تحقيق تطلعات الشعب اليمني بتمديد يعالج ما أحدثه حصار السبع السنوات الماضية.
وفيما يتعاظم الاحتياج المحلي للمشتقات، يظل الوضع التمويني مرشح لعودة الأزمات المتفاقمة في أقرب وقت، بسبب استمرار القرصنة البحرية، واحتجاز السفن مع تصاريحها الأممية الصادرة من بعثة UNVIM))، حيث قالت شركة النفط اليمنية التابعة لحكومة صنعاء(الحوثيين): إن سفينةً جديدةً بحمولةٍ أكثر من 31 ألف طن احجزها التحالف اليوم الإثنين ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة بالرغم من تفتيشها وحصولها على التصريح الأممي، معتبرة الحادثة خرقاً جديداً للهدنة.
وأكدت الشركة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن احتجاز سفينة (أحد) اليوم يرفع عدد سفن المشتقات النفطية المحتجزة إلى (5) سفن نفطية منها سفينة تحمل مادة الغاز، و(4) سفن نفطية بحمولة إجمالية تبلغ (118,284) طن من مادتي البنزين والديزل.. مشيرة إلى أن الاحتجاز استمر لفترات متفاوتة بلغت بالنسبة للسفن المحتجزة حالياً “12” يوم.
وتتضارب التصريحات حول عدد السفن التي دخلت خلال ما مضى من الهدنة ففيما تؤكد حكومة صنعاء (الحوثيين) وصول نحو 24 سفينة مشتقات حتى 21 يوليو إلى ميناء الحديدة، من أصل 36 سفينة تم الاتفاق على دخولها خلال زمن الهدنة.. نافية على لسان مدير شركة النفط عمار الأضرعي تصريحات مكتب المبعوث الأممي الى اليمن “هانس جروندبيرج”، التي تفيد بدخول “26 سفينة وقود تحمل 720,270 طناً مترياً إلى الميناء، خلال الفترة بين (1 أبريل، وحتى 21 يوليو 2022م).
مطار صنعاء الدولي
وفي وقت تزداد الرؤى الأممية إزاء الرحلات التجارية التي نص عليها اتفاق الهدنة بين مطاري: صنعاء- القاهرة، غموضاً، لم يبدر حتى اللحظة أي تفسير لتعثر هذه الرحلات أو تصور أممي -لتعويض هذه الرحلات- يمكن الرهان عليه في ممكنات التمديد، وخصوصاً مع دخول الهدنة أيامها الأخيرة، وسط حاجة مُلِحَة لآلاف الحالات المرضية المحتاجة للسفر العاجل.
وقال رئيس وفد (الحوثيين) المفاوض محمد السلام الرحلات عبر مطار صنعاء، كان المفترض أن تكون هناك 32 رحلة عبر مطار صنعاء ولكن ما تم إلى الآن هو 18 رحلة.. معتبراً توقف فتح المطار في بداية الهدنة في 2 ابريل من العام الجاري، ولمدة شهر ونصف غير مبرر
وأوضح عبد السلام “أن الرحلات إلى مصر لم تتم، وتمت رحلة يتيمة من أجل التلميع والحديث أمام الأمم المتحدة”، حسب تعبيره- مؤكدا أن الطرف الآخر يرفض جدولة الرحلات وهو ما سيُحدِث إرباكاً لدى المسافرين، وبالتالي لا يتمكن الكثيرون من إدراكها، كما يرفض إدخال الوقود الخاص بالطائرات إلى مطار صنعاء.
فتح الطرقات
بند فتح الطرقات هو أكثر معيقات التمديد، فرغم أن الاتفاق ينص على تشكيل لجنة تناقش فتح طرق ممكنة في تعز وفي المحافظات الأخرى؛ ظل الجدل قائماً في توصيف الطرقات المراد فتحها في نص اتفاق الهدنة، ففيما تطالب حكومة صنعاء (الحوثيين) بفتح جميع طرقات المحافظات المقفلة بسبب الحرب، تصر الحكومة المعترف بها دولياً على قصر النص على طرقات محددة في محافظة تعز.
وخلال زمن الهدنة بفترتيها الأولى والثانية، ظلت الطرق البديلة بين تعز وابين ولحج وعدن مشحونة بنيران التوترات ونقاط الأحزمة الأمنية المتعددة، ومساراتها المتعرجة في طول تلك المناطق معقدةً سبل العيش ومضاعفةً التداعيات الاقتصادية في شكل خسائر كارثية يتكبدها المواطنون والتجار، مستنزفة الكثير من الأرواح، والبضائع، والأغذية والمؤن، والمركبات التي تشكل بحد ذاتها رؤوس أموال ومصادر عيش لكثير من الأسرة المعدمة.
صرف المرتبات
أما بند المرتبات، فظل هو الحاضر الغائب، في سير كل الأحاديث والتصريحات، فقط إذ لم يقترب من نقطة تشير لانفتاح أفقه المسدود، رغم حضوره بشكل أو بآخر في نص اتفاق الهدنة، حيث تواصل الحكومة المعترف بها دولياً رهانها وخطابها على أن إيرادات ميناء الحديدة (المحاصر)، تكفي لصرف المرتبات الشهرية لموظفي القطاع العام اليمني، في خطابٍ اعتبرته حكومة صنعاء (الحوثيين) تنصلاً واضحاً عن تعهداتها بصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2016م عقب الإعلان عن قرار نقل عمليات البنك المركزي اليمني إلى عدن.
وشددت الأخيرة على لسان رئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام على ضرورة تضمين صرف المرتبات في هذه الهدنة وأنها لا تمانع في صرف مرتبات الموظفين من الإيرادات التي تأتي من ميناء الحديدة والإيرادات الأخرى، بما فيها عائدات النفط.. مطالبة بتوجيه إيرادات البلاد إلى حساب خاص لصرف رواتب الموظفين، بما فيها رواتب المتقاعدين والمرتبات الموقوفة في السابق، في مقابل ذلك رفضت الحكومة المعترف بها دولياً، وسط فشلٍ ذريعٍ عن الوفاء بالتزاماتها في من مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها.
خلاصة القول: إن جميع البنود الأربعة من الهدنة – التي باتت في الأسبوع الأخير من زمن مرحلتها الثانية- منقوصة التنفيذ وبعضها غائب الحضور، في مؤشرات تؤكد أنها لا تمضي إلى التمديد إلا في حالة واحدة مرهونة بتقديم الأمم المتحدة لحلول وسطية تكفل تعويض البنود المنقوصة ليس بما هو ناقص التنفيذ في بندي مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، بل بإقناع الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف برفع كامل الحصار البحري والجوي، وهذه مهمة صعبة المنال أمام جهود الأمم المتحدة التي تعجزت تصاريحها من إيصال السفن الى ميناء الحديدة.