تقرير خاص – يمن إيكو
تسببت سنوات الحرب والحصار التي يشنها التحالف في اليمن للعام الثامن على التوالي، بخسائر مهولة طالت جميع القطاعات الاقتصادية اليمنية، لكن ما طال القطاع الصناعي وقدراته الإنتاجية، كان هو الأكثر تأثيراً في الاقتصاد، بحكم امتلاك هذا القطاع مرافق ومنشآت كانت تساهم بنحو 31.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوظف حوالي 14.5% من إجمالي العمالة في البلاد، وفق دراسة اقتصادية صادرة عن القطاع الخاص.
خسائر القطاع الصناعي اليمني، أخذت في التصاعد خلال سنوات الحرب والحصار، خصوصاً في الأعوام الثلاثة الأولى منها، جراء القصف والحصار، فحتى نهاية 2018م، قدرت وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء خسائر القطاع الصناعي بنحو 15 مليار دولار، وقدر الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية خسائر القطاع الصناعي الخاص في 2018 فقط، بنحو مليار و373 مليون دولار، منها 55% نجم جراء القصف المباشر لطيران التحالف، و35% خسائر غير مباشرة.
وقدرت دراسة حديثة صادرة عن الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية الصناعية، أن القطاع الصناعي بشقيه الاستخراجي والتحويلي واصل انكماشه السنوي إلى حوالي -17%، فيما يصل حجم الانكماش التراكمي في قيمة الناتج المحلي الإجمالي الجاري لقطاع الصناعة بنسبة 52% مقارنة بحجمه قبل الحرب.. موضحة أن الخسائر الاقتصادية التراكمية في ناتج القطاع خلال سنوات الحرب السبع بلغت 14.1 تريليون ريال (ما يعادل 35 مليار دولار) منها 30.5 مليار دولار خسائر القطاع العام، والمتمثل في عوائد الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز) وحوالي 4.5 مليار دولار خسائر القطاع الصناعي.
الحرب والحصار والقصف المباشر الذي طال 407 منشآت صناعية خلال السنوات السبع، فيما تسببت التداعيات غير المباشرة، في توقف 29% من منشآت قطاع الصناعات التحويلية، كما شلت الحرب الكثير من العمليات الإنتاجية في القطاع، تحت ضغط أزمات الوقود، وحصار التحالف لواردات ومدخلات الإنتاج من المواد الخام والمستلزمات الوسيطة اللازمة للعملية الإنتاجية، ما أدى إلى تراجع أعداد العاملين في القطاع الصناعي الخاص من حوالي 241 ألف عامل في عام 2013 إلى أقل من 190 ألف عامل في أواخر عام 2015م، فيما خسرت لذلك الانكماش نحو 739 ألف فرصة عمل، ليرتفع معدل البطالة الكلي إلى نحو 32% من إجمالي القوى العاملة، وفق دراسة الاتحاد.
لم يكن تدمير القطاع الصناعي اليمني أحداثاً عارضةً لمجريات سبع سنوات من الحرب، بل كان هدفاً استراتيجياً وإن لم يعلن، فالحرب الاقتصادية الممارسة على الأرض قد أفصحت نتائجها الكارثية عن أهداف ضمنية متعددة موصولة بمساعي دول التحالف في تدمير القدرات الإنتاجية وتحويل الكتلة السكانية اليمنية إلى سوق مستهلكة لمنتجاتها، التي تملأ الأسواق بعد أن تراجعت المنتجات اليمنية جراء تداعيات الحرب والحصار المشار إليها سابقاً.
الوجه الآخر لأهداف التحالف من وراء تدميره قطاع الصناعات اليمنية يتجلى- وفق مراقبين- في إغراق أسواق الشعب اليمني بمنتجات الخليج، لا سيما المنتجات الإماراتية والسعودية اللتين عزفتا بالتزامن مع ذلك عن استيراد معظم المنتجات اليمنية، بل أغلقتا منافذ الصادرات اليمنية إغلاقاً كاملاً، وأبقتا على أبواب الواردات الموصولة بمنتجاتهما فقط، متعمدتين فتح أبواب التهريب في مناطق سيطرتهما خارج الدوائر الجمركية.. واعتبر المراقبون ذلك حرباً موازية للآلة العسكرية الأحدث في تاريخ الحروب، وأن البنية الإنتاجية اليمنية في مختلف المجالات، وبالأخص الإنتاج الصناعي أخذت حصة الأسد من الحرب الاقتصادية.