تقرير خاص
عاشت الأسر اليمنية التي تعتمد على التحويلات المالية المحلية والخارجية، أسوأ أعوام الحرب والحصار السبع، إذ شهد العام المنصرم 2021 اختلالات كارثية على مستوى قيمة العملة على الصعيد المحلي، وتحديدا في مناطق سيطرة التحالف، وتصعيد الحصار الاقتصادي الذي شمل الرقابة المالية الشديدة والتضييق المتواصل على المغتربين اليمنيين في العالم، عامة وفي الخليج خاصة.
محليا.. ارتفعت عمولة الحوالات المالية من مناطق سيطرة التحالف إلى مناطق حكومة صنعاء إلى حدود خيالية جعلت التحويل بـ 100ألف ريال يوجب على المحول دفع أكثر من 200 ألف ريال ليصير المبلغ 300 ألف ريال، وذلك بسبب انهيار قيمة الريال في تلك المناطق إلى 1750 ريالاً للدولار الواحد، و420 ريالاً يمنياً للريال السعودي.
ويرى المراقبون أن استمرار الانقسام المالي منذ نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وما ترتب عليها من فشل ذريع في إدارة الموارد والسياسة النقدية وانهيار قيمة الريال، وارتفاع نسب التحويل، على الصعيد المحلي، تسبب بفقدان عشرات الآلاف من الأسر اليمنية تعيش في مناطق حكومة صنعاء لمصادر رزقها، بعد أن عجز معيلوها في مناطق سيطرة التحالف عن جمع تلك الأموال مقابل الحوالات المالية لمختلف شرائح العاملين والتجار، بما في رواتب موظفي القطاع العام والخاص الذين يعملون في تلك المناطق وأسرهم في مناطق حكومة صنعاء التي يتركز فيها نحو 75% من سكان اليمن.
وعلى الصعيد الخارجي، تراجع مؤشر تحويلات المغتربين اليمنيين إلى أدنى مستوى له منذ 26 مارس 2015م، إذ تشير بيانات رسمية إلى انخفاض نسبة التحويلات بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 22.8% إلى 11.1%، جراء انخفاض تدفق الحوالات المالية للعمالة اليمنية في الخارج.
وفيما كانت آلاف الأسر اليمنية قد استفادت خلال سنوات الحرب الأولى من التحويلات المالية من اليمنيين العاملين بالخارج، والبالغة نحو 3.77 مليار دولار في العام 2019م، أي حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي.. تؤكد محلات وشركات صرافة أن التحويلات المالية إلى اليمن ظلت في مستوى منخفض طوال الفترة الماضية من عام 2021، بعد أن تراجعت 70% منذ تفشي جائحة فيروس كورونا في منتصف عام 2020.
وتلقت مئات الآلاف من الأسر المعتمدة على تلك التحويلات صدمات معيشية مركبة، خصوصا بعد أن وجدت كثير منها معيليها أنفسهم أمام ضرورات العودة أو الترحيل القسري، خصوصا من السعودية، بلا عمل، وسط حلقات تفاقم الأزمات الاقتصادية الناتجة عن انهيار العملة وارتفاع الأسعار وانعدام الموارد المتاحة لمواجهتها، لتتوقف أغلب تلك الأسر عن تعليم أبنائها والدفع بهم إلى سوق العمل.
ومع عودة عشرات الآلاف من المغتربين من دول اغترابهم، خصوصاً من السعودية، زاد الطلب بصورة قياسية طوال عام 2021 على السلع الغذائية والوقود والمساكن والخدمات العامة الشحيحة المتوفرة من كهرباء ومياه وغيرهما، وتعرضت الأسر الأفقر للضرر الأكبر، فضلاً عن التأثيرات غير المباشرة على الإنتاج والأنظمة الغذائية والعمل.
ووفقاً لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة، تشكل التحويلات المالية جزءاً من الدخل المنتظم لبعض الأشخاص، حيث يرسل المهاجرون ما نسبته 15% من دخلهم إلى أوطانهم، بينما تمثل التحويلات في كثير من الأحيان ما يصل إلى ما يقارب 75% من دخل الأسرة كما هو الحال في اليمن.
ويرجع المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية تفاقم تضرر الاقتصاد اليمني، إلى انهيار التحويلات المالية من العاملين بالخارج، معتبرا ذلك واحدا من أهم الأسباب، إلى جانب الحرب والحصار، مما أضر بالدخل والعمالة في كافة أنحاء البلاد، ناهيك عن معاناة الاقتصاد السابقة بسبب الحرب التي أسفرت عن خسارة 45% من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بحلول نهاية 2019م.