تقرير/ خاص
“عندما يثق بك الناس، تكون كلماتك من ذهب، حتى وأنت تكذب، وعندما تدمر الثقة بسلوك مغاير لأفكارك المعلنة لن يصدقك أحد، حتى وأنت صادق”.. ما أشبه دلالات هذه الحقيقة الصادمة- التي طرحها عدد من خبراء الإدارة والتعاملات- بقرارات البنك المركزي بعدن ومسار انهيار قيمة الريال أمام العملات الخارجية (الدولار والريال السعودي)، حتى غدت أي قرارات أو إجراءات يتخذها البنك محطة سوداوية لسقوط أكثر لقيمة الريال أمام الدولار، الذي شهد سعره في كل مرة تهدئة لحظية متبوعة بصعود صاروخي، منذ بدء العمل الإجرائي لنقل وظائف البنك المركزي اليمني إلى عدن في نوفمبر 2016م، وكان سعر الصرف حينها في حدود 300-305 ريالات للدولار الواحد، و81-83 ريالاً يمنياً للريال السعودي.
قرار نقل وظائف البنك، قُرِن بذريعة حكومة هادي الحفاظ على العملة الوطنية التي باتت تتدهور في ظل حكومة الإنقاذ بصنعاء، لكن أولى نتائج القرار العكسية برزت في نهاية يناير 2017م، حين كان البنك يجري استعدادات مناقلة الأرصدة والحسابات الموصولة بالجهات الحكومية إلى بنوك سعودية، تضمن وصول حكومة هادي المقدر لها المكوث في الرياض بسهولة إلى تلك الأرصدة من إيرادات النفط اليمني، ليقفز سعر صرف الدولار حينها إلى 340 ريالاً يمنياً.
وفي وقت وافقت السعودية على إيداع ملياري دولار في البنك المركزي بعدن لدعم الاستقرار المالي في 19 فبراير 2017م لكنها لم تحدد موعد الإيداع، في خطوة اعتبرها مراقبون أولى خطوات المؤامرة الخارجية على خط تدمير الريال اليمني، ووفق سيناريو الليرة اللبنانية، على اعتبار أن من سيديرون هذه الوديعة غير جديرين بإدارتها واستغلالها تنموياً، وعلى غير المعلن بالحفاظ على العملة وصل سعر الصرف في نهاية مارس إلى 364 ريالاً للدولار، لكنه شهد تهدئة مقرونة بتذبذب طفيف تأرجح عند حدود (364-370 ريالاً) خلال شهري إبريل ومايو 2017م بفعل الدعم الدعائي والإعلامي للتحالف لمسار استكمال نقل وظائف البنك وتحويل مسار الإيرادات، وهو ما اعتبره مراقبون مساراً استدراجياً للبنك، خصوصاً مع إعلان مؤسسة النقد العربي السعودي استعدادها تقديم الدعم الفني لإنجاح مركزي عدن، ليتمكن من إعادة أسعار الصرف إلى 221 ريالاً، ومع ذلك ظل سعر الصرف يتذبذب عند الحدود المذكورة آنفاً.
وتحت ذريعة السيطرة على السوق المصرفية أصدر مركزي عدن قرار تعويم سعر الصرف للريال اليمني في 15 أغسطس 2017م، في قرار اعتبره محللون خطأً استراتيجياً قد تكون أقسى مآلاته المضاربة المقننة، تبدأ بتحسن لحظي في سعر الدولار كمحاولة لتكييف السوق على أن يحوم سعر الدولار عند حدود 370-390 ريالاً، ولكنه ما لبث أن اجتاز حاجز الـ400 ريال ليسجل في نهاية ديسمبر 2017م 454 ريالاً بيعاً، فيما صعد الريال السعودي إلى 119.60 ريال بيعاً، وسط مطالبات البنك للسعودية بضرورة إنجاز الوديعة المعلن عنها في بداية العام، لتعلن السعودية في 17 يناير 2018م، إيداع ملياري دولار في البنك المركزي اليمني، تحت عنوان فضفاض يفيد بأن هذه الخطوة الإجرائية ستوقف انهيار الاقتصاد، وليس انهيار العملة فقط.
وفي وقت كان يفترض أن تفرمل الوديعة تدهور العملة اليمنية، وبناء على ذلك، فقد شهد سعر صرف الدولار تراجعاً إلى ما دون 440 ريالاً يمنياً للدولار الواحد في 22 يناير 2018م، وظل يتأرجح عند الحدود الأدنى من حاجز 500 ريال، لكن هذه التهدئة كانت محفوفة بالخطر، وسط دعوات الرباعية الدولية التي أطلقتها (بريطانيا أمريكا السعودية الإمارات) في 17 فبراير 2018م بضرورة توحيد العمل البنكي في اليمن عبر مركزي عدن، وجددت واشنطن في نهاية أبريل دعمها لإجراءات البنك المركزي بعدن أثناء لقاء في الرياض جمع هادي بالسفير الأمريكي في اليمن، الذي سبق له أن هدد بصريح العبارة بجعل قيمة الريال اليمني لا تساوي الحبر الذي طبع به.
وتكررت التصريحات الأمريكية بشأن دعم البنك المركزي بعدن، وهي ما اعتبرها مراقبون تغطية دولية على فساد مالي كبير استدرج البنك المركزي بعدن إليه، يجري هذا الفساد بعلم الإدارة الأمريكية والتحالف الذي يدير موجة سرية من تفتيت حكومة هادي إلى قوى تتصارع على البنك، مستدلين بأن تلك التصريحات والاهتمامات أفضت إلى الضغط على هادي لإصدار قرار جمهوري من المملكة السعودية قضى بتعيين نائب لمحافظ البنك، محسوب على الانتقالي، وهو شكيب حبيشي في 19 فبراير 2018م.
غير أن الخطر الذي كان ينتظر قيمة الريال هو إصدار البنك المركزي بعدن، بتشجيع التحالف، دفعة نقدية جديدة من العملة فئة 200 ريال في منتصف أغسطس 2018م، وسط تحذيرات بأن تلك العملة شكلاً ومضموناً غير قانونية، بخروجها عن شكل العملة المقرة في دستور الجمهورية اليمنية والقوانين واللوائح الناظمة للسياسة المالية والنقدية، لتكسر هذه الدفعة النقدية جمود أسعار الصرف لصالح الدولار، الذي بلغ في ٢١ نوفمبر ٢٠١٨م ولأول مرة في تاريخه 550 ريالاً يمنياً.
وفي 13 ديسمبر 2018 أعلن البنك المركزي بعدن والصرافون اتفاقاً شكلياً على سعر العملة، والحد من انهيار الريال، غير أن البنك في الوقت نفسه تمسك بـ «التعويم» معلناً قرب وصول كتلة نقدية جديدة من فئة 100 ريال، وسط تحذيرات من إضعاف قيمة الريال بعملة غير قانونية وبمواصفات رديئة لا ترقى لأن يقال عليها عملة، لكن المؤامرة الدولية كانت حاضرة، إذ أعلنت الأمم المتحدة دعمها لبنك مركزي عدن ليتنفس الريال تحسناً طفيفاً، ما لبث أن قفز من حدود 520-540 ريالاً للدولار الواحد شراء وبيعاً في 31 ديسمبر 2018م، إلى 590 ريالاً يمنياً في 10 فبراير 2019م.
وفي 1 أبريل 2019م أعلن في الرياض توقيع اتفاق بين وزارة المالية والبنك المركزي بعدن ومؤسسة النقد العربي، نص على تحويل المرتبات بالريال السعودي ومركزي عدن يتولى الصرف، تبع ذلك إقرار مركزي عدن آلية جديدة لمستوردي النفط 3 أبريل 2019م، محدثاً أزمة تجارية، اتهم فيها بعض التجار حكومة هادي بأنها أعطت تجاراً محسوبين على هادي أحقية الاستيراد عبر مصفوفة من التسهيلات، أهمها السعر التفضيلي في أسعار الدولار التي لا تزيد عن 250 ريالاً للدولار الواحد، مع رفع الغطاء الرقابي عن تعاملاتهم، ما جعل سعر الدولار يتحسن بشكل طفيف عند حدود 540-570 ريالاً، نظراً للمضاربة التي أكسبت التجار ثروات باهظة وألقت بظلالها على شحة المواد الأساسية، ومع سباق التجار على الكتل الدولارية التي أتاحها البنك المركزي بعدن أعلن البنك استعداده بيع الدولار للبنوك بـ 506 ريالات.
وفيما أعلن الصندوق العربي للإنماء دعم البنك المركزي بعدن الذي وجد خزينته مقاربة على نفاد الوديعة، التي تصرف على دفع مرقمة، وفق قرارات تصدر من الرياض، وجّه البنك المركزي بعدن نداء للبنوك والتجار بضرورة سرعة توريد 30% من قيمة الاعتمادات المستندية، لكن ذلك لم يُجدِ فقد ذهبت المبالغ للمضاربة ولم تذهب لشراء السلع الضرورية، فأعلن البنك في 26 يونيو 2019م عن مصارفات جديدة للسلع غير المدعومة من الوديعة السعودية، وذلك عقب وصول 20 حاوية فئة 100 ريال إلى مركزي عدن، فيما سعر الدولار يقترب من حاجز الـ 600 ريال.
وفي منتصف يوليو تخلى البنك عن وعوده حيال الحد من انهيار قيمة الريال وإعادة سعر الدولار إلى الحدود المعقولة، فحاول تكييف السوق المصرفية على سعر خارج حاجز الـ500 ريال معلناً تثبيت سعر الدولار عند 506 ريالات، ومع اقتراب سعر الدولار من حاجز الـ 600 مرة أخرى، أعلن البنك المركزي بعدن استقباله دفعة جديدة من الأوراق النقدية المطبوعة بروسيا في 13 نوفمبر 2019م، مؤكداً أن تلك الكتلة النقدية ستوقف انهيار قيمة الريال، لكن التهدئة لم تلبث أكثر من أسبوع فصعد مرة واحدة إلى 610 ريالات، فيما أسفرت موجات انخفاض قيمة الريال اليمني إلى هذا الحد خلال عامي 2018 و 2019م عن ضغوط تضخمية فاقمت من حدة الأزمة الإنسانية، وفق تقرير البنك الدولي.
العام 2020م دخل على مسار انهياري متواصل، تزامن مع تلاحق إعلانات وصول أذون السحوبات من الوديعة السعودية، على دفع مرقمة، وسط استمرار تخبط البنك واختلاقه الأعذار، لكنه اعترف ضمنياً بغياب الرقابة عندما حمّل شركات الصرافة في مناطق سيطرة التحالف مسؤولية سقوط الريال، ولم يلتفت إلى ما يجري على الأرض من مسار انحداري لقيمة العملة، فمن 646 ريالاً للدولار الواحد، و170 ريالاً يمنياً للريال السعودي، في نهاية يناير 2020م قفزت أسعار الصرف إلى (665-668 ريالاً يمنياً للدولار) شراء وبيعاً بنهاية مارس من العام نفسه، ومن حدود 683-686 ريالاً يمنياً للدولار شراء وبيعاً، بنهاية ابريل، أما في نهاية مايو فقد وصل سعر صرف الدولار إلى حدود (699-704 ريالات) وفي نهاية يونيو (744-755 ريالاً) وفي نهاية يوليو (753-757 ريالاً) والريال السعودي عند (198-199 ريالاً يمنياً)، وفي نهاية أغسطس وصل الدولار (799-805 ريالات) والسعودي (210-211 ريالاً).
ومع مطلع أكتوبر انهارت قيمة الريال إلى حدود (819-826 ريالاً للدولار الواحد) والسعودي (214-215 ريالاً)، ليحاول مركزي عدن تغطية ذلك الهبوط المستمر بالتحذير من التعامل مع الشركات غير المرخصة، معترفاً ضمنياً بغيابه الرقابي شبه التام عن السوق المصرفية للمرة الثانية، وأن ثمة شركات تعمل بلا تراخيص، لكن ذلك الاعتراف كان خطوة لتبرير إقراره تشكيل لجنة لتأسيس شبكة حوالات موحدة في 11 أكتوبر 2020م بهدف المعالجة الجذرية لمسار الانهيار، غير أن ذلك لم يُجدِ بعد فقدانه للثقة تماماً بوعود خائبة كسابقاتها، فمع نهاية أكتوبر سجلت قيمة الريال هبوطاً قاسياً إلى قاع جديد، أتاح للدولار القفز إلى 834 ريالاً شراء و844 ريالاً بيعاً، والريال السعودي 220 شراء 221 ريالاً يمنياً بيعاً.
ومع بلوغ سعر الدولار 870 شراء و875 بيعاً والريال السعودي 228 شراء 229 بيعاً بنهاية نوفمبر 2020م اتهم مركزي عدن المنظمات بأنها لم تورد مخصصاتها إلى عدن، ما تسبب في انهيار الريال، مطالباً بتوحيد قنوات استقبال المساعدات الدولية عبر البنك، لكن تفاقم أزمة الثقة قد سدت آذان المنظمات، بمشهد الفشل الواضح، خصوصاً مع اقتراب سعر صرف الدولار في مطلع ديسمبر 2020م من حاجز الـ900 مسجلاً (877-883 ريالاً) والسعودي (230.5-231.5ريال) وسط مطالبات بضرورة عودة حكومة هادي، لمعالجة الاختلالات والحد من انهيار قيمة العملة، التي ألقت بظلالها على كل القطاعات الخدمية والسلعية بما فيها الغذاء، وسجل الدولار 926 ريالاً يمنياً بيعاً، والريال السعودي 243 في 10 ديسمبر 2020م، وعندها أعلن البنك في اجتماع موسع يوم 12 ديسمبر 2020م تجميد ثلاثين شركة صرافة في محاولةٍ للتهدئة، مؤكداً اقتراب وصول الدفعة رقم 39 من الوديعة السعودية والبالغة 94 مليون دولار.
هذا الإجراء الشكلي، حسب المراقبين، قاد لتحسنٍ لحظي أعاد الدولار للتداول بين 852-860 ريالاً يمنياً شراء وبيعاً، والسعودي بين 224-226ريالاً شراء وبيعاً، وأضاف تحسناً لحظياً آخر بعد إعلان البنك في 20 ديسمبر عن قرب عودة الحكومة، وما ستمثله من دعم جديد باتجاه معالجة التشوهات السعرية، ليتعافى الريال بشكل احتفت به الحكومة والتحالف، بعد أن سجل سعر الصرف 764 ريالاً شراء و767 بيعاً، ونزل الريال السعودي 202 شراء، و205 بيعاً.. لكن ذلك التحسن كان، حسب المحللين للسوق، محاولة لتكييف السوق والمواطن على حدود مرتفعة بين 750-800 ريال للدولار، وبشكل مؤقت، وهو قاع تاريخي مقارنة بما كانت عليه قيمة الريال قبل نقل وظائف البنك من صنعاء، مؤكدين أن هذه الحدود مرشحة لسقوط مباشر لقيمة الريال قاد يصل قاع الـ1000 ريال للدولار الواحد، وأن تتجاوز قيمة الريال السعودي 300 ريال يمني.
رغم أن تلك التوقعات كانت محط تشكيك من قبل حكومة هادي وبنك مركزي عدن، إلا أن عام 2021م دخل والمشهد المالي والمصرفي يزداد تعقيداً، فما لبثت تلك التوقعات أن تحققت مع اتضاح الفشل الذريع للحكومة بعد عودتها في نهاية ديسمبر 2020م، في تأمين الخدمات وحل أزمة الكهرباء وإيقاف اشتعال جنون الأسعار في المواد الأساسية، وما لبثت قيمة العملة على التعافي نفسه بل تعرضت لنكسة جديدة من الهبوط، خصوصاً مع انفضاح أكبر جريمة فساد وغسل أموال في تاريخ البنوك المركزية، المتمثلة في تقرير فريق الخبراء المعني باليمن في 22 يناير 2021، المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي اتهم صراحة حكومة هادي بالفساد وغسل الأموال، وهيمنة نخبتها المقربة من هادي وقيادة البنك المركزي بعدن، ومستوردي الغذاء اليمنيين، بتبديد الوديعة السعودية البالغة قيمتها ملياري دولار.. مؤكداً أن دُفَع الوديعة السعودية لم تذهب جميعها إلى شراء السلع الأساسية، بل ذهبت إلى المضاربة في السوق السوداء، متسببة بالانهيار التاريخي لقيمة الريال اليمني.
وأوضح تقرير فريق الخبراء أن الأسعار التفضيلية التي منحت لمستوردي المواد الغذائية (وعددها الإجمالي 91 شركة) لم تنعكس فقط في أسعار المواد الغذائية وأسعار الصرف في السوق، بل شكلت فساداً وغسلاً للأموال.. مشيراً إلى عدم قانونية سعر الصرف التفضيلي، كونه ينتهك “عدداً من مواد قانون البنك المركزي رقم 14 لعام 2000 وأحكام القانون رقم 21 لعام 1991 بشأن البنك المركزي اليمني”.. وتبعاً لتلك الفضيحة فقد صعدت أسعار الصرف من 680 ريالاً للدولار قبل إعلان التقرير إلى 845 ريالاً يمنياً بيعاً في 25 يناير 2021م، والسعودي من 190 ريالاً إلى 219 ريالاً يمنياً بيعاً.
وفيما كان الريال يواصل هبوطه نحو حاجز الـ900 من جديد، وتجلى كامل الفشل النقدي والمالي والمصرفي والرقابي له، ضاعف البنك المركزي بعدن من بياناته ومطالبته في فبراير للمؤسسات الدولية بمصارفة أموالها عبره، وبرغم إعلان المنسق الأممي جريسلي تأكيده مواصلة الدعم لقدرات البنك المركزي بعدن ورفده بالنقد الأجنبي، إلا أن انحدار الثقة بالبنك وسياساته المالية والنقدية بدأ باتجاه عمق التعاملات البنكية بين مركزي عدن وفروع محافظات سيطرة التحالف، حيث أعلن بنك مركزي مارب رفض توريد إيرادات المحافظة إلى مركزي عدن، عبر إغلاق سيرفر الربط مع البنك، لمنع الاستعلام، حفاظاً على ما تبقى من احتياطي الفرع الذي يتعرض لاستنزاف من البنك المركزي بعدن، تزامن مع ذلك إعلان فرع بنك مركزي شبوة رفضه توريد إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي بعدن، ومع تاريخ 10 مارس 2021م تجاوز سعر الصرف حاجز الـ900 مسجلاً 907ريالات للدولار الواحد، و240 ريالاً يمنياً للريال السعودي، في قفزة اعتبرها مراقبون بداية لصعود صاروخي للدولار على حساب قيمة الريال اليمني.
ورغم نجاح محاولات التحالف والأمم المتحدة في الضغط باتجاه سحب تقرير فريق الخبراء، وإعلان حكومة هادي إجراءات ومعالجات شكلية، إلا أن قيمة العملة ازدادت تدهوراً، لتسجل في نهاية مايو أدنى مستوى لها في التاريخ، بعد أن صعد سعر الصرف إلى 933 ريالاً للدولار الواحد، والريال السعودي يقترب من 250 ريالاً.
ومع سقوط قيمة الريال إلى قاع جديد يقترب من الـ1000 ريال، حين سجل سعر الصر 990 ريالاً يمنياً للدولار الواحد، و270 ريالاً للريال السعودي؛ أعلنت حكومة هادي عن ضخ البنك المركزي بعدن أموالاً مطبوعة من فئة الألف “القديمة”، المطبوعة في 1 أغسطس 2021م، قدرت بنحو 500 مليار ريال، للسوق المحلية (طبعت بأثر رجعي بعد خمس سنوات من صدور قرار الطبع، وهي ما اعتبرتها صنعاء مزورة)، وسط توقعات بأن تمثل هذه الكتلة النقدية ضربة قاصمة تستهدف العملة المحلية، ليصعد سعر صرف الدولار من 990 ريالاً قبل ضخ تلك الكتلة في نهاية يوليو 2021م إلى 1050 ريالاً يمنياً للدولار الواحد، و280 للريال السعودي.
ومع هذا السقوط حاولت الأمم المتحدة، عبر صندوق النقد الدولي، مساعدة ودعم مركزي عدن، حيث أعلن الصندوق في 23 أغسطس 2021م تخصيص ما مجموعه 665 مليون دولار أمريكي من احتياطيات النقد الأجنبي لليمن، مانحاً حكومة هادي في الرياض حق التصرف بها، وهي الخطوة التي قوبلت برفض صنعاء، وتحذيرات المراقبين، بما تقوده دول الحرب الرباعية والأمم المتحدة من مؤامرة قاصمة للعملة اليمنية، عبر توفير الدعم الهائل للبنك المركزي بعدن، الذي فشل في إدارة الكتل الدولارية السابقة، وبددها بصور وأشكال غير قانونية، تسببت في انهيار قيمة الريال، أمام الدولار والريال السعودي اللذين قفزا من 1020 ريالاً للدولار، و268 ريالاً يمنياً للريال السعودي في نهاية أغسطس إلى 1190 ريالاً، والريال السعودي إلى 312 ريالاً يمنياً في 26 سبتمبر 2021م.
وفي خطوة أكثر صلة بما حذر منه المراقبون قبل منح حكومة هادي في الرياض صلاحية التصرف بنحو 665 مليون دولار من حقوق السحب، تجلت المؤامرة الدولية بالذات من تحالف الرباعية، مع اقتراب سعر الصرف من حاجز الـ1200 ريال للدولار و350 ريالاً يمنياً للريال السعودي، أعلن بنك أوف إنجلترا في 27 سبتمبر 2021م الإفراج عن قرابة 85 مليون جنيه إسترليني، ما يعادل 110 ملايين دولار من أرصدة اليمن المحتجزة حتى اتفاق الأطراف اليمنية، لتسجل قيمة الريال اليمني تعافياً ضئيلاً أعاده إلى 1130 ريالاً تعرضت بعده قيمة العملة اليمنية لأكبر نكسة في تاريخها، قفزت بسعر الدولار من 1140 ريالاً للدولار الواحد في نهاية سبتمبر 2021م إلى 1390 ريالاً للدولار الواحد، والسعودي 370ريالاً يمنياً في منتصف أكتوبر 2021م.