تقرير خاص-يمن ايكو
للعام السابع توالياً تشهد محافظة شبوة، كغيرها من مناطق سيطرة التحالف، أزمات اقتصادية ومعيشة وخدمية ضربت كل مناحي الحياة، مضاعفة معاناة المواطنين اليومية، التي تفاقمت بشكل واسع، وأفضت إلى احتجاجات شعبية واسعة طالبت سلطات المحافظة بالرحيل، إذا لم تتحمل مسؤولياتها تجاه معاناة المواطنين في عموم مديريات المحافظة، التي إلى جانب ثرواتها النفطية الهائلة، يقع على شواطئها ميناء ومطار بلحاف، ومنشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال في بلحاف كأكبر مشروع استثماري في البلاد، حيث أقيم بتكلفة 4.5 مليار دولار، على طول ساحل بحر العرب.
التحول اللافت في مسار واقعها الاقتصادي أن المحافظة التي تصطلي بنيران حرب التحالف وصراع أدواته في مناطق سيطرته، بدت اليوم أمام تحول جديد باتجاه الحد من تفاقم الانهيار الاقتصادي وتدهور العملة، حيث حُكم واقع خارطتها بمفارقات حدثين هامين، الأول وصول رئيس حكومة هادي في 27 سبتمبر المنصرم بأوامر من الرياض، في زيارة خاطفة ارتكزت على هدف الوساطة الواضحة بين قوات الإصلاح الموالية لهادي، بهدف تهدئة الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل القوات الإماراتية واستئناف تصدير الغاز، وقوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً، كسياج بشري أولي يحمي قوات أبو ظبي المسيطرة على المنشأة لصدّ أي تحرك شعبي محتمل تجاه بلحاف.
الحدث الثاني والأكثر صلة بالواقع الاقتصادي -حسب المراقبين- تمثل بوصول القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا، محافظ البنك المركزي اليمني بصنعاء، هاشم إسماعيل، الذي وصل أمس 1 أكتوبر 2021م، إلى مديريات بيحان وعسيلان وعين في محافظة شبوة، وحريب في محافظة مأرب- التي أصبحت بين عشية وضحاها في نطاق حكومة الإنقاذ- في زيارة رسمية للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المديريات الأربع، والذي أكد حرص صنعاء على تطبيع الأوضاع الاقتصادية، ودراسة الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع الاقتصادي المنهار الذي سببته دول التحالف وأدواتها.
وفيما أعرب رئيس حكومة هادي في زيارته لشبوة عن شكره للتحالف على مواقفه تجاه برامج وخطط حكومة هادي في الرياض، ودعمه اللامحدود للاقتصاد اليمني، والحد من انهيار قيمة الريال منذ بداية الحرب، مؤكداً حرص الحكومة على معالجة الاختلالات الاقتصادية التي تشهدها مناطقها.. أوضح هاشم إسماعيل في تقييمه الأولي للأوضاع أن الانهيار الاقتصادي والمعيشي، الذي عانى من تبعاته أبناء المديريات الأربع، جزء من السياسات المتعمدة لدول التحالف في مناطق سيطرته، التي كان هدفها إخضاع وتركيع المواطنين، وتحويلهم إلى أتباع، عبر التجويع والحرب الاقتصادية، حسب تعبيره.
وأشار إسماعيل إلى أن تلك المديريات تعاني حالياً من ارتفاع كبير في أسعار الصرف، الذي أدى إلى ارتفاع كارثي في أسعار السلع والخدمات، وانهيار القوة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.. كاشفاً عن لجان ميدانية من الجهات المختصة تعمل حالياً في المديريات الأربع، وقد حددت- مع ممثلي القطاع الخاص- مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تحقيق التحسن التدريجي للوضع الاقتصادي.
وأضاف إسماعيل: “إن تلك الإجراءات ستستغرق شهرين تقريباً حتى عودة الأحوال الاقتصادية إلى الوضع نفسه في المحافظات الحرة”.. مبيناً أنه- ومنذ مطلع هذا الأسبوع- سيقوم القطاع المصرفي والتجاري بإشهار قائمتين لأسعار الصرف والسلع، إحداهما بناءً على أسعار الصرف السائدة في المحافظات التابعة لصنعاء، والأخرى بناءً على أسعار الصرف السائدة في محافظات سيطرة التحالف.
وأكد أن هذه الإجراءات سيتم تنفيذها بشكل تدريجي للحفاظ على حقوق المواطنين والقطاع الخاص، بما يحقق مصلحة المواطنين بالدرجة الأولى وبدون أي آثار أو أضرار.. موجهاً البنك المركزي بمنح تراخيص- مع الإعفاء من كافة الرسوم- للصرافين الذين يزاولون أعمالهم حالياً في جميع مديريات محافظات البيضاء ومأرب وشبوة، التي عادت مؤخراً، للفترة المتبقية من العام الجاري والعام المقبل 2022م، في إطار الإجراءات الهادفة إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والنقدية المدمّرة، التي خلفها التحالف خلال سنوات سيطرته.
وفيما تستمر الاحتجاجات والإغلاقات التجارية في مديريات شبوة، التي لا تزال تحت سيطرة التحالف، سمة يومية على إيقاف استمرار التدهور الاقتصادي وتعطيل منشأة بلحاف الغازية بعد رفض الإمارات الإخلاء، وفشل وساطة حكومة هادي لتخفيف الضغط الشعبي على الوجود الإماراتي، يرى مراقبون أن حسم المشكلات الاقتصادية في المديريات الأربع التي أضحت خلال الأسبوع الماضي في نطاق حكومة الإنقاذ، وعودة الحياة إلى طبيعتها وعودة سعر صرف الدولار إلى ما هو عليه في صنعاء، ستعكس نفسها على الأحداث في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف، متوقعين تحولات دراماتيكية سريعة على الصعيد العسكري في مناطق حكومة هادي لصالح صنعاء.