تقرير خاص-يمن ايكو
تُعدُّ شحة المخزون لدى البنوك اليمنية من العملة الصعبة، وتراجع احتياطي البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي، على رأس العوامل التي أنتجت الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وذلك بفعل الحرب وتداعياتها على الاقتصاد، وتراجع الصادرات طيلة سنوات الحرب التي تقترب من إتمام عامها السابع.
وإلى جانب ما تقوم به حكومة هادي ونافذون مرتبطون بها بينهم مسئولون وتجار، من تحويل للأموال بالعملة الصعبة إلى خارج البلاد، وعلى رأسها رواتب ومخصصات الحكومة المقيمة خارج البلاد والتي تقارب مليار دولار، خارج الحوافز والإكراميات وبدل السفر والعلاج والنفقات التشغيلية، وغيرها، تأتي فوضى الاستيراد لتكمل ما أبقته هذه الحكومة من العملة الصعبة، حيث تُعدّ فاتورة الاستيراد على رأس المنافذ التي تتسرب منها العملة الصعبة إلى خارج البلاد، وبالتالي لعب دور رئيسي في التأثير على الاقتصاد، حيث أن الميزان التجاري يعتمد على نسبة الصادرات ومداخيل العملة الصعبة من جهة، ونسبة الواردات إلى البلد التي تستهلك مخزون العملة الصعبة.
وخلال السنوات الماضية من عمر الحرب التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، شهدت العملة الصعبة نزفاً مستمراً في ظل عدم وجود مصدر دائم لتعويض هذا النزف. وبلغ الميزان التجاري لليمن -8693.91 مليون دولار عام 2020، ويعود ذلك أساساً إلى التراجع الكبير في الصادرات، وبالذات من النفط والغاز، فقد انخفض إنتاج هاتين السلعتين بنسبة 90% عمَّا كان عليه عام 2014، وكانت صادراتهما تُشكِّل 90% من صادرات البلاد، وثلث إجمالي ناتجها المحلي.
ووفقاً لتقارير محلية، تراجَع حجم الصادرات بنسبة 75%، بما في ذلك الصادرات الزراعية التي تراجعت بنسبة تفوق 70%، وفي تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2020، احتل اليمن المرتبة 188 في مؤشر التجارة عبر الحدود، وتُقدَّر الخسائر الناتجة عن تضرُّر التجارة الخارجية عموماً بحوالي 36 ملياراً و285 مليون دولار.
وعلى وقع الحرب المستمرة للعام السابع على التوالي، وما صاحبها من تضييق واستهداف للاقتصاد اليمني وقيود على عمليات التصدير والاستيراد، تراجَع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 0.5% في أبريل 2021.
وفي تقرير التنافسية العالمي لعام 2019، وهو التقرير السنوي الذي يقيس عناصر التنافسية الاقتصادية للدول وقدرتها على النمو، احتل اليمن المرتبة 140 من أصل 141 دولة. وفي تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020، والذي يُقيِّم بيئة الأعمال التجارية والاستثمارية في 190 دولة، احتل اليمن الترتيب 187 على المستوى العالمي، مُتراجِعاً من المرتبة 133 في عام 2014.
وفي مقابل تراجع مخزون النقد الأجنبي في البلاد، وجفاف مصادره، عمدت حكومة هادي إلى طباعة تريليونات من العملة المحلية، وهو ما نتج عنه ارتفاع التضخم من 8% عام 2014 إلى 30.6% عام 2021، وانهارت العملة الوطنية، إذ تراجعت قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية في سوق الصرف إلى مستوى غير مسبوق، ووصلت في مناطق سيطرة حكومة هادي إلى ما يزيد عن 1200 ريال مقابل كل دولار. وانعكس التضخم وتراجُع قيمة العملة في ارتفاع حاد للأسعار وتراجُع الأنشطة التجارية، وارتفاع معدل البطالة.
ورغم الحصار الذي يفرضه التحالف على المنافذ اليمنية ومنعه قائمة طويلة من مدخلات الإنتاج، يظل الباب مفتوحاً على مصراعيه لاستيراد الكماليات والمواد الاستهلاكية التي تحولت البلاد إلى سوق مفتوحة لها.
ومنذ اليوم الأول للحرب التي بدأت عملياتها في 26 مارس 2015، استهدف التحالف بغاراته الجوية القطاعين التجاري والصناعي، وفرض قيوداً على مدخلات الإنتاج، فيما فتح المنافذ أمام المنتجات الاستهلاكية وعلى رأسها الخليجية، في مسعى منه لتحويل اليمن إلى سوق لمنتجاته، وهو الأمر الذي يعده مراقبون واحداً من الأهداف الاقتصادية للحرب.
ويمنع التحالف إعادة تصدير النفط اليمني بشكل كامل، كما يعطل منشأة وميناء بلحاف لتصدير الغاز، في حين أن ما يسمح لحكومة هادي بتصديره من النفط يتم إيداعه في حساب خاص لدى البنك الأهلي السعودي، وبالتالي يتم صرفه لهذه الحكومة بإشراف سعودي، وبالتالي عدم الاستفادة منه في تعزيز مخزون البلاد من العملة الصعبة، والذي يمكن أن يسهم في الحد من التردي الاقتصادي والانهيار الحاصل في سعر العملة المحلية.