يمن ايكو
تقارير

📃 وسط انهيار جديد للريال.. عمولة الحوالات تقفز إلى 98%

تقرير خاص-يمن ايكو

لم يكن أمام الشاب زكريا الرياشي من أبناء مديرية دمت، يعمل في بيع القات بين أسواق الضالع ولحج، بدٌّ من السفر يومياً بين إب وعدن، فلا مجال للاقتراض اليومي مبالغ مماثلة لمبيعاته اليومية من القات كي تصل كما هي بدون نقصان إلى مزارعي القات، الذين يبيعونه القات وينتظرون السداد اليومي، فإذا كان إجمالي مبيعاته 500 ألف ريال في يومنا هذا 25 سبتمبر 2021م فهو يحتاج 490 ألف ريال كعمولة تحويل يدفعها للصيرفي الذي سيحول له المبلغ، مدعياً أن حكومة صنعاء هي من تأخذ الفارق.

“الرياشي” يؤكد أن مشكلته بسيطة وهينة، فباستطاعته السفر يومياً إلى قريته في دمت (الجزء التابع لحكومة صنعاء). فالظلم الكبير-حسب تعبيره- يقع على كاهل رفاقه في مهنة بيع القات أو الآخرين العاملين في المحال التجارية والأعمال الحرة أو الوظيفية، بينما عوائلهم تسكن في محافظات ريمة أو الحديدة أو حجة وغيرها من مناطق حكومة صنعاء، إذ أن كل شاب يعمل في القات أو في أي عمل ملزم بدفع عمولة 98 ألف ريال على كل 100 ألف يحولها إلى أهله، ما يعني أن العمولة بلغت 98% حسب مصادر مصرفية في عدن.

الأغرب في هذه العمولة الباهظة والمرهقة لمئات الآلاف من اليمنيين العاملين في أعمال بسيطة في مختلف مناطق سيطرة التحالف، أن الصيارفة يبررون بأن صنعاء هي من تستفيد من هذه العمولات، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاد محاولة للتغطية على الانهيار الكبير الذي تشهده العملة الوطنية في مناطق سيطرة التحالف والذي أوصل سعر صرف الدولار إلى ما فوق 1200 ريال يمني، والريال السعودي إلى قرابة 313 ريالاً يمنياً.. وفق بيانات أسعار العملة الصادرة يومنا هذا من عدن.

وبالمقارنة مع هو قائم في مناطق حكومة صنعاء، أكد ناشطون أن حالة الحرب والحصار أفرزت تداعيات طالت بيئة الأعمال وأجهزت على ملامح فرصها، لكن الاستقرار المنشود والسكينة والإحساس بوجود نظام ودولة قائمة، تؤمِّن المواطنين وتضمن لهم كفاف العيش، في ظل مستوى من الدخل الشحيح والمحدود الذي فرضته ظروف الحرب والحصار المطبق على مناطق حكومة صنعاء، وهي الظروف التي تجعلك متكيفاً وآمناً حتى وأنت تحول دخلك اليومي أو الشهري إلى أسرتك في سقطرى أو أبين أو المهرة أو عدن أو غيرها من مناطق سيطرة التحالف، ومبلغ لا يزيد عن 500 ريال لتحويل 100 ألف ريال تقريباً.

قاصمة الظهر المؤلمة- حسب الناشطين- ليست في أن تكون خارج مناطق حكومة صنعاء، كأن تكون في أبين أو عدن أو حضرموت أو غيرها، ومن تعولهم بدخلك اليومي أو الشهري في أقصى محافظة إب على مرمى حجر من عملك في الضالع الواقعة تحت سيطرة التحالف، بل أن تكون أسرتك قاطنةً في حجة أو الحديدة أو ريمة، أو غيرها، فدخلك الشهري الذي قد يصل إلى 100 ألف ريال، ليس لك ولأطفالك فأنت ملزم بالاقتراض 98 ألف ريال إضافية تدفعها لشركة الصرافة كعمولة لكي تصل المئة ألف إلى أسرتك، أو تسليم المئة الألف للشركة وتعطيك قسيمة تثبت لك أنك حولت لأسرتك 2000 ريال ومذيلة بكلمة شكر، تعبر عن امتنان الشركة لثقتك بخدماتها المالية المتميزة.

الأهم في مسار ارتفاع أسعار التحويلات المالية من مناطق سيطرة التحالف هو الانهيار المتواصل لقيمة الريال، وما تعكسه من آثار على كل مناحي الحياة، هو ما تؤكده شكاوى المواطنين من أن هناك استغلالاً كبيراً من قبل شركات الصرافة للغياب الرقابي التام للدولة، وهو غياب اعتبره مراقبون مفتعلاً ومتعمداً من التحالف، مستدلين بما تشهده قيمة الريال من انهيارات متواصلة تعقب كل قرارات حكومة هادي بشأن اتخاذ إجراءات صارمة للحد من تدهور قيمة العملة، ومعالجة كل الاختلالات الاقتصادية، ولكن أعقب ذلك انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه واختلت الأسعار في الأسواق، وانعدمت المشتقات البترولية.

وكان البنك المركزي بعدن ألمح في تصريحات سبقت ذلك الانهيار عن وعوده بعودة سعر صرف الدولار إلى قرابة 600 ريال، مقارنة بما هو قائم بمناطق حكومة صنعاء منذ سنوات، فيما كان الصيارفة يعدون بإعادة سعر التحويلات المالية إلى ما دون 10%، فيما حذر مراقبون حينها من أن التحسن الذي حصل ليس سوى تحسن لحظي يعكس لعبة ابتزاز من قبل تجار كبار مقربين من هادي، تستهدف السيولة من العملة الصعبة الموجودة لدى مركزي عدن، ولدى المواطنين، وبالفعل جرى سحب كتل نقدية كبيرة من البنك، وتم شراء الدولار من السوق بسرعة فائقة، واحتكارها للمضاربة بها في الأسواق الخارجية، ولكن كلما وعد بنك مركزي عدن بمعالجات عاجلة لإيقاف الانهيار الأخير حدث العكس تماماً.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً