تقرير خاص-يمن ايكو
بموازاة القيود التي فرضها التحالف على دخول الواردات إلى اليمن عبر الموانئ والمنافذ البرية، تأتي القيود والعراقيل والمخاطر التي تكتنف الطرقات داخلياً، وخاصة المؤدية من ميناء عدن إلى بقية المحافظات، لأسباب تتعلق بانتشار النقاط المسلحة، وكذا أعمال التقطع، وما يتعرض له سائقو المركبات وسيارات النقل والمسافرون من ابتزاز وفرض إتاوات مالية.
وتسهم مخاطر الطرقات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي والعراقيل التي تكتنفها والقيود المفروضة على امتدادها من قبل النقاط التي تتبع فصائل مسلحة موالية للتحالف، في مفاقمة الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ولا سيما في المحافظات الواقعة في نطاق سيطرة حكومة صنعاء.
ويشكو سائقو المركبات وعربات النقل عبر الخطوط الطويلة المؤدية من عدن إلى بقية المحافظات اليمنية، من الابتزاز الذي يتعرضون له والتضييق من قبل النقاط المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الموالي للإمارات، وكذا عرقلة الناقلات أو منعها من العبور لفترات قد تمتد لأيام، ولا يتم إطلاقها إلا بعد دفع مبالغ كبيرة قد تصل إلى ما بين 50 إلى 100 ألف ريال وأكثر عن كل قاطرة تمر عبر تلك النقاط.
ويروي سائقو المركبات قصصاً وأحداثاً مروعة واجهوها ويواجهونها بشكل مستمر خلال مرورهم بالنقاط المسلحة التي تنصبها فصائل عسكرية متعددة المسميات مرتبطة بالتحالف وحكومة هادي، حيث يتعرضون للاحتجاز والابتزاز وإجبارهم على دفع إتاوات بطريقة غير قانونية.
ويضيفون أن نقاط التفتيش سواء التابعة لقوات هادي وحزب الإصلاح، أو التابعة لقوات الانتقالي الموالي للإمارات، تلزمهم بدفع تلك المبالغ والإتاوات بدون أي سند رسمي، وأن من لا ينصاع من السائقين ويدفع المبلغ المطلوب منه يتم الاعتداء عليه وإطلاق النار على مركبته وتهديده بالقتل، إن لم يتم فعلاً إطلاق النار عليه مباشرة.
وتنتشر على طول الطرق الرابطة بين عدن وبقية المحافظات، عشرات النقاط التي تفرض على السائقين دفع مبالغ، الأمر الذي بات يؤرق السائقين والمسافرين على حد سواء، وفي الوقت ذاته يعكس مظهراً من مظاهر الانفلات والفوضى الأمنية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي والتحالف.
وبالنسبة للآثار الاقتصادية المترتبة على تلك الفوضى المستحكمة والممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية، التي تمارسها النقاط المسلحة على امتداد الطرق المؤدية من عدن إلى بقية المحافظات، وبالإضافة إلى إحجام الكثير من التجار عن ممارسة أنشطتهم التجارية نتيجة الابتزاز والخسائر التي يتعرضون لها، فإن المبالغ التي تقوم تلك النقاط بجبايتها وخصوصاً على الشاحنات وعربات نقل البضائع، من شأنها أن ترفع الكلفة على النقل، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار تلك السلع، لتكون المحافظات البعيدة من عدن هي المتضرر الأكبر، حيث يضطر التاجر إلى إضافة ما خسره من إتاوات مقابل عبوره من تلك النقاط والحواجز، إلى أسعار السلع والبضائع، ليصل الضرر إلى جميع المواطنين.
ويؤكد سائقو الشاحنات وعربات النقل أن النقاط العسكرية التابعة للانتقالي، المتمركزة في مداخل ومخارج محافظة عدن، وتحديداً في منطقة العلم ومنطقة الرباط تتعمد ابتزاز المسافرين، وتفرض إتاوات كبيرة على سائقي شاحنات النقل الثقيل تصل إلى أكثر من 100 ألف ريال على كل قاطرة.
وفي محافظة أبين تشير المعلومات إلى أن نقطة الانتقالي في منطقة دوفس باتجاه عدن، تمارس ابتزاز سائقي الشاحنات بقوة السلاح، وتفرض جبايات غير مشروعة على القاطرات والشاحنات المحملة بالبضائع والمنتجات المتجهة نحو مدينة عدن أو القادمة منها تصل ما بين 20 – 50 ألف ريال على كل قاطرة وشاحنة، وتمنع سائقي النقل الثقيل من المرور في حال رفضهم دفع تلك الإتاوات غير المشروعة.
وكانت تقارير صحافية أكدت أن الابتزاز والجبايات غير القانونية التي تفرضها النقاط المسلحة على شاحنات نقل البضائع في الطرق المؤدية من عدن إلى بقية المحافظات، ضاعفت من معاناة المواطنين وأسهمت في رفع أسعار معظم السلع والمنتجات المستوردة عبر ميناء عدن بنسبة قد تصل إلى 20%، وخصوصاً البضائع المتجهة إلى المحافظات الشمالية، حيث وصلت تكاليف نقل الحاوية الواحدة من ميناء عدن إلى صنعاء إلى مليوني ريال، بينما لا يكلف نقل الحاوية الواحدة من ميناء الحديدة إلى العاصمة صنعاء 400 ألف ريال كحد أعلى.
وبرزت ظاهرة إغلاق الطرق الرئيسة ومنع مرور المركبات لساعات طويلة وقد يمتد ذلك لأيام، خلال سنوات سيطرة التحالف والأطراف المحلية المرتبطة به على المحافظات الجنوبية، وسط تعدد الفصائل المسلحة وتعدد ولاءاتها، رغم الاجتماع في كونها تابعة للمكونات المرتبطة بالتحالف وعلى رأسها حكومة هادي وحزب الإصلاح والمجلس الانتقالي.
الخط الدولي المؤدي إلى منفذ الوديعة بين اليمن والسعودية، وهو المنفذ البري الوحيد الذي أبقت عليه السعودية، بعد أن أغلقت بقية المنافذ على الحدود بين الدولتين منذ بداية الحرب التي تقودها في اليمن، ليست الحال فيه أفضل من بقية الخطوط والطرقات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف والأطراف المحلية المرتبطة به، فبالإضافة إلى الحالة المتدهورة لذلك الخط الرئيسي الذي لم يحظ بأي أعمال صيانة، رغم الإحصائية الكبيرة من الضحايا نتيجة الحوادث المرورية الناتجة عن تدهوره خلال السنوات الست الماضية، تمثل مخاطر التقطعات تهديداً آخر للمركبات والمسافرين يضاف إليها نقاط الجبايات التابعة لقوات هادي وحزب الإصلاح.
وتشير تقارير إلى أن معظم الحوادث المرورية في اليمن، سُجلت في طريق العبر الذي بات يُطلق عليه “طريق الموت”؛ لكثرة حوادث السير والوفيات الناجمة عنها، فضلاً عن انتشار عصابات قطاع الطرق وهجومهم على المسافرين.
ويتحدث السائقون والمسافرون عن ما تمارسه نقاط عسكرية تابعة لقوات هادي والإصلاح من ابتزاز يومي بقوة السلاح ضد سائقي الشاحنات التجارية القادمة من منفذ الوديعة، في طريق العبر المؤدي إلى مأرب وشبوة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 50 ألف ريال عن كل شاحنة.
ورغم ما يتخلل تلك الممارسات غير الأخلاقية من قبل النقاط العسكرية التابعة للأطراف الموالية للتحالف، والجبايات غير القانونية، من جرائم قتل وانتهاكات واحتجاز خارج القانون، إلا أن لا إحصائية رسمية حتى الآن لعدد تلك الجرائم التي تشير التوقعات إلى أنها قد تسجل رقماً كبيراً إذا ما تم تتبعها خلال السنوات الست الماضية، إذ راح ضحيتها العشرات، فيما لم يسلم من الانتهاكات حتى المرضى والنساء والأطفال.
وفي غضون ثلاثة أيام فقط، قتل ثلاثة مواطنون يمنيون في إحدى نقاط الجباية على الطريق الممتدة من عدن شمالاً، وتحديداً في منطقة طور الباحة، بمحافظة لحج، حيث قتل أفراد نقطة للحزام الأمني التابع للانتقالي الموالي للإمارات، الخميس الماضي، المغترب عبدالملك السنباني العائد من أمريكا، بعد اختطافه وتعذيبه. في حين لقي الأحد اثنان من سائقي الشاحنات حتفهما إثر اشتباكات بين مسلحين في النقطة المسلحة نفسها بمنطقة طور الباحة، بمحافظة لحج.