تقرير خاص-يمن ايكو
ينعدم أي تحرك لحكومة هادي، المدعومة من التحالف، حيال الانهيار المستمر للعملة اليمنية في مناطق سيطرتها، فقد بلغ انهيار سعر الصرف منذ 10يوليو الماضي، مستويات قياسية وغير مسبوقة، حيث وصل الى 1070 ريال للدولار الأمريكي الواحد، مقابل حالة الاستقرار عند حاجز 600 ريال للدولار الواحد في مناطق سيطرة صنعاء.
وخلال الأعوام الستة الأخيرة من الحرب التي تقودها السعودية والإمارات، شهد الاقتصاد في اليمن انهياراً كبيراً، حيث فقد الريال اليمني ثلاثة أرباع من قيمته أمام العملات الأجنبية، في أكبر عملية انهيار للعملة في تاريخ البلاد.
وجرى استهداف القطاع المصرفي والمالي، بقرارات أحادية، بموجبها تم نقل وظائف وعمليات البنك المركزي إلى عدن، والشروع في عمليات طباعة جديدة للعملة بدون أي غطاء، ما أدى فعلياً إلى وجود بنكين وعملتين نقديتين في صنعاء وعدن.
وسبق لاقتصاديين، بينهم موالون للتحالف وحكومة هادي، التحذير من التبعات الخطيرة لاستخدام العملة المطبوعة بدون غطاء في عدن، كسلاح حرب في إطار المعركة مع صنعاء. كما قدموا النصح بالتخلي عن تمويل النفقات الحكومية عن طريق المطبوع النقدي التضخمي للريال بدون وجود غطاء من الاحتياطيات النقدية الأجنبية.
والمثير في هذا الصدد، أن يصل إجمالي العملة المطبوعة عبر حكومة هادي إلى 5,320 تريليون ريال يمني، بين عامي 2017-2021، وأن ينتظم استخدام المليارات منها في شراء العملة الصعبة وتهريبها إلى خارج البلاد، لمراكمة أرصدة وحسابات واستثمارات النافذين في منظومة التحالف والحكومة، وهو ما أخبرت عنه تقارير سابقة لوسائل إعلامية محلية ودولية ومراكز متخصصة في عواصم عربية وأوروبية.
يضاف إلى ما سبق، توثيق الخبراء الدوليين في فبراير الماضي، لعمليات غسل أموال قام بها مسئولون في البنك المركزي بعدن وتجار موالون للحكومة، باستخدام وديعة الملياري دولار الممنوحة “بالفائدة” من السعودية إلى البنك مطلع 2018.
الواضح، هو غرق التحالف وحكومة هادي في شبر ماء، عند كل مرة يحاولون دفع هذه الممارسات المتسببة في تدهور وانهيار العملة الوطنية عن أنفسهم، وتحميل المسؤولية سلطة صنعاء وإجراءاتها التي تحظر منذ نهاية ديسمبر 2019 التعامل مع العملة المطبوعة القادمة من عدن، وتعتبرها غير قانونية ومزيفة، ونجحت الى حد كبير في وقف نزيف العملة في نطاق سيطرتها على الأقل، وهو ما أكدته تقارير المؤسسات المالية الدولية أبرزها مجموعة البنك الدولي.
وتعتقد حكومة هادي أن الانهيار المصرفي في مناطق سيطرتها، يعود إلى استمرار مقاطعة عملتها المطبوعة من قبل سلطة صنعاء، وهو الاعتقاد الذي يتسق مع التناقضات المفضوحة لوسائل إعلام التحالف في تغطيته لموضوع العملة والتدهور الاقتصادي في اليمن.
اعتبرت قناة “الحدث” التابعة للسعودية، ذات تغطية، تحكم صنعاء بسعر الصرف عند 600 ريال، بأنه أبرز الانتهاكات التي تمارس ضد الاقتصاد اليمني، بينما وصفت قناة “العربية”، السعودية أيضا، تجاوز سعر الصرف حاجز الألف ريال في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، بأنه انهيار تاريخي!!
وعملياً، أدت مقاطعة صنعاء للعملة المطبوعة عبر حكومة هادي، بالإضافة إلى ضبط السوق المصرفية والمالية في صنعاء، إلى تجنب موجات الانهيار المتزايد للعملة، كما هو حاصل في عدن. لكن لن يكون هذا الإجراء هو المتسبب في تعزيز الانقسام النقدي ووجود عملتين نقديتين في الواقع.
تفصح سياسات التحالف وحكومة هادي، عن أن الهدف من وراء استمرار طباعة العملة بدون تغطية، هو محاولة اختراق حالة الاستقرار الطفيف الذي تتمتع به الأوضاع المصرفية في صنعاء، بدون الاكتراث لأضرار هذه السياسات على واقع المعيشة للمواطنين، “خصوصاً في المحافظات الجنوبية والشرقية، حتى لو وصل الدولار إلى 3000 ريال فإن مسؤولي حكومة هادي لن يحركوا ساكناً لأن حساباتهم بالدولار ونفقاتهم بالدولار وسفرياتهم بالدولار ويتعالجون بالدولار، والأهم من هذا كله فإنهم يضاربون بالدولار، وبمعنى أوضح فإن عملتهم الرسمية هي الدولار وليس الريال”. حسب الدكتور كمال البعداني في منشوره على تويتر معلقا على انهيار العملة.
وفيما يبدو أن إجراءات وقرارات التحالف وحكومة هادي، تستهدف جر صنعاء الى دوائر الانهيار الحاصل في عدن، فإن توفر كتلة كبيرة من النقدية التالفة لدى صنعاء، من شأنه أن يبدد من فرص إلحاق الضرر بأوضاعها المصرفية.
كما يمكن ملاحظة تنامي واتساع الموقف الذي لا يتقاطع مع ما تردده صنعاء من اتهامات للتحالف وحكومة هادي، بالوقوف المتعمد وراء انهيار وتدمير العملة، ضمن حرب اقتصادية شاملة مفروضة ضد اليمن منذ بداية الحرب في مارس 2015.
وكثيراً ما هاجم ناشطون وصحافيون موالون للتحالف والحكومة إجراء طباعة العملة، ووصفوه بأنه تصرف أرعن وغير مسؤول. واتهم الصحافي أنيس منصور السعودية بالوقوف مباشرة وراء تدمير العملة، وقال في إحدى تدويناته على تويتر، إن “من يشرف على تدهور عملتك حتى تصبح قيمة الورقة أرخص من الحبر الذي عليها أمام ارتفاع هائل للسلع التجارية كي يجبرك على خدش مدنيتك والتوجه إلى الأماكن التي يريدها الداعم فالغرض مشروع قتل”.
بعض الأصوات تعتقد أن الخطر القائم هو في غياب أي حلول إنقاذية للأوضاع المتدهورة في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، لذلك ترى ملاءمة المطالبة بإعادة الأمور إلى نصابها، من خلال تمكين البنك المركزي في صنعاء من الوظائف والعمليات التي تم نقلها إلى عدن، قبل أكثر من خمس سنوات، وتحديداً في سبتمبر 2016.
وليس منذ الآن، تُطرح مثل هذه المطالبات، فموجات انهيار العملة الوطنية خلال السنوات الماضية، كانت قد دفعت بمسؤولين في حكومة هادي، إلى طرح مسألة عودة البنك إلى صنعاء. ودعا عضو مجلس الشورى عصام شريم، في ديسمبر 2020 إلى إعادة إدارة البنك المركزي اليمني إلى صنعاء، من أجل وضع حد لتدهور العملة، التي نتجت جراء “السياسة الفاشلة” لحكومته. وقال إنه يجب الاعتراف بأن منظومة التحالف عجزت وفشلت في إدارة البنك المركزي والسياسة النقدية للبلاد.