يمن ايكو
تقارير

📃 “الوديعة السعودية”.. العصا والجزرة لنهب مخزون النفط في اليمن

تقرير خاص-يمن ايكو

نقلت وسائل إعلام عن مصادر دبلوماسية يمنية في الرياض، قولها: إن المملكة رفضت تجديد وديعة الملياري دولار في البنك المركزي اليمني بعدن، وتشترط لتجديدها موافقة حكومة هادي التوقيع على اتفاقية تمنح شركة أرامكو السعودية امتيازات التنقيب والاستكشاف في الحقول النفطية في مناطق اليمن الشرقية.

وقال مراقبون إن الاشتراطات السعودية ليست جديدة، وقد قدم مسؤولون في حكومة هادي، اعترافات خطيرة تشير إلى قبول الحكومة توقيع اتفاقيات مع الجانب السعودي، تتضمن تمكين المملكة من إدارة واستغلال موارد اقتصادية أهمها النفط، وتحت غطاء “البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن”.

ولفت المراقبون، الى اعترافات سابقة في هذا الإطار، تفيد بأن السعودية بدأت خلال العامين الماضيين العمل على رفع مستوى الإنتاج في حقول القطاع النفطي رقم (9) في منطقة الخشعة غرب وادي حضرموت، عبر الشركة الكندية “كالفالي” التي استقدمت معدات تنقيب ضخمة تعمل على تعميق آبار النفط المحفورة واستكشاف آبار نفطية جديدة في المنطقة، الأمر الذي يشير عملياً إلى وضع المملكة يدها على الموارد النفطية هناك بموافقة من الحكومة التي تدعمها في اليمن.

المصادر الدبلوماسية لفتت في التصريحات الأخيرة، إلى ضغوطات تمارسها السعودية حالياً على هادي والحكومة للتوقيع على الاتفاقية التي تسعى للاستحواذ على قطاعات ما يعرف بـ “المثلث الأسود” النفطية في المناطق الشرقية من اليمن، الواقعة على امتداد ثلاث محافظات، مأرب والجوف وشبوة، لمدة 40 عاماً ومنح امتيازات التنقيب والاستكشاف النفطي في هذه المنطقة لصالح أرامكو.

ويدفع التدهور الاقتصادي في اليمن مع وجود تدخلات الإقليم والعالم وفساد الأطراف المحلية التي تدعمها، إلى المزيد من التمكين الخارجي في البلاد وفرض وجوده واشتراطاته. ويعتقد الكثير من اليمنيين أن المأزق الاقتصادي الناجم عن الحرب، فضلاً عن أن فساد حكومة هادي قد يؤدي لتوقيع الكثير من الاتفاقيات، من بينها الاتفاقية النفطية واتفاقية أخرى تتعلق بمد أنبوب للصادرات النفطية السعودية عبر محافظة المهرة، شرق اليمن، المحاذية لسلطنة عُمان إلى البحر العربي.

واستخدمت الرياض مسألة “تجديد الوديعة” على غرار سياسة العصا والجزرة، للقبول بمكون المجلس الانتقالي الجنوبي طرفاً شرعياً من قبل حكومة هادي، وهو ما حدث بالتوقيع على “اتفاق الرياض” وتشكيل حكومة محاصصة في ديسمبر 2020. وقال السفير السعودي محمد آل جابر بعد ساعات من تشكيل الحكومة، إن بلاده لن تقدم أي دعم مالي، في إشارة إلى رفض تجديد الوديعة، لكنه استدرك: سندعم عودة الحكومة إلى عدن ومواجهة الملف الاقتصادي المتدهور من خلال تمكينها من استعادة إنتاجية وتصدير النفط، وتثبيت سلطتها في الواقع للاستفادة من العوائد والإيرادات المتحصلة من الموارد المختلفة”.

وفي الواقع تمتنع السعودية عن الإصغاء لمطالب تجديد الوديعة الدولارية التي أعقبت إعلان الحكومة عن نفادها عند الدفعة 37 في ابريل 2020. بالرغم من الانهيار الحاد والمتسارع في سعر العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وبلوغه مستويات قياسية مع اقتراب سعر الصرف من حاجز 1000 ريال يمني للدولار الأمريكي الواحد في عدن وبقية المحافظات تحت سيطرة التحالف وحكومة هادي، واستقراره نسبياً عند حاجز 600 ريال للدولار في نطاق سلطة صنعاء.

وتقود السعودية تحالفاً دولياً منذ قرابة سبع سنوات، بحُجة محاربة الوجود الإيراني في اليمن. لكنها في الحقيقة وجدت في هذه الحرب فرصة لتنفيذ مشاريع وأطماع قديمة جديدة في المنطقة، وفق ما قاله باحثون سياسيون.

ولا تزال المملكة تفرض اتفاقيات تمنحها صكوك التصرف في شئون اليمنيين ومواردهم وثرواتهم، وتأتي اتفاقية “إعمار اليمن” تعبيراً إضافياً عن البعد الاقتصادي للحرب والحصار. كما “تُعطي الرياض صلاحيات كاملة في إدارة موارد الدولة في اليمن، بما في ذلك النفط والغاز والموانئ والمنافذ البرية، وبموجب الاتفاقية تتمكن السعودية من إدارة الملف الاقتصادي لليمن بدون الرجوع إلى أحد من اليمنيين.

وأظهرت وثيقة مسربة في عام 2019 صادرة عن وزارة النفط في حكومة هادي، أنه بموجب الاتفاقية يستحوذ برنامج الإعمار السعودي عن طريق شركة “أرامكو” السعودية على قطاعات ما يعرف بـ “المثلث الأسود” النفطية في المناطق الشرقية من اليمن الواقعة على امتداد ثلاث محافظات مأرب والجوف وشبوة، لمدة 40 عاماً.

ربما قيل كثيراً، إن السعودية اتخذت قرار الحرب في اليمن، بمخاوف اقتصادية بشأن إمدادات النفط وتسليمه، خاصةً بعدما بات مضيق هرمز ممراً غير آمنٍ لـ30% من إمدادات النفط عالمياً في ظل تهديدات إيران المتكررة بإغلاقه، ولذا عمدت السعودية إلى موانئ الشحن البديلة وخطوط الأنابيب في اليمن كعنصر حيوي للاستقرار الاقتصادي المستقبلي لنظام آل سعود، لكن هناك سبباً آخر متعلقاً بالنفط اليمني نفسه، فالصحراء اليمنية المقفرة تحمل في باطنها احتياطات كبرى من نفط اليمن والغاز المسال، خاصة منطقة الجوف الشمالية المحاذية للمملكة.

التقرير السري الذي أعدته «الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)» بعد مسحٍ جيولوجي عام 2002، أظهرت نتائجه احتياطاً نفطياً غير مستخرجٍ في اليمن يصل مبدئياً إلى 9.8 مليار برميل، وهو ثلاثة أضعاف احتياط نفط اليمن المسجل رسمياً، والتقرير نفسه يؤكد أن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير، وأن الجنوب اليمني فقط يحتوي على إمكانات نفطية تقدر بخمسة مليارات برميل.

وهنا تقتضي الموضوعية القول، بأن الحرب السعودية في اليمن، هي في سياق الحيلولة دون ما تعتقده المملكة من تهديد لاحتياطاتها النفطية. وقد ظهرت مؤشرات ذلك منذ الثمانينات من القرن الماضي.
في عام 1984 أعلنت شركة «هنت أويل» الأمريكية اكتشافاً نفطياً ضخماً في محافظتي الجوف ومأرب، وهو ما اعترضت عليه الرياض لتتوقف عمليات التنقيب لأسبابٍ غير معروفة. كما تحدث مسؤولون حكوميون سابقون، في أعقاب انتفاضة 11 فبراير الشعبية السلمية التي مهدت للإطاحة بالنظام السابق في 21 سبتمبر 2014، بأن السعودية هي التي تقف وراء منع التنقيب عن نفط اليمن.

ولأسباب غير معلومة، بحسب المسؤولين أنفسهم، توقفت عمليات الاستكشاف والتنقيب في محافظات الشمال، بداية بالجوف عبر شركة صافر الحكومية، قبل أشهر من بدء الحرب في مارس 2015. لكن اتفاقية سعودية –يمنية، تم التوقيع عليها عام 2000 تقضي بألا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 40 كيلو متراً عن الحدود، إلا بموافقة كلا الجانبين اليمني والسعودي، إضافةً إلى تبادل المعلومات المتعلقة بالثروات النفطية في المناطق الحدودية. وبتلك الاتفاقية “منعت السعودية اليمن من استغلال النفط الموجود في المساحة المُقدرة بـ 40 كيلو متراً، بالرغم من علم الحكومة المسبق بوجود بحيرة نفطية في تلك المنطقة”.

وقبل أكثر من 30 عاماً تم استكشاف القطاع النفطي 18 وأطلق عليه حينها «حوض مأرب والجوف» – يقع الجزء الأكبر منه في الجوف- لكنه تم استخراج النفط من الجزء الواقع في مأرب، استكشافاً وإنتاجاً وتصديراً، بينما لم يتم استخراج نفط الجوف أو حتى الاستثمار فيه.

والمفاجأة تكمن في الاستكشاف لاحقاً للقطاع 19 الخاص بمحافظة الجوف، حيث تبيّن أن “أكثر الموجود هو الغاز، وأن هذه المحافظة تربض على بحيرة من الغاز الاحتياطي والاستراتيجي، تشكل نسبته 4 في المئة من احتياطي العالم، وهي نسبة تفوق النسبة التي توجد لدى الدول العربية الأخرى”. وفق ما أوردته وكالة سكاي نيوز الأمريكية.

قبل ذلك، تم الكشف عن توجه حكومة هادي لبيع أكبر الحقول النفطية اليمنية المتمثل بقطاع 18 التابع لشركة صافر الحكومية في مأرب والجوف، ولن يكون من المستبعد إتمام ذلك أمام حالة الاستلاب والرضوخ للضغوطات السعودية التي يديرها السفير السعودي، والمشرف على الملف الاقتصادي اليمني في إطار التحالف الذي تقوده بلاده في اليمن.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً