يمن ايكو
أخبارتقارير

عالقون في الخارج أم لا يريدون العودة؟.. تزايد مؤشرات الهجرة العكسية من إسرائيل

يمن إيكو|تقرير:

تواصل إسرائيل الحظر غير المعلن لسفر مواطنيها إلى الخارج خوفاً من عدم عودتهم، خصوصاً مع وجود 150 ألف إسرائيلي في الخارج يرفضون العودة، فيما تدعي إسرائيل تعثر عودتهم بحُجة إلغاء شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى إسرائيل، لانحسار حركة السفر إلى تل أبيب بسبب انهيار الأمن الداخلي ومخاوف التصعيد متعدد الجهات في أي لحظة، على خلفية اغتيال إسرائيل للقيادي البارز في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في حزب الله فؤاد شُكر، في بيروت الأسبوع الماضي.

وزارة النقل الإسرائيلية، أكدت مؤخراً وبشكل ضمني، واقع الحظر غير المعلن الذي تفرضه حكومة الحرب الإسرائيلية على مواطنيها، حيث قالت الوازرة- في إعلان تداولته مواقع عبرية ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”: “يجب على من يغادر إسرائيل أن يأخذ في الاعتبار أنه في ضوء ذلك قد تكون هناك صعوبات أو تأخير في عودتهم”. مضيفة”: “وفي ضوء هذه التغييرات، يجب على الركاب البقاء على اتصال مع شركات الطيران وإطلاعهم على آخر المستجدات بشأن رحلاتهم”.

وفيما تحاول إسرائيل وضع خطة لإعادة من وصفتهم بالعالقين من مواطنيها في الخارج، تكشف حقائق الأوضاع الأمنية في الداخل حدوث هجرة عكسية من داخل إسرائيل إلى الخارج، خصوصاً في ظل اتساع موجة السخط والمعارضة لحكومة نتنياهو، كما يشير إلى ذلك المراقبون الدوليون، وتؤكده التقارير العبرية نفسها.

وفي مغالطة واضحة، وصفت التقارير العبرية موجة النزوح الإسرائيلية التي حدثت بعد “معركة طوفان الأقصى” بأنها نزوح داخلي، وأن هناك أكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي نزحوا داخلياً إلى مناطق الوسط وإلى الجنوب، أو غيرها من المناطق الأكثر أماناً في الداخل الإسرائيلي، غير أن الواقع لم يكن نزوحاً داخلياً بل كان نزوحاً خارجياً تحت ضغط الاختلالات الأمنية الداخلية التي تجلت في التظاهرات داخل إسرائيل ضد حكومة الحرب الإسرائيلية، وفق المراقبين.

اتساع رقعة الحرب لتشمل كل إسرائيل، وكذلك تزايد مخاوف التصعيد متعدد الجهات، على خلفية اغتيال إسرائيل للقيادي البارز في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في حزب الله فؤاد شُكر في بيروت، الأسبوع الماضي، كلها عوامل عجلت بدفع عشرات الآلاف من اليهود إلى السفر خارج إسرائيل، ورفضهم العودة، وهو الأمر الذي دفع بوزارة النقل الإسرائيلية لتحذير الإسرائيليين في الداخل من السفر خشية أن تتعثر عودتهم، في محاولة مكشوفة لإقناعهم بأن الذين الخارج مجرد عالقين بسبب قرار شركات الطيران إلغاء رحلاتها من وإلى إسرائيل.

لكن العدد الكبير العالق في الخارج ناقض تلك التصريحات، مؤكداً أن هناك نزوحاً اختيارياً يعكس حالة القلق المتزايد بين المستوطنين بسبب التوترات الأمنية والاقتصادية، التي تؤسس لتحولات حتمية سيكون لها تأثيرات كبيرة على مستقبل إسرائيل في المنطقة، فالنزوح الكبير للمستوطنين يمكن أن يؤدي إلى تغييرات ديموغرافية، مما يؤثر على التوازن السكاني في المناطق المختلفة.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023م، حاولت إسرائيل التكتم على موجة الهجرة العكسية، رغم أن تقارير عبرية أفادت بأن “حوالي 550 ألف إسرائيلي غادروا البلاد منذ أكتوبر 2023م، الأمر الذي ظلت تنفيه الحكومة الإسرائيلية، مسيِّجةً ذلك بخطاب إعلامي يروج أن المسألة متعلقة بالنزوح الداخلي، من الجنوب للشمال، غير أن تلك المغالطات انكشفت مؤخراً عندما اتهم المعارضون رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية نتنياهو بأنه سبب رئيس في استطالة الحرب بعدم قبوله بالمفاوضات، بل تحاول حكومته إجبار الآلاف من المتقاعدين على العودة إلى القتال، وهو الأمر الذي قوبل برفض الكثير من الإسرائيليين وعدم الانصياع لدعوات العودة.

وتبعاً لذلك، يؤكد المعارضون في الوقت نفسه أن استطالة الحرب- التي يقف خلفها نتنياهو- كانت سبباً في تزايد الهجرة العكسية من إسرائيل، وبشكل يعكس القلق العميق بين المستوطنين حول الأمان والاستقرار في إسرائيل.

في هذا السياق نشرت منصة “أساس ميديا” الإلكترونية، تحليلاً وصفياً لمنهج نتنياهو في استمرار الحرب من أجل بقائه في السلطة، مهما كانت الخسائر، مضيفة: إن “الخسارة الكبرى عند الرجل (نتنياهو) أن يفقد منصبه وليست أن يفقد جيشه ضحايا جدداً، أو أن تزداد الهجرة العكسية إلى خارج إسرائيل، أو أن يستمرّ نزيف الاقتصاد الإسرائيلي مع زيادة في معدّلات التضخّم والبطالة وانخفاض في معدّلات الاستثمار المباشر وأفواج السيّاح.

الأهم في سياق الحديث عن الهجرة العكسية من إسرائيل، أن تزايد مؤشراتها في العشرة الأشهر الأخيرة، تزامن مع الحرب التي تلت السابع من أكتوبر 2023م، لكن الهجرة العكسية من داخل إسرائيل لم تكن جديدة، فقد بدأت منذ سنوات مع استمرار ممارسات إسرائيل وجرائمها في فلسطين وتنامي الشعور لدى المستوطنين بعدم مشروعية الاستيطان وسلب أراضٍ ليست في الأصل من حقهم، كلها عوامل دفعت بالكثير من اليهود الذين تم جلبهم إلى فلسطين من قبل قوى الاستعمار الغربي، وبالأخص البريطاني، خلال المئة عام الأخيرة، إلى الرحيل التدريجي من المستوطنات إلى خارج إسرائيل.

وخلال السنوات الأخيرة، تحول هذا التوجه مع تولي حكومة بنيامين نتنياهو- التي تعتمد على الأحزاب الحريدية والتيار الديني واليمين المتطرف- إلى ما بات يعرف بـ”الهجرة اليهودية العكسية”، التي طرأت المخاوف منها عقب بيانات “دائرة الإحصاءات المركزية الإسرائيلية”- بشأن عزوف اليهود من أوروبا- وخاصة أبناء الجالية في فرنسا- عن القدوم إلى إسرائيل.

ووفقاً لنتائج استطلاع للرأي أجرته الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان”، ونُشرت في مارس 2023م، فإن أكثر من 25% من اليهود البالغين (فوق 18 عاماً)، يفكرون بالهجرة من إسرائيل تفكيراً جدّياً، في حين شرع 6% بإجراءات عملية للهجرة، وذلك بسبب تغلغل نفوذ الأحزاب الحريدية والتيار اليميني الديني في مفاصل الحكم.

وبحلول نهاية عام 2022، بلغ عدد سكان إسرائيل 9.6 مليون و656 ألف نسمة، وعدد اليهود 7.6 مليون، بينهم 513 ألف نسمة ممن هاجروا لإسرائيل، ووفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية، بلغ عدد اليهود الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وهاجروا من إسرائيل حتى نهاية عام 2022، حوالي 900 ألف، علماً أن الإحصاء لا يشمل أبناءهم الذين ولدوا في الخارج.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً