يمن ايكو
تقارير

📃 فيما صنعاء وعدن تؤكدان استقرار الوضع التمويني.. ما وراء تزامن تحذيرات مجموعة هائل من أزمة قمح في اليمن مع تمديد الوديعة السعودية!

تقرير خاص – يمن إيكو
أثار التقرير الذي نشرته مجموعة هائل سعيد أنعم، متوقعةً حدوث أزمة قمح في اليمن، الكثير من التساؤلات والاتهامات الموجهة للمجموعة حول التوقيت الذي أصدرت فيه التقرير، وحقيقة التحذيرات التي تضمنها، خصوصاً اقتران التقرير بمطالب المجموعة بالحصول على مزايا مالية، وأيضاً في ظل تأكيدات محلية باستقرار الوضع التمويني للقمح في اليمن واستمرار تدفق الواردات بدون عوائق.
وأفادت المجموعة- في التقرير التحذيري الذي نشرته على موقعها الإلكتروني- بأن “مجاعة كارثية محتملة في جميع أنحاء اليمن، نتيجة لانقطاع إمدادات القمح العالمية، الناتج عن تداعيات الصراع في أوكرانيا”.. مشيرة إلى احتمالية تفاقم أسعار القمح العالمية بصورة أكبر بسبب حظر تصدير القمح الهندي الذي دخل حيّز التنفيذ قبل أيام.
ودعت المجموعة إلى إنشاء صندوق خاص لتمويل الواردات، وبما يُمكن مستوردي القمح اليمنيين من الوصول سريعاً إلى التمويل ورأس المال العامل، لتمويل مشتريات القمح في السوق العالمية وتغطية التكلفة الكبيرة لاستيراد المنتجات الغذائية إلى اليمن، وتمديد شروط الدفع لمستوردي الأغذية اليمنيين في تعاملاتهم مع الموردين الدوليين، للمساعدة في تأمين وتنفيذ العقود التجارية، التي تعتبر بالغة الأهمية في ضمان إمدادات ثابتة من المواد الغذائية إلى اليمن”.
تحذيرات مجموعة هائل سعيد أنعم، التي جاءت فيما لا يزال الوضع التمويني في البلاد مستقراً، ولا تزال الجهات الحكومية في كل من عدن وصنعاء تؤكد استمرار حالة الاستقرار هذه، ووجود مخزون يكفي لعدة أشهر، أثارت كثيراً من التساؤلات حول الهدف الذي تسعى إليه المجموعة من وراء هذا الإعلان، الذي من شأنه خلق حالة من الاضطراب في السوق، وتهافت المواطنين على شراء القمح المعروض في الأسواق، وإدخال البلاد مرحلة أزمة فعلية في القمح الذي يُعدّ مادة أساسية وضرورية في الغذاء من الصعب التغاضي عن أي نقص فيها.
واعتبر اقتصاديون ما ورد في التقرير ضرباً من التهويل والابتزاز الواضح للمؤسسات المالية المحلية والدولية، بُغية الحصول على التمويلات العاجلة من الكتل النقدية من العملة الصعبة، مستدلين على ذلك بدعوتها الصريحة إلى إنشاء صندوق خاص لتمويل الواردات، وبما يُمكِّن مستوردي القمح من الوصول سريعاً إلى التمويل ورأس المال العامل لتمويل مشتريات القمح في السوق العالمية، خصوصاً ومجموعة هائل سعيد أنعم واحدة من أهم الشركات المستوردة والمسوقة للقمح في الأسواق اليمنية.
الأهم من ذلك- في نظر الاقتصاديين- أن التحذير الذي أطلقته المجموعة تزامن مع التوقيع على اتفاقية بين وزارة المالية السعودية والبنك المركزي بعدن على تمديد الوديعة السعودية السابقة، وتحويل الدفعة الأخيرة منها والبالغة 174 مليون دولار إلى حساب البنك المركزي بعدن، فيما تتحدث وسائل الإعلام التابعة للحكومة الموالية للتحالف عن محادثات مع السعودية والإمارات للاتفاق على آلية استخدام الدعم الذي وعدت كل من السعودية والإمارات بتقديمه إلى البنك المركزي بعدن، والمقدر بملياري دولار لدعم استقرار العملة الوطنية والأسعار.
وفي سياق الأهداف الحقيقية من وراء التحذير الصادر عن مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، كشف ناشطون عن هدفٍ استباقيٍ يتزامن مع حديث وسائل الإعلام التابعة للحكومة الموالية للتحالف، بشأن مجريات محادثة الأخيرة مع السعودية والإمارات، للاتفاق على آلية استخدام الدعم الذي وعدت كل من السعودية والإمارات بتقديمه إلى البنك المركزي بعدن، والمقدر بملياري دولار لدعم استقرار العملة الوطنية والأسعار.. مشيرين إلى مساعي المجموعة إلى الاستفادة من حالة الاضطراب التي قد يخلقها التحذير الذي أصدرته في سوق استيراد القمح، وذلك للضغط على الحكومة الموالية للتحالف والبنك المركزي بعدن، لتخصيص مبلغ من الدعم الموعود لتمويل استيراد القمح، ومنح الكثير من التسهيلات للتجار المستوردين، بحيث تستأثر المجموعة بالحصة الأكبر من هذا الدعم، في تكرار لسيناريو صرف الوديعة السعودية وما اكتنفه من عمليات فساد وغسل للأموال، كانت مجموعة هائل سعيد أنعم من بين أهم أطرافها.
الناشط سامح جواس، علَّق على التحذيرات الواردة في التقرير بالقول: “مجموعة هائل سعيد أنعم أول ما سمعوا عن توقيع اتفاقية تمديد الوديعة السعودية، ودخول آخر دفعة منها لحساب البنك المركزي اليمني سفخوا بيان عاجل حذروا فيه من أزمة قمح مفاجئة ستؤدي لمجاعة كارثية في اليمن”، معتبراً أن الهدف من التقرير وبتلك اللهجة التهويلية “لطش الدفعة الأخيرة التي دخلت حسابات البنك من الوديعة السعودية، التي سبق أن استحوذت المجموعة على نصفها بشكل غير مشروع”، في إشارة إلى ما كشفه تقرير الخبراء العام الماضي.
ومن قبيل السخرية، نشر الناشط م. هاني محمد الكازمي، على تويتر تدوينة تحت هاشتاغ #قصة_قصيرة، أشار فيها إلى أنه بمجرد تسليم الوديعة للبنك المركزي بعدن، أصدرت مجموعة هائل سعيد أنعم بياناً حول خطورة مستوى إمداد القمح بسبب الصراع في أوكرانيا، مضيفاً: “طيور هائل سعيد تروّج للموضوع، يعني يا حكومة سلموا هائل سعيد الدعم الخاص بالقمح.. و#شكرا”.
الخبير الاقتصادي علي أحمد التويتي، من جهته قال إنه من غير المعقول أن مجموعة هائل سعيد أنعم التي تعمل في استيراد القمح منذ 80 عاماً، والتي تملك الأموال اللازمة لتمويل عمليات الاستيراد مهما بلغت، لا يمكن أن تجد صعوبة في هذا المجال، وكذلك بقية التجار المستوردين للقمح منذ عقود، مضيفاً، في منشور على فيسبوك، موجهاً الخطاب إلى مجموعة هائل سعيد أنعم: “ما فهمته من البيان أنكم تريدون الوديعة، يتم فتح اعتمادات لكم منها، وتضمنكم السعودية عند منتجي القمح، خاصة أنكم لا بتشتروا لا من روسيا ولا أوكرانيا بل من أستراليا”.
وتابع التويتي: “على ما يبدو أنها (أي الوديعة) حلال عليكم كسابقاتها، وهذه المرة بحُجة مقنعة وتخوّف مقنع على الأقل، ولو فيه دولة مثل بقية العالم باتستورد القمح بنفسها، بعيد عن الاستغلال الفاضح من قبل الموردين”.
وأشار اقتصاديون إلى أن أهدافاً تتعلق بمصالح خاصة، يخفيها هذا التحذير الصادر من مجموعة تجارية كشف تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي الصادر في يناير 2021 انخراطها في عمليات الفساد وغسل الأموال، التي صاحبت عملية صرف الوديعة السعودية لدى البنك المركزي بعدن، حيث أكد التقرير أن مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية وحدها، حصلت على 872 مليون دولار من الوديعة السعودية في البنك المركزي بعدن بتسهيلات حكومية، واستفادت أيضاً من فارق الأسعار الناتج من نصيبها في الوديعة، لتحقق أرباحاً غير مشروعة بمبلغ 194 مليون دولار.
وبحسب التقرير، يرى الفريق هذه القضية على أنها فعل من أفعال غسل الأموال والفساد التي ترتكبها المؤسسات الحكومية، متهماً البنك المركزي والحكومة بالتواطؤ مع الشركات والشخصيات السياسية ذات المكانة الكبيرة، لصالح مجموعة مختارة من التجار ورجال الأعمال المتميزين، على رأسهم مجموعة هائل سعيد أنعم، على حساب فقراء اليمن، مما أثر في حصولهم على الإمدادات الغذائية الكافية، الأمر الذي يُعدّ انتهاكاً للحق في الغذاء.
وبالعودة إلى الاتهامات التي تضمنها تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع لمجلس الأمن، لمجموعة هائل سعيد أنعم في ما يخص ملف تمويل عمليات الاستيراد من أموال الوديعة السعودية، خلال الأعوام من 2018 إلى 2021، كانت تقارير صحافية كشفت بالوثائق عن عمليات فساد كبيرة في المضاربة بالعملة اليمنية، نتيجة عمليات المصارفة التي ظل يجريها البنك المركزي اليمني بعدن، لصالح شركات مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، التي تعمل في مجال استيراد السلع الغذائية الرئيسية.
وحسب التقارير المدعمة بالوثائق، فقد استأثرت 8 شركات تابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم بنحو نصف الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، إذ بلغت الاعتمادات التي ذهبت لهذه الشركات 909 ملايين و592 ألفاً و843 دولاراً أمريكياً، بما يوازي 416 ملياراً و890 مليوناً و897 ألفاً و147 ريالاً يمنياً، وبفوارق في عمليات المصارفة بلغت 122 ملياراً و779 مليوناً و38 ألفاً و125 ريالاً، أي ما يعادل 203 ملايين 947 ألفاً و74 دولاراً أمريكياً.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً