تقرير خاص – يمن إيكو
برؤيةٍ خارجية رسمتها أمريكا والمؤسسات المالية التابعة لها، أصدر البنك المركزي اليمني في عدن حزمة قرارات، قال إنها ستعزز دور البنوك في الاقتصاد الوطني، وسط تحذيرات من أن استمرار اعتماد حكومة هادي على الدعم الخارجي، والسياسة المالية الأمريكية، سيعمقان الانقسام المالي في البلاد وتداعياته، ويلحقان أضراراً بالغة بقيمة الريال اليمني.
حزمة التشريعات- التي قال البنك على موقعه الإلكتروني إنه أصدرها بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والوكالة الأمريكية للتنمية- شملت قرارات بشأن: إصدار اللائحة التنظيمية لشروط وإجراءات منح تراخيص البنك ومزاولة العمل المصرفي، ورفع رأس مال البنوك العاملة في الجمهورية اليمنية، وتعديل نسبة الاحتياطي القانوني الواجب على البنوك احتجازه من الأرباح السنوية، وتعديل بعض مواد القرار رقم (12) لسنة 2010م بشأن اللائحة التنفيذية لقانون بنوك التمويل الأصغر رقم (15) لسنة 2009م، وإنشاء لجنة التراخيص في البنك المركزي اليمني- عدن.
وأكد بيان صادر عن البنك، أن الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لكل بنك مرخص له بالعمل في اليمن، بما في ذلك فروع البنوك الأجنبية، سيرتفع بموجب تلك القرارات من 6 مليارات ريال سابقاً، إلى 45 مليار ريال (37 مليون دولار تقريباً)، وخمسة مليارات ريال رأس المال لكل بنك تمويل أصغر يرخص له بالعمل في البلاد.. مشترطاً أن يستوفي كل مصرف ما لا يقل عن 20% من الزيادة المطلوبة سنوياً حتى انتهاء مدة الاستيفاء في 31 يناير 2027م.
وتأتي هذه القرارات المستندة إلى تخطيط أمريكي ومزيد من الوعود بالدعم، في ظل تواصل انهيار العملة المحلية أمام الدولار، حيث سجل سعر الصرف اليوم الخميس- أي بعد يوم واحد من إعلان البنك قراراته- قرابة 1300 ريال يمني للدولار الأمريكي الواحد، قافزة من 1245 ريالاً للدولار مساء أمس الأربعاء. وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وزيادة حادة في أسعار السلع الغذائية في مناطق سيطرة التحالف.
وفيما نقلت وكالة رويترز العالمية عن محللين محسوبين على هادي، تأكيدهم أهمية القرارات، وأنها ستعمل على سحب البساط من قطاع الصرافة، أو على الأقل التخفيف من حجم الأموال لدى شركات الصرافة؛ يرى مراقبون أن القرارات تأتي في سياق محاولة حكومة هادي الضغط على البنوك- التي توجد المراكز الرئيسية لأغلبها في صنعاء- لنقل عملياتها المالية والمصرفية إلى عدن.. مشيرين إلى أنه من الصعب على حكومة هادي إجبار البنوك على التحول إلى عدن.
الجديد في القرارات، وفق المراقبين، يتمثل في التعاون المعلن مع أمريكا ومؤسساتها المالية الدولية، كتصعيد جديد من قبل الرباعية الدولية للحرب الاقتصادية في اليمن، وفق مسار وجهته- هذه المرة- قطاع الصيرفة والبنوك، بدليل صدور القرارات وسط أنباء عن مساعٍ أمريكية لتهدئة عسكرية في اليمن، متجاهلة ضرورة التهدئة الاقتصادية، بل بدلاً من مسار التصعيد العسكري، تمضي الحرب باتجاه استهداف قيمة الريال اليمني من جديد، عبر تعميق الانقسام المالي.
ومن منظور إجرائي، فقلة من البنوك التجارية والإسلامية في مناطق حكومة صنعاء، قد تتعامل مع قرارات البنك بإيجابية، طمعاً بتنشيط عملها في القطاع المصرفي الذي يواجه جموداً كبيراً بسبب الحرب، وطمعاً بتدفق السيولة النقدية التي وُعدت بها في بيان مركزي عدن.. لكن ما يخيفها- وفق مصرفيين- هو فشل البنك في الوفاء بوعوده كما فشلت حكومة هادي في الوفاء بوعودها أمام الأمم المتحدة- لحظة قرّر هادي ومن ورائه التحالف نقل البنك المركزي إلى عدن- بصرف مرتبات كافة موظفي الجمهورية اليمنية، لكنها بدت في الواقع أعجز من أن تصرف بانتظام مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها.