يمن ايكو
أخبارتقارير

ما هي التحديات التي ستواجه البنك المركزي في عدن جراء أزمة الوكالة الأمريكية للتنمية؟

يمن إيكو|تقرير:

يواجه البنك المركزي اليمني في عدن تحديات خطيرة قد تضعه أمام شلل حتمي لبعض خدماته وأنظمته المالية المرتبطة بالوكالة الأمريكية للتنمية، التي أقرت إدارة ترامب، الإثنين، ضمها إلى وزارة الخارجية، وتسريح العشرات من موظفيها، وحجب موقعها الإلكتروني، وسط اتهامات للوكالة بالتطرف والإجرام، الأمر الذي أحال إلى الذاكرة ما كان موقع “يمن إيكو” قد كشفه في تقارير سلطت الضوء على الدور المشبوه للوكالة في مؤسسات الحكومة اليمنية وبنكها المركزي في عدن.

ومنذ الأحد وحتى اللحظة، ظل موقع “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” خارج الخدمة خلال عطلة نهاية الأسبوع، في ظل استمرار إدارة الرئيس دونالد ترمب في دراسة إغلاقها وإيقاف المساعدات الخارجية الأمريكية، قبل أن تتطور أزمتها خلال الساعات الماضية، ليطلق ترامب اتهامات واسعة نعت فيها مديري وموظفي الوكالة بالمتطرفين، ويعلن ضمها إلى وزارة الخارجية، وفق ما نشرته شبكة الـ “سي إن إن” الأمريكية.

وأدى عدم وصول المستفيدين إلى موقع الوكالة usaid.gov إلى حالة ارتباك مؤسسي في حكومات الدول المستفيدة من المساعدات الأمريكية، كحكومات أفريقيا وأوكرانيا، والحكومة اليمنية التي ظلت الوكالة- منذ عام 2017م- متحكمة بها بل وراسمة للسياسات المالية والنقدية للبنك المركزي في عدن، وسط تدهور غير مسبوق لقيمة الريال اليمني أمام الدولار وانحسار مستمر لقدرات المواطنين الشرائية.

وتستخدم الوكالة أذرعاً مالية واستثمارية تتمثل في شركات وجماعات من الخبراء يتولون تصريف تدفقات الأموال والمساعدات الخارجية وفق اتفاقيات تعقدها الوكالة أو من يمثلها مع الحكومة اليمنية أو بنكها المركزي كطرف مستفيد من الخدمات والاستشارات التي تقدمها الوكالة عبر شركائها، كشركة كيو 2 الأمريكية المتخصصة في تقديم الاستشارات والدراسات للحكومات، والتي أكدت موافقتها على فتح مكتب في عدن، وفق ما صرح به رئيسها التنفيذي ديفيد هاردن لدى لقائه محافظ البنك المركزي بعدن أحمد المعبقي، في منتصف مارس 2023م.

وفي أعقاب نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، تزايد استحواذ وسيطرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على البنك المركزي اليمني في عدن، بدءاً من هيكلة القطاعات وإعادة تشكيل البنية الفنية، ووصولاً إلى التأثير المباشر في السياسات المالية، وإطلاق مبادرات وأنظمة مالية ومعالجات متعددة في نشاط تطلق عليه الوكالة “الشراكة وتقديم الدعم الفني للبنك المركزي بعدن”، تحت شعار الحد من تدهور العملة وتطوير الأداء الوظيفي للبنك وتمكينه من فرض سلطاته على عائدات الموارد المتدفقة من المحافظات الواقعة في نطاق الحكومة اليمنية، لكن كل ما حصل هو العكس تماماً.

وفي سبتمبر 2022م نشر البنك المركزي في عدن وثيقة اللائحة التنظيمية لأنظمة الدفع، على موقعه الإلكتروني، مؤكداً أنه قام بموجب الصلاحيات المخولة له، وبدعم فني مقدم من البنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية بإصدار كل التعليمات التي اشتملت عليها اللائحة التنظيمية لأنظمة الدفع، وجميع الاختصاصات المتعلقة بالتعامل مع متطلباتها، ما يعني ربط أنظمة الدفع بسياسة وأنظمة الوكالة الأمريكية، التي قد تتأثر كثيراً بالشلل المفروض عليها من قبل إدارة ترامب.

وتسيطر الوكالة على مفاصل القرار السياسي والاقتصادي للحكومات التي تعتمد عليها ومنها الحكومة اليمنية وبنكها المركزي في عدن، تحت شعارات إنسانية كشف عن زيفها إيلون ماسك، اليوم الإثنين، مؤكداً أن الوكالة عبارة عن “منظمة إجرامية” تمول أنشطة مشبوهة منها أبحاث الأسلحة البيولوجية التي تقتل ملايين البشر، غير أن الأخطر هو ما أكده مايك بنز، المدير التنفيذي لـ”مؤسسة الحرية على الإنترنت” بأن الوكالة تدير برنامجاً عالمياً للرقابة على الإنترنت، والذي يجمع مئات المنظمات غير الحكومية المعنية بالرقابة في شبكة مشتركة، والهدف المعلن الصريح لهذا البرنامج هو الضغط على الحكومات الأجنبية لإقرار قوانين وأنظمة للرقابة على الخطاب على وسائل التواصل الاجتماعي”.

ويؤكد هذا الانكشاف الكبير للأدوار المشبوهة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ما كان قد نشره موقع “يمن إيكو” من تقارير تؤكد انخراط الوكالة في إجراءات التصعيد الاقتصادي ضد حكومة صنعاء من خلال عقد اتفاقيات مع البنك المركزي في عدن لتصميم نظام رقابة (تديره الوكالة بالكامل) على التحويلات المالية من الخارج إلى مناطق سيطرة حكومة صنعاء، من أجل فرض قيود على البنوك والمصارف العاملة، أفضت تلك الاتفاقيات إلى قرار البنك المركزي في عدن نقل مقار البنوك والمصارف الخاصة من صنعاء إلى عدن، قبل أن يلغى القرار تحت ضغط الرياض المدفوع بتهديدات أطلقها قائد حركة أنصار الله اليمنية، عبد الملك الحوثي، بمواجهة ذلك باستهداف البنوك السعودية مقابل استهداف بنوك صنعاء.

وتبعاً لما سبق، فإن الاستراتيجية الإعلامية لتعزيز نهج الشفافية للبنك المركزي اليمني في عدن التي أطلقها برنامج الانتعاش الاقتصادي وسبل العيش الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية برعاية البنك في 13 مارس 2023، لم تكن سوى إجراء تهدف الوكالة من خلاله إلى الإحاطة بأدق التفاصيل والبيانات البنكية واحتياطاته من العملات الصعبة، بهدف إكمال دائرة التحكم والسيطرة على التدفقات الخارجية واستنفادها في مشاريع تنفذها الوكالة أو أذرعها الاستثمارية.

إن استيلاء وزارة الخارجية الأمريكية على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وكذلك تسريح موظفيها، وإعادة هيكلتها، بعد أن كانت تشكل الذراع الاستشاري في السياسات المالية للبنك المركزي في عدن قد يلقي بتأثيرات وتداعيات محورية على سير أعماله الخدمية المصرفية والمالية، خصوصاً الأعمال ذات الصلة بأنظمة الدفع والتعاملات الدولية المرتبطة بالوكالة، بالإضافة إلى توقف المشاريع التقنية والتحديثية لأنظمة البنك، التي كانت تمولها الوكالة.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً