يمن إيكو|ترجمة خاصة:
قال “المجلس الأطلسي” للدراسات، وهو مركز أبحاث أمريكي، إن حرب غزة كشفت حدود قدرات الأنظمة الدفاعية الصاروخية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيراً إلى أن هجمات حماس وقوات صنعاء وحزب الله وإيران أثبتت إمكانية التغلب على هذه الأنظمة، وكشفت عن مشاكل تشغيلية ودبلوماسية واستراتيجية كبيرة تعيق فعالية هذه الأنظمة وخطط نشرها.
ونشر المركز، يوم الجمعة، تقريراً رصده وترجمه موقع “يمن إيكو”، جاء فيه أن “حرب غزة تمثل قصة تحذيرية حول ما يمكن أن يحققه الدفاع الصاروخي، وما ينبغي أن يحققه، وأين يفشل”، مشيراً إلى أنه “لا شك في أن أنظمة الدفاع الصاروخي أظهرت تقدماً تكنولوجياً وقدرة على منع وقوع إصابات جماعية نتيجة لوابل من الصواريخ المعادية، ولكن حرب غزة أظهرت أيضاً أن الدفاع الصاروخي ليس بالقدر نفسه من الفعالية ضد الطائرات بدون طيار، وكثيراً ما تعوقه صعوبات التنسيق الدولي، ولا يمكنه في حد ذاته أن يوفر الردع والاستقرار الإقليمي”.
وبحسب التقرير فإن “انتشار الأنظمة غير المأهولة يمثل تحدياً مستمراً للدفاع الصاروخي، فبسبب حجمها وقدرتها على المناورة، يمكن للطائرات بدون طيار التهرب من الاكتشاف، وقد تمكن حزب الله والحوثيون في كثير من الأحيان من تجنب رادارات جيش الدفاع الإسرائيلي، وعلى سبيل المثال، في يوليو 2024، نجح الحوثيون في ضرب مبنى في وسط تل أبيب (بالقرب من فرع السفارة الأمريكية في المدينة) باستخدام طائرة بدون طيار انتحارية صغيرة”.
واعتبر التقرير أن “حدة هذا التحدي الذي تمثله الطائرات بدون طيار قد تشتد مع قيام إيران وحلفائها بتحسين تكتيكات الهجوم الجماعي التي تمكنهم من دمج طائرات بدون طيار متعددة في أسطول واحد قادر على التواصل والعمل معاً، وفي وقتٍ ما من العقد المقبل، قد يؤدي إدخال الذكاء الاصطناعي إلى تسريع حجم هذا التهديد”.
وأضاف: “على المستوى التشغيلي، قد يكون الدفاع الصاروخي أكثر فعالية اليوم، لكن تنفيذه أصبح معقداً بشكل متزايد، ولكي نكون دقيقين، يجب أن نشير إلى الدفاعات الصاروخية التي لا يوجد فيها حل واحد يناسب الجميع في هذا المجال، إذ يتطلب اعتراض الصواريخ قصيرة المدى أو الطائرات بدون طيار أنظمة تختلف عن تلك المستخدمة ضد الصواريخ الباليستية متوسطة المدى أو كروز”، مشيراً إلى أن “هذا يطرح سلسلة من التحديات العملياتية للقوات المسلحة الأمريكية، مثل متطلبات تدريب أفرادها والحاجة إلى ضمان عدم التضارب في المجال الجوي، وبالإضافة إلى ذلك، يجب على القيادة المركزية الأمريكية أن تتعامل مع الاحتياجات المحددة لكل من شركائها، فقد تم تصميم الأنظمة الأمريكية وفقاً لمتطلبات التشغيل البيني الخاصة بها، وعلى النقيض من ذلك، فإن البلدان الأخرى تتبع احتياجاتها الخاصة”.
وأوضح التقرير أن “الطبيعة المتعددة الجنسيات للتعاون في مجال الدفاع الصاروخي تجلب معها تحديات دبلوماسية”، مشيراً إلى أن “شركاء الولايات المتحدة مثل السعودية والإمارات وقطر ما زالوا مترددين في تعميق تكامل شبكات الدفاع الجوي الخاصة بهم، إذ يحمل تعزيز هذه الأمور آثاراً كبيرة على السيادة الوطنية لكل دولة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتبادل البيانات الاستخباراتية بين الدول المجاورة أو الموافقة على أتمتة عملية اتخاذ القرار في سيناريوهات اعتراض الصواريخ”.
وأضاف: “إن هذه القضايا حساسة بالفعل بين حلفاء الناتو، ومع ذلك، على الأقل في السياق عبر الأطلسي، يمكن مناقشتها وصقلها في مؤسسات مثل مجلس شمال الأطلسي، أو اللجنة العسكرية، أو المقر الأعلى لقوى الحلفاء في أوروبا، وعلى النقيض من ذلك، يفتقر الشرق الأوسط إلى هيكل مماثل”، مشيراً إلى أن هذا يترك القيادة المركزية الأمريكية وحيدة.
وقال التقرير إن “العقبة الكبرى الأخرى أمام إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الإقليمي في مجال الدفاع الصاروخي تتمثل في تردد الدول العربية في الإعلان عن تعاونها العسكري مع الجيش الإسرائيلي بعد حرب غزة”.
وأضاف: “صحيح أن هذه الدول لم تمانع في التعاون مع القيادة المركزية الأمريكية وجيش الدفاع الإسرائيلي ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية في أبريل وأكتوبر 2024، ومع ذلك، في كلتا الحالتين، اقتصرت مساهمة الخليج على مشاركة بيانات الرادار الخاصة بها مع نظيراتها الأمريكية”.
واعتبر التقرير أن “التحدي الأكثر أهمية الذي يواجه الدفاع الصاروخي يكمن في المستوى الاستراتيجي، ويتلخص هذا التحدي في حقيقة مفادها أن قيمة الردع التي يوفرها الدفاع الصاروخي تبدو محدودة بعد حرب غزة”.
وأوضح أن “فكرة الدفاع الصاروخي كرادع كانت مثيرة للجدل دائماً، فقد افترضت أن الخصوم سيتخلون عن خططهم الهجومية بسبب التفوق الساحق للدفاع الصاروخي. ومع ذلك، أظهرت حرب غزة أن هذا الافتراض لم يكن قائماً في سياق الصراع، فبعد عقد من الهجمات الصاروخية، لم تردع القبة الحديدية حماس التي فاجأت الجيش الإسرائيلي بهجوم بري في 7 أكتوبر 2023، حيث كان وابل الصواريخ مجرد مكون ثانوي، وعلى نحو مماثل، واصل الحوثيون حملة المضايقة ضد السفن التي تعبر البحر الأحمر طوال حرب غزة على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها البحرية الأمريكية وشركاؤها لوقف عدوانهم وردعه، وهذا يدل على أن الدفاع الصاروخي لا يمكنه ردع الجهات الفاعلة غير الحكومية بشكل فعال”.
وتابع: “بالإضافة إلى ذلك، تشير الهجمات المتكررة من إيران على أراضي إسرائيل إلى أن طهران لم تردع أيضاً”، مشيراً إلى أن “نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي لم يضغط على طهران لتقليص أو التخلي عن هجومها”.
واختتم التقرير بالقول إنه: “لا ينبغي لأحد أن يتوهم أن التقدم في الدفاع الصاروخي، مثل تحسين معدلات الاعتراض أو تحسين التنسيق مع الحلفاء والشركاء الإقليميين، يخلق الاستقرار الإقليمي من تلقاء نفسه”.