يمن إيكو|تقرير:
يتعرض أرخبيل سقطرى اليمني، الذي يُعدُّ أهم محمية طبيعية في العالم، إلى عملية عبث متواصل وتدمير لنظام التنوع النباتي البيئي الفريد، على يد مؤسسات إماراتية تنشط تحت عناوين الأعمال الخيرية والإغاثية، كان آخرها إدخال آلاف الشتلات الزراعية من النوع الغازي إلى الأرخبيل، وهو ما يهدد تنوعها البيولوجي.
وحسب ما ذكره موقع ” سقطرى أون لاين” التابع لمؤسسة خليفة الإماراتية ورصده “يمن إيكو”، فإن القطاع الزراعي بشركة المثلث الشرقي القابضة التابعة للإمارات دشن، الخميس الماضي، توزيع دفعة جديدة من الشتلات الزراعية لمختلف أصناف الخضار والفواكه في محافظة سقطرى، تحت مزاعم مبادرات زراعية تهدف إلى دعم الأمن الغذائي وتعزيز الاكتفاء الذاتي لأهالي الجزيرة.
وأوضح أنه “تم تسليم تلك الشتلات إلى معرفي المراكز السكانية تمهيداً لتوزيعها على الأسر التي تهتم بالزراعة، حيث شملت الدفعة الاولى 8 آلاف شتلة زراعية متنوعة من الشمام، والبطيخ، والفلفل الحار والعادي، والطماطم، والكوسا، والباذنجان”.
وأثارت هذه الخطوة المدعومة من مندوب الإمارات في الجزيرة اليمنية، خلفان المزروعي، استياءً واسعاً في أوساط خبراء البيئة المحليين، ومن بينهم رئيس مؤسسة سقطرى للتراث الثقافي والطبيعي أحمد الرميلي، الذي استنكر ذلك في منشور على صفحته بمنصة “فيسبوك”، رصده موقع “يمن إيكو” بدأه بالمثل الذي يقول “كمن يبيع ماء زمزم في مكة”، مبدياً استغرابه من هذا الحدث حيث قال “شتلات تجلب إلى سقطرى لتوزيعها!!!”.
وأضاف “لا شك أن من يوزعون الشتلات يعلمون أن سقطرى تعد حديقة طبيعية كبيرة، تحوي أكثر من 800 نوع من النباتات المختلفة، منها أكثر من 100 نوع لا توجد في العالم، إلا في سقطرى”.
وتابع “لا شك أنهم يعلمون أن هناك قوانين صارمة تمنع إدخال النباتات إلى سقطرى، كما تمنع إخراجها”.
واختتم الرملي منشوره بالتساؤل: “بما أنهم يعلمون فلماذا يفعلون ذلك؟ في الحقيقة أعيتني الإجابة”.
وفي تعليق على المنشور قال الدكتور محمد منصور المليكي “إذا كانت من خارج الجزيرة فهذا خطر يهدد الحياة النباتية في الجزيرة، وتعد نباتات غازية”، مضيفاً “نرجو التعرف على هذه النباتات ومصدرها والأماكن التي تم زراعتها فيها، لافتاً إلى أن المسؤولية جماعية والكل مسؤول عن هذه المنطقة الفريدة من نوعها في العالم.
وكان مسح ميداني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم “يونسكو” قد كشف عن تهديد خطير تشكله الأنواع الغازية على الاقتصاد المحلي والتنوع البيولوجي في جزيرة سقطرى اليمنية.
ورصد المسح ما لا يقل عن 126 نوعاً غريباً من الكائنات الغازية، تهدد التنوع البيولوجي في جزيرة سقطرى اليمنية، مشيراً إلى أن غالبية تلك الأنواع الغريبة نباتات تم استيرادها لاستخدامها في الزراعة المحلية أو لأغراض الزينة، ولكن بعض الحشرات وصلت أيضاً إلى الجزيرة لتشكل خطراً على الأنواع المحلية يتمثل في نشر الأمراض والآفات الزراعية، وبالتالي تقويض الاقتصاد الهش للأرخبيل.
يذكر أن مواطنين في جزيرة سقطرى أفادوا، في وقت سابق، بأن المئات من أشجار النخيل في الجزيرة تعرضت للموت، بعد أن قامت مؤسسة خليفة الإماراتية برشها بمبيدات مجهولة، في ظل صمت الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية المختصة بالبيئة، حسب قولهم.
وتتميز جزيرة سقطرى اليمنية، التي تم تصنيفها عام 2003 كإحدى المحميات الطبيعية الحيوية، وأدرجت عام 2008 كأحد مواقع التراث العالمي “لليونسكو”، بأنها واحدة من أكثر الجزر الغنية والمتميزة بالتنوع البيولوجي في العالم، وبأنها تمتلك العديد من المميزات والخصائص التي تميزها عن غيرها من المناطق السياحية.
وحسب “اليونسكو”، فإن الجزيرة، التي تسيطر عليها حالياً دولة الإمارات منذ عام 2018، تضم أكثر من 800 نوع من النباتات، ثلثها متوطن لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض مثل شجرة دم الأخوين واللبان السقطري، بالإضافة إلى وجود أنواع عديدة من الحيوانات والطيور النادرة.
كما تنفرد البيئة البحرية للجزيرة بـ 253 نوعاً من الشعاب المرجانية، و733 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السلطعون وجراد البحر والروبيان، ما جعلها من أكثر المناطق غرابة في العالم.
وأواخر أغسطس الماضي، شن ناشطون يمنيون حملة شعبية واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد ما أسموه “الاحتلال الإماراتي” لجزيرة سقطرى اليمنية وتدميرها وإنشاء قواعد عسكرية عليها، وسط مطالبات برحيل القوات الأجنبية من الأرخبيل.