يمن ايكو
أخبار

شاهد| يمنيون يتعرضون لأخطر عمليات احتيال مالي واستدراج ينفذها مصريون

يمن إيكو|خاص:

تزايدَت في الآونة الأخيرة عمليات الاحتيال الهاتفي على اليمنيين من خلال اتصالات دولية يتلقونها، خصوصاً من مصر وتركيا، حيث يحاول المحتالون استدراج ضحاياهم بطرق مختلفة، تغري المستهدف بحصوله على: رصيد بنكي باسم شخص متوفى مشابه لاسمه، أو حظٍ في ممتلكات عقارية وتجارية كتبت باسمه في وصية مالكها المتوفى، أو نصيب في كنز عُثر عليه بعد رؤيا للنبي أو أحد من الصالحين وذكر فيها للرائي اسم الشخص المستهدف، وغيرها من الحيل والادعاءات التي ينساق بعض الأشخاص وراءها من منطلق جهلهم وإيمانهم بالخرافات والغيبيات، ما يجعلهم ضحايا سهلة للمحتالين، إما بتحويل أموال باهظة أو بسفرهم إلى تلك البلدان فيتم السطو على كل ما يمتلكون.

موقع “يمن إيكو” تتبع العديد من قصص محاولات الاحتيال الهاتفي التي تعرض لها عدد من الأشخاص الذين كانوا مستهدفين بالاستدراج إلى فخ الثراء الوهمي، مستنتجاً طرق حصول المحتالين على أرقام وبيانات الأشخاص، وأساليب الاحتيال عليهم، وأنواع الضحايا.

فضول التواصل
كان “أ ح م” 45 سنة، عدن، يمشي في زحام السوق، عندما رن هاتفه فلم يسمعه، وعند عودته إلى المنزل، وجد أنه رقم دولي بمفتاح جمهورية مصر العربية (0020)، ومن باب فضول التواصل رن “أ ح م” على الرقم، وفوجئ بصاحبه المصري يتصل مباشرة مرحبّاً به اسماً وصفةً: “إزيك يا أستاذ “أ ح م” أخبارك إيه؟ وأخبار الأولاد؟ معك ” أبو زكي” من صعيد مصر.

رد عليه “أ ح م” أهلا حياك، الحمدلله، فقال أبو زكي: “أتمنى ما أكون أزعجتك، أو أكون اتصلت بك وأنت مشغول، ولكن معي لك بشارة خير، أرجو أن يكون بيننا تعاون حتى تأخذ ما كتبه الله لك، سأبعث لك التفاصيل على الواتس، تحياتي”.

وأضاف “أ ح م” لـ”يمن إيكو”: بعد يومين وصلتني رسالة صوتية من الرقم نفسه: صباح الخير، ازيك يا.. يا عزيزي، أختي “أم نور” الله يرحمها، توفيت قبل أسبوعين، وعندها ممتلكات وعقارات ومحلات تجارية، ورثتها عن زوجها العقيم، وقد وجدنا في أغراضها رقمك واسمك الكامل.. نتمنى نتفق على الطريقة التي تمكنك من الحصول على نصيبك من التركة”.

وقال “أ ح م”: ساورني الشك بأن قصة نصب كبيرة، وراء هذا الاتصال، فأحببت الانسياق معه بدون أن أعطيه مزيداً من المعلومات، لكنه كان يفاجئني مع كل رسالة صوتية على الواتس، بمعلومة جديدة عني وعن أسرتي ووظيفتي وأولادي، وعندما كنت أسأله عمّن أعطاه المعلومات، يقول لي: “أم نور” الله يرحمها كانت تعرفك جيداً، وقد أوصتنا بك، وما يجب أن يصلك من تركتها.

لم تنطلِ الحيلة على “أ ح م” فقد حظر الرقم- حسب قوله- لإيمانه بأنه عبارة عن نصاب، ومن الواضح أن الخطوات الاحتيالية كانت تمضي باتجاه إقناع “أ ح م” بأن له نصيباً قدرياً في ثروة المتوفى، وتبعاً لذلك فعليه السفر إلى مصر، لاستلام ذلك النصيب، ولحظتها سيطلب المحتال منه إرسال جوازه ليساعده في الحصول على التأشيرة، ثم تحويل مبلغ مالي لإتمام الإجراءات، كما حصل للبعض خصوصاً الذين يرغبون في الحصول على الثراء بدون أي تعب.

العثور على كنز
أما المواطن “خ ق” فيؤكد لـ”يمن إيكو” أن اتصالاً مشابهاً حدث له، بفارق الاسم والرقم والطريقة التي تنطوي على الاحتيال، حيث تلقى اتصالاً من رقم مصري (0020) شخص يدعى أبو عبد الله أحمد، أفاد بأنه من طرف أخيه “جمال المصري أبو يوسف” المتوفى رحمه الله، وأنه يريد الاستشارة من “خ ق” ليخلص له موضوعاً هاماً في اليمن.

ثم أتبع المحتال عبدالله تلك الرسالة بأخرى صوتية يقول فيها، إنه وأثناء استصلاح أرضه الزراعية في الصعيد، وتحديداً أثناء قيامه بحفر البئر وجد جرتين مغلقتين بإحكام، فقام بفتحهما ووجد فيهما كمية كبيرة من القطع الذهبية تزن 24 كيلو جراماً، من القروش الذهبية عيار 24. وأضاف: “شوف أنا لم أخبر أحداً من المصريين حتى الآن وقلت أخبرك أنت، لو تقدر تفيدنا في هذا الأمر، إن شاء الله حترزق معنا، أنت ثلث، واحنا تلتين”. حسب تعبيره.

وفي تاريخ 7 مايو الجاري، بعث المحتال بمقطع مرئي يتحدث فيه إلى “خ ق” شخصياً، وهو في الوقت نفسه يستعرض قطعاً ذهبية منها عملات وأخرى مربعات بحجم رأس الأصبع، وثالثة تماثيل فرعونية ذهبية مختلفة الأحجام (صغيرة وأصغر)، كما عرض كيساً أبيض وسلة خزفية فيهما مجموع القطع الأثرية والتي تبدو كثيرة جداً.

كانت الفكرة هي أن يقتنع “خ ق”- حسب قوله- بأن يقوم ببيع الذهب في اليمن، كوكيل تجاري لصاحب الكنز (المحتال) الذي توهم أن “خ ق” بات مقتنعاً بالعرض المغري، فطلب المحتال منه تحويل مبلغ أولي من قيمة جزء من الذهب، ليتم شحنه إلى اليمن، لكن “خ ق” استشعر الخطر لحظتها فحظر الرقم.

حساب بنكي لمتوفى
أما الشاب “س و هـ صنعاء” فقد انساق وراء اتصال هاتفي جاءه من شخص يدعى “عاكف شكيب” وبرقم دولي يحمل مفتاح الاتصالات الدولي لـ”تركيا” (90+) يخبره بأن حساباً بنكياً مسجلاً باسمه نفسه، أحد بنوك تركيا وأن صاحبه متوفى، وأنه كان موظف حسابات في هذا البنك، وطالما بحث عن ورثة المتوفى أو شخص يحمل نفس الاسم واللقب، ومع انسياق “س و هـ” وراء تلك الادعاءات، وبدأ يصدق المحتال، وأنه سوف يتدبر أموره للسفر إلى تركيا، إلا أن المحتال تسرع، فطلب منه في الأخير تحويل عشرة آلاف دولار ليستكمل له إجراءات الدخول إلى تركيا، فقام بحظر الرقم.

الضحايا بالآلاف
الحالات السابقة ليست سوى ضحايا محتملة، من مئات- إن لم نقل آلاف- الأشخاص اليمنيين الذين حدث لهم هذا النوع من الاتصالات، والرسائل الاحتيالية، فمنهم من حظر الرقم أو الحساب فور اتصاله، ومنهم من مضى مع المتصل حتى استشعر الخطر بقراءته لتناقضات معينة، ومنهم من ظل ماضياً معه حتى تم إغراؤه وإحكام قبضة المحتال- بما يملكه من معلومات وأسرار- على الضحية، والحصول منه على مبالغ مالية، ومن ثم البدء بتهديده بشتى أنواع الأكاذيب والادعاءات التخويفية بإلحاق الأذى به أو بأبنائه أو أحد أقاربه.

الأهم في مسار قصص الاحتيال الهاتفي، هو أن حالات كثيرة وقعت في الفخ، وأفصحت عن تحويلها أو أحد أقاربها إلى مصر أو تركيا أو غيرها من الدول، بمبالغ باهظة، تحفظت عن ذكرها، كما نشر ما صرحت بها، خشية أن يلحقها العيب والعار وما ترتب عليهما من أذى نفسي واجتماعي، جراء الوقوع في فخاخ الاحتيال الهاتفي وتحويل أموال إلى مجهولين.

استنتاجات
ومن خلال ما جمعه موقع “يمن إيكو” من قصص وما وصلته من رسائل، فإن الأساليب الاحتيالية التي حدثت للأشخاص (الضحايا المحتملة) تشابهت وتقاربت مع بعضها، واعتمد المحتالون فيها على اللعب بعوامل وعواطف الضحايا وأحلامهم الكبيرة في الثراء، وكانت آلية الاحتيال تمضي بخطوات تقوم على مفاجأة الضحية بالكشف التدريجي عن المعلومات الشخصية، حتى يزرع المحتال الثقة في نفس الضحية المحتملة.

ومن خلال قراءات وتحليل “يمن إيكو” أقوال ورسائل الضحايا تبين أن المحتالين يحصلون على المعلومات الشخصية، إما عن مواقع الإنترنت التي تتسرب إليها نسخ من السير الذاتية للضحايا قبل سنوات، أثناء بحثهم عن التوظيف، أو من خلال اختراق حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي والاستيلاء على بياناتهم وبيانات أصدقائهم واستغلالها في مسار الاحتيال الرقمي، أو من خلال التطبيقات السائبة والمستعملة في أنظمة الآندرويد والـ “آي فون” والتي تقدم خدمات معرفة أسماء ومعلومات المتصلين على المستويين المحلي والدولي (كاشفات الأرقام)، خصوصاً وقد اتضح مؤخراً أنها تجارية استخباراتية، ولدى القائمين عليها إمكانيات الوصول إلى معلومات أكثر عن الأشخاص أصحاب الأرقام، مقابل الاشتراك الدوري برسوم يدفعها طالب الخدمة.

كما توصل موقع “يمن إيكو” إلى أن المحتالين استغلوا طفرة التكنولوجيا الحديثة، وما يتعلق بها من تطبيقات عابرة للقارات وما تقدمه من بيانات عن الأشخاص، ووظائفهم وأعمالهم، وأحياناً ينتحلون صفة موظفين حكوميين ويطلقون ادعاءات كاذبة على الضحايا بعد أن يكسبوا ثقتهم، ثم تهديدهم وابتزازهم أموالاً باهظة، إلى جانب ذلك استغل المحتالون المعلومات التي قادتهم إلى نوازع الشخص وعواطفه وإيمانه بالغيبيات وغيرها من المعتقدات الخرافية.

توصيات النجاة
ويشدد موقع “يمن إيكو” على ضرورة أن يكون المستخدم لتقنيات الاتصالات والتواصل الاجتماعي على إدراك بعدم التعاطي مع أرقام مجهولة، أو الأخذ والرد مع المتصلين المجهولين بتاتاً، بل على المستخدم القيام بحظر كل رقم مجهول يستشعر عدم الجدوى من التواصل معه، وصرف النظر عن التعامل من منطلق الغيبيات والحظ يا نصيب، وعدم استخدم تفاصيل الاتصال المتوافرة في الرسائل المرسلة إليه.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً