من إيكو| خاص:
حصل “يمن إيكو” على معلومات خاصة حول إنفاق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مبالغ طائلة على سفينة شحن كبيرة لا تناسب نشاطه ولا حاجة إلى استئجارها بصورة مستمرة، في الوقت الذي يتحدث فيه عن نقص في التمويل، لتبرير قرار وقف المساعدات عن اليمن، والذي كشف “يمن إيكو” في وقت سابق أن دوافعه سياسية.
وكشفت المعلومات التي حصل عليها “يمن إيكو”، أن برنامج الأغذية العالمي، قام باستئجار سفينة الحاويات (ELENA EF) لنقل شحنات الغذاء والمواد التابعة له من ميناء جدة إلى ميناء الحديدة بشكل دوري، وذلك مقابل مبلغ (40.000 دولار يوميا).
وتشير المعلومات إلى أن البرنامج قام باستئجار السفينة في العام 2019 بمبلغ 7000 دولار يوميا، قبل أن ينتهي العقد ويتم تجديده في أبريل 2021 بزيادة على المبلغ وصلت نسبتها إلى 82,5%.
ووفقا لهذه المعلومات فإن برنامج الأغذية يدفع للسفينة سنويا مبلغ 14.600.000 دولار (أربعة عشر مليون وستمائة ألف دولار) وهو ما يعني أن البرنامج سيكون قد دفع للسفينة 43,800,000 دولار (ثلاثة وأربعين مليون وثمانمائة ألف دولار) عند نهاية عقد الإيجار في شهر أبريل من العام القادم 2024.
والسفينة “إيلينا” هي سفينة حاويات، بنيت عام 2007، من قبل شركة JIANGSU YANGZIJIANG SHIPBUILDING CO. LTD الصينية، ويبلغ طولها 161 مترا، وعرضها 25 مترا، وحمولتها الإجمالية 16,162 طنا، وهو ما يعني أن بإمكانها حمل ما يزيد عن 600 حاوية سعة 20 قدما، أو أكثر من 300 حاوية سعة 40 قدما، وتبحر رافعة علم جزر المارشال.
لكن بيانات نشاط برنامج الأغذية تؤكد أنه لا يحتاج إلى سفينة بهذا الحجم أصلا، حيث تظهر إحصاءات مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تحقق منها “يمن إيكو” أن حمولاتها لصالح البرنامج تتراوح بين 50 و60 حاوية سعة 20 قدم، وهو ما نسبته 30% فقط من قدرتها التي تتسع إلى 600 حاوية من هذا المقاس.
وتوضح المعلومات أيضا أن برنامج الغذاء لم يكن بحاجة استئجار هذه السفينة بصورة مستمرة، وبذلك العقد المكلف، حيث تظهر إحصائيات مؤسسة موانئ البحر الأحمر ومواقع تتبع الملاحة، أن رحلات السفينة إلى ميناء الحديدة خلال عامي 2021 و2023 بلغت 32 رحلة فقط، بالإضافة إلى رحلتين صادرتين.
ووفقا لهذه الأرقام، فقد كان بإمكان برنامج الغذاء أن يستخدم سفنا ذات حجم أصغر وبكلفة أقل بكثير وبدون الحاجة إلى أي عقود طويلة، الأمر الذي كان سيوفر ملايين الدولارات، لكنه فضَّل الإنفاق على إيجار سفينة كبيرة لا يستخدم سعتها الكاملة، ولا يحتاج استئجارها بصورة مستمرة.
وبرغم أن برنامج الأغذية برر لـ “يمن إيكو” تجديد عقده مع السفينة عام 2021 والزيادة الكبيرة في الإيجار بارتفاع أسعار النقل البحري عالميا، نتيجة أزمة فيروس كورونا، وأنه لم يجد سفينة بديلة، فإن المعلومات التي حصل عليها الموقع تفند هذا التبرير، فبينما يفترض أن يقدم البرنامج خدمات الشحن والنقل البحري لبقية المنظمات الإنسانية في اليمن عبر هذه السفينة، كونه من يرأس الكتلة اللوجستية، إلا أن العديد من المنظمات ترفض الشحن عبر البرنامج نتيجة ارتفاع الكلفة.
ووفقا لهذه المنظمات التي تحدثت لـ “يمن إيكو” فإن أسعار الشحن عبر السفينة “إيلينا” التابعة لبرنامج الأغذية تزيد بمقدار 3 إلى 10 أضعاف أسعار الشحن عبر الخطوط الملاحية الأخرى، وهو ما يؤكد أنه كان بإمكان البرنامج استخدام سفن بديلة أقل حجما وتكلفة، بما يناسب نشاطه، ويقلل من النفقات.
وتناقض هذه المعلومات بوضوح حديث برنامج الغذاء المتكرر عن “القيود التمويلية” التي قال إنها سبب تعليقه لتدخلاته للوقاية من سوء التغذية في اليمن في أغسطس الماضي، ثم وقف المساعدات الشهر الماضي، حيث يبدو بوضوح أن البرنامج يبدد النفقات على أمور لا حاجة لها كاستئجار السفينة “إيلينا”.
وفي سبتمبر الماضي، كشفت وثيقة نشرها عضو البرلمان اليمني علي عشال رسالة من مكتب وزير التخطيط في الحكومة إلى ممثل برنامج الغذاء العالمي في اليمن، يطالبه فيها بنقل شحنة مساعدات مقدمة من بولندا لليمن، والمقدرة بـ40 ألف طن من القمح، وتوزيعها “نظراً لعدم توفر الإمكانات المادية لنقلها” وذلك قبل أن تقوم الحكومة بالتنازل عن نصف الشحنة التي قيمتها 14 مليون دولار، لأحد التجار مقابل نقلها، الأمر الذي يوضح أن البرنامج لم يستجب لطلب الحكومة برغم استمراره بدفع إيجار السفينة.
ويؤكد التناقض بين نفقات البرنامج وحديثه عن “نقص التمويل”، المعلومات التي نشرها “يمن إيكو” نهاية الشهر الماضي، والتي كشفت أن اجتماعات البرنامج مع سلطات صنعاء وقتها شهدت إفصاح ممثلي برنامج الغذاء عن كون البرنامج غير قادر على مواصلة تقديم المساعدات دون موافقة من الولايات المتحدة، وتأكيدهم على أن الموقف الأمريكي مرتبط بشكل واضح بالهجمات اليمنية على إسرائيل، وخصوصا بعد الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية، حيث ضغطت واشنطن نحو وقف المساعدات في اليمن كليا وليس تقليصها فقط.
وقالت مصادر “يمن إيكو” وقتها إن مخازن برنامج الغذاء العالمي في اليمن مليئة بآلاف الأطنان من المساعدات الغذائية، بالإضافة إلى مخازن شركاء البرنامج من المنظمات المحلية.