يمن إيكو| تقرير:
توقع محللون سياسيون أن تحشد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الداعمة لإسرائيل، حلفاءها في المنطقة العربية (السعودية الإمارات مصر) وفي أوروبا لتشكيل تحالف دولي، لوقف تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، عقب احتجازهم سفينة إسرائيلية، الأحد الماضي، في إطار التضامن مع الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة من أكثر من شهر ونصف.
ورأى المحللون، في تصريحات لموقع “عربي21″، رصدها “يمن إيكو”، أن خطط واشنطن، القادمة لن تتخلى عن السيطرة على المضيق الأهم للتجارة بين آسيا وأوروبا، عبر نشر السفن والبوارج الحربية الغربية والإسرائيلية والعربية بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وأشاروا إلى أن التحذير الإماراتي من تداعيات استيلاء الحوثيين على باب المندب، يُعدّ حالة كبيرة من التلاقي مع الموقف الإسرائيلي، الذي يحاول تدويل القضية والتركيز على تداعياتها على التجارة العالمية، حيث وصف الأكاديمي الإماراتي، المقرب من سلطات أبوظبي، عبدالخالق عبدالله، احتجاز السفينة الإسرائيلية بأنه “أعمال قرصنة، ولا يخدم أهل غزة ولا يحرر شبراً من فلسطين”، وقال: “أكدت جماعة الحوثي الإيرانية أنها تشكل خطراً على سلامة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب”، حسب تعبيره.
ومع كل التشابكات السياسية العالمية والمصالح الاقتصادية والتجارية المتعلقة بمضيق باب المندب، والصراع الأمريكي الصيني للسيطرة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يظل القلق المصري حاضراً وبقوة بشأن التأثير المحتمل على قناة السويس من تطور الصراع، واحتمالية خسارة مصر أهم مصادر دخلها من العملات الصعبة.
الدبلوماسي المصري السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، رأى أن “حدود الرد الأمريكي والغربي والإسرائيلي المتوقع على عملية احتجاز الحوثيين سفينة إسرائيلية، هو عدم توسيع الصراع، فهم لا يريدون استدراج إيران للمعركة التي ستحسمها طهران لصالحها وضد إسرائيل”.
وتوقع الدبلوماسي المصري أن “تحاول أمريكا وأوروبا وإسرائيل لاحقاً السيطرة على مضيق باب المندب، والاستعانة بمصر والسعودية لتشكيل قوة لتأمين السفن الإسرائيلية”، موضحاً أنه “بهذا ينتقل الصراع إلى المضيق”.
ويعتقد الأشعل، أن الموقف السعودي والإماراتي والمصري، سيتلاقى مع الموقف الأمريكي والإسرائيلي، مؤكداً أن أي اضطرابات في باب المندب ستعرض قناة السويس للخطر، وقد تتوقف حركة الملاحة فيها.
لكن اللافت في حديث السفير المصري، هو تأكيده أن عملية الحوثيين كشفت “إمكانية عزل إسرائيل وتقليم أظافرها”، موضحاً أن “تل أبيب مرعوبة جداً من تلك العملية، ولا تعرف أبعادها، ولا كيف تؤمِّن سفنها ولا تلك القادمة إليها، خصوصا أن الحوثيين أطلقوا إنذاراً للسفن”، في إشارة إلى بيان قوات صنعاء الذي حذرت فيه السفن التي تتعامل مع إسرائيل أو تنقل البضائع إليها من أنها ستكون هدفاً مشروعاً.
الباحث المصري في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، من جانبه، قال إن “عملية احتجاز الحوثيين للسفينة الإسرائيلية تمثل الواقعة الأبرز خارج فلسطين منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ تهدد الملاحة الإسرائيلية بالبحر الأحمر، والتي تمثل شرياناً استراتيجياً لميناء إيلات”، لافتاً إلى أن “حالة الصمت الغربي حتى الآن تعود لحالة الارتباك”، مبيناً في الوقت نفسه أن “الرد العنيف على الحوثيين سيؤدي لمزيد من التصعيد، والتجاهل سيشجعهم على تنفيذ عمليات شبيهة”، وفق قوله.
وأضاف الباحث المصري أن “منطقة باب المندب تمثل شرياناً استراتيجياً لنقل النفط والغاز المسال من الخليج إلى أوروبا، والتجارة من الهند والصين إلى أوروبا والأمريكيتين، وبالتالي فالتصعيد والتوتر فيه يؤثر على الاقتصاد العالمي”، مضيفاً أن “الغرب ربما سيحاول أولاً نقل رسائل تهديد للحوثيين ويطالبهم بالإفراج عن السفينة، وقد يكثف انتشار دورياته أمام السواحل اليمنية”.
لكن مولانا استبعد أن “يلجأ الغرب حالياً لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الحوثيين، حيث إن ذلك قد يدفع باتجاه حدوث حرب إقليمية، متوقعاً أن تنفذ إسرائيل في المستقبل “اغتيالات ضد قادة الحوثيين”.
من جانبه، قال الخبير الدولي في إدارة الصناعات البحرية، الدكتور إبراهيم فهمي، إن “باب المندب من أهم المضايق البحرية عالمياً لخطورة موقعه الجغرافي، ليس لإقليم الشرق الأوسط فحسب، ولكن تمتد أهميته شرقاً وغرباً كشريان رئيسي تمر منه نحو 12 بالمئة من حركة التجارة العالمية سنوياً”، مؤكداً أنه “في حال تعرضه لمخاطر أمنية أو بيئية أو عمليات عسكرية سيتأثر مسار السفن من وإلى البحر الأحمر، وبحسب مقدار المخاطر يكون التأثير على حركة الملاحة بقناة السويس والموانئ المصرية وميناءي العقبة وإيلات، وهما المنفذان البحريان الوحيدان للأردن وإسرائيل بالبحر الأحمر”.
ولفت فهمي إلى أنه “لفهم ذلك نعود لما بين 6 أكتوبر، وحتى نوفمبر 1973، حيث أغلقت البحرية المصرية باب المندب، ومنعت حركة التجارة عن ميناء إيلات، ولم تصل سفينة نفط واحدة إلى إسرائيل”، موضحاً أن ذلك الإجراء “مثّل ضغطاً شديداً على إسرائيل، في ظل استخدام دول عربية منتجة للنفط استخدمته كسلاح، وقطعته عن الغرب، وارتفعت أسعاره حينها من 8 إلى 40 دولاراً للبرميل، ما شكل ضغطا على الموقف الغربي خصوصاً مع دخول شتاء 1973”.
وتوقع أن يكون رد الغرب وإسرائيل على عملية احتجاز سفينة الإسرائيلية “جالاكسي ليدر” استمرار الدعم لإسرائيل، حيث قال إن “الموقف الأمريكي والغربي المتوقع هو استمرار الدعم لإسرائيل لمواصلة العدوان الغاشم على الأطفال والنساء وكبار السن بغزة، واتباع سياسة الأرض المحروقة، وتعميق عملية عض الأصابع والمأساة الإنسانية بقطاع غزة سعياً لتهجير أهلها”، وبالتالي “فرض نكبة جديدة تضرب استقرار مصر والأردن لتوسيع دائرة الصراع خارج حدود فلسطين المحتلة، ثم السماح لإسرائيل بانتهاك مباشر وعلني للسيادة المصرية والأردنية على الحدود، بل وداخلها، ثم الانتقال للخطوة التالية لفرض واقع جديد”.
و تحدث الخبير العسكري المصري المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية اللواء نصر سالم عن تأثير تهديد الحوثيين للسفن الإسرائيلية على قناة السويس المصرية.
واستبعد اللواء نصر سالم، أن تشكل تهديدات وإجراءات الحوثيين بشأن السفن الإسرائيلية على حركة الملاحة في قناة السويس، مشيرا إلى أن هذا الأمر لن يؤثر على حركة الملاحة بالبحر الأحمر بشكل عام وقناة السويس على وجه الخصوص، ولكنه يستهدف السفن الإسرائيلية فقط.
وأشار إلى أن ما يفعله الحوثيون وما تشهده المنطقة بشكل عام سببه في المقام الأول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تقوم بها من استهداف للأبرياء، مشيرا إلى أن الضغط الإسرائيلي وهو ما أدى إلى الانفجار في المنطقة، وهذا ما حذرته منه الدولة المصرية مرارا وتكرارا بأن العملية ستخرج عن السيطرة.
وشدد الخبير العسكري المصري على أنه من غير المعقول تحميل حركة حماس مسؤولية ما يحدث الآن من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، بسبب ما حدث في 7 أكتوبر الماضي، متسائلا وقبل 7 أكتوبر ومنذ عام 1948 من الذي دفع الفلسطينيين إلى ذلك.
وكشف اللواء نصر سالم عن وجود ما يقرب من 3 تجمعات بحرية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر، والخليج العربي، ومضيق هرمز وباب المندب، مشيرا إلى أن تلك المجموعات القتالية البحرية الثلاث تشترك فيها أكثر من 22 دولة لتأمين الملاحة، مشيرا إلى أن المنطقة ليست في حاجة إلى قوات بحرية جديدة لتأمين الممرات المائية .
وشدد على ان ما يحدث حاليا هو أحد مظاهر الخروج عن السيطرة، مشيرا إلى أن الحوثيين لن يستهدفوا أي سفن أخرى، وقبل ذلك استهدف سفن أمريكية وتم الرد عليهم من قبل القوات الأمريكية ولم تتأثر حركة الملاحة الدولية، مشيرا إلى أن الأمر لن يؤثر على حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وأكد على أن إثارة مخاوف دول المنطقة من تهديدات الحوثيين باستهداف السفن وتهديد حركة الملاحة الدولية والعالمية بالبحر الأحمر، هي دعوات إسرائيلية من أجل استمالة دول المنطقة إليها، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في كل ما يحدث في المنطقة ومن توسيع دائرة الصراع هي إسرائيل فقط. وأوضح أن كافة الأمور ستصبح جيدة في البحر الأحمر وفي جميع المنطقة، مشيرا إلى أن الحوثيين لم يفعلوا شيئا مع إسرائيل قبل عدوانها على غزة، فمصدر عدم الاستقرار في المنطقة هو إسرائيل.
المصدر: يمن إيكو+RT