يمن ايكو
أخبارتقارير

تفاصيل اليوم الثالث للاجتياح.. ما حقيقة وصول دبابات إسرائيلية إلى وسط غزة؟

يمن إيكو| تقارير:

لا زالت عملية “اجتياح” الجيش الاسرائيلي لقطاع غزة، والتي تحولت إلى “توغل محدود”، تراوح مكانها عند حدود القطاع، بعد ثلاثة أيام على بدايتها، وسط مواجهات عنيفة مع المقاومة الفلسطينية التي تواصل إطلاق الصواريخ على المستوطنات والمدن الإسرائيلية، وبالرغم من وصول دبابة إسرائيلية إلى شارع صلاح الدين في وادي غزة، صباح اليوم الاثنين، والذي يبعد اقل من ثلاثة كيلو مترات عن حدود القطاع، فإن ذلك لم يمثل تقدما حقيقية بل محاولة لاستغلال منطقة “رخوة أمنيا” من أجل التقاط “صورة انتصار” سريعة لم تدم أكثر من نصف ساعة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في تصريحات تابعها موقع “يمن إيكو” إن “التقدم مستمر والعمليات البرية ستتعمق وتتوسع تدريجيا” وإن الجيش قتل “عشرات المسلحين الليلة الماضية”.

لكنه، وكما هي الحال منذ ثلاثة أيام، لم يقدم أية تفاصيل للخسائر التي يتحدث عنها، والإحصائية الواضحة التي أعلنها هي أن عدد الجنود والضباط الاسرائيليين القتلى منذ 7 أكتوبر وصل إلى ٣١٢!

ولم يحدد المتحدث الاسرائيلي إلى أين وصل “تقدم” الجيش الإسرائيلي بالضبط، بل قال إنه “لن يتم تأكيد مواقع قواتنا في غزة حتى لو ظهرت مواد على وسائل التواصل الاجتماعي” في تصريح كان يفترض أن يظهر حرصا على سرية العملية، غير أنه مثل دليلا جديدا على عدم وجود تقدم، وهو أيضا ما تشير إليه النتائج شبه المنعدمة لثلاثة أيام من التوغل.

مع ذلك، وفي محاولة لتغيير صورة هذا “الفشل” أرسل الجيش الإسرائيلي دبابات عبر مناطق زراعية خالية توصف بأنها “رخوة أمنيا” ليصل إلى شارع صلاح الدين الذي يربط شمال القطاع بجنوبه، وذلك في محاولة لالتقاط “صورة انتصار”.

بحسب تعبير خبراء، ذلك أن المنطقة التي توغل عبرها لا تحمل أية أهمية استراتيجية وقد تم قصفها بصورة شاملة خلال الأسابيع الماضية، إضافة إلى أن الجيش الإسرائيلي قد حاول التقدم عبرها في 2014 وفشل.

ويقع الشارع في وادي غزة المفتوح وغير المأهول ويمكن للدبابات الإسرائيلية الوصول إليه تحت غطاء جوي كثيف، لكن المشكلة التي لم يستطع الجيش الإسرائيلي التغلب عليها هي البقاء في المكان التي وصلت اليه الدبابات عندما تشتبك مع المقاومين وتتراجع فيه التغطية الجوية.

فبعد دقائق فقط أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية أنها اشتبكت مع دبابات الجيش الإسرائيلي في شارع صلاح الدين، لتعود بسرعة عبر الطريق الذي جاءت منه إلى حدود القطاع.

وبدا بوضوح أن هذه المحاولة جاءت في سياق صناعة صورة إنجاز للإجابة على التساؤلات المتزايدة حول نتائج عملية التوغل في غزة والتي وضع لها الجيش الإسرائيلي أهدافا وصفها الأمريكيون بأنها “غير قابلة للتحقق” بحسب نيويورك تايمز التي كشفت أيضا أنه، ولهذا السبب، تحول الاجتياح إلى “توغل محدود”.

بالمقابل، أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أنها واصلت استهداف آليات وجنود الجيش الإسرائيلي على أكثر من محور عند حدود غزة، حيث قالت كتائب “القسام” إنها استهدفت آليتين وناقلة جند حاولت التوغل شرق حي الزيتون بقذائف الياسين، وأعلنت “سرايا القدس” أنها تمكنت من إيقاع قوة إسرائيلية في “كمين محكم” بالمنطقة نفسها، متحدثة عن سقوط إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وأعلنت القسام عن “مباغتة” القوات الإسرائيلية المتوغلة شمال غرب بيت لاهيا، ومهاجمتها بقذائف الياسين والأسلحة الرشاشة، فيما قالت سرايا القدس إنها قصفت “حشدا” من الآليات الإسرائيلية المتوغلة شمال غربي غزة بوابل من قذائف الهاون.

وبالتوازي مع ذلك، واصلت الفصائل الفلسطينية إطلاق الرشقات الصاروخية على المستوطنات والمدن الإسرائيلية، حيث دوت صافرات الإنذار عدة مرات في القدس وبئر السبع وأوفاكيم ونتيفوت والنقب وسديروت ونهاريا ونتيف هعسراه وغلاف غزة.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي الصواريخ الفلسطينية أصابت مبنى ومصنعا في عسقلان ما أدى إلى وقوع أضرار.
وأعلنت سرايا القدس أنها استهدفت مستوطنات “كيسوفيم وبئيري وأفشيلوم وعين حتسور” برشقات صاروخية وقذائف الهاون.

ويمثل استمرار إطلاق الرشقات الصاروخية دليلا واضحا على عدم تأثر المقاومة الفلسطينية بحملة القصف المكثفة وغير المسبوقة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يبدو بوضوح أن الأخير لم يستطع حتى التقليل من انتشار منصات إطلاق الصواريخ والقذائف من خلال الغارات الجوية، الأمر يشير إلى أن الغرض الرئيسي من الغارات هو مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين للضغط على المقاومة.

ولا يقتصر الأمر على الاستمرار بإطلاق الرشقات الصاروخية تجاه المستوطنات، حيث أعلنت القسام، الأحد، عن إطلاق صاروخ من نوع “متبر” باتجاه طائرة صهيونية مسيرة في سماء المنطقة الوسطى، وهو ما يدلل على أن المقاومة لا زلت وبرغم القصف المكثف والغطاء الجوي الكثيف قادرة وبمرونة على تنويع خياراتها في استهداف الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يعني أنها قادرة على التصعيد في حال ارتفعت وتيرة الصراع أكثر.

وتبدو بيانات الفصائل الفلسطينية أكثر تماسكا من تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، حيث تحدد الفصائل بوضوح مواقع الاشتباكات وطبيعة الاستهدافات، بينما يلتزم المتحدث الإسرائيلي بغموض فسرته مجلة “فايننشال تايمز” البريطانية في تقرير رصده “يمن إيكو” بأنه “متعمد بهدف تقليل احتمالية انضمام إيران وحزب الله للصراع”

وأضافت المجلة بأن “حجم التوغل الإسرائيلي يدل على طموح أقل من الإطاحة بحماس ورغبة في إضعاف بنيتها وتصفية قادتها”

ويجدد ذلك التأكيد على أن عملية “اجتياح” غزة قد ولدت فاشلة بسبب التداعيات الخطيرة والخسائر الكبرى التي تحيط بها، وهو ما يعني أن “التوغل المحدود” الذي يقول الحيش الإسرائيلي أنه يقوم به الآن، بدون أي دليل، ليس على الأرجح سوى محاولة لصناعة صورة رد على عملية طوفان الأقصى التي بات واضحا أنها “حسمت” المواجهة منذ الأيام الأولى.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً