سارة نزار*
مع توقعات المحللين الاقتصاديين بأن الأزمة المالية العالمية التالية على (أواخر 2023 ـ بدايات 2024) ورفع البنوك في مختلف أنحاء العالم لأسعار الفائدة واستعداد كبار رجال الأعمال على خفض التكاليف… يزداد العبء على المستثمر الذي يهدف بطبيعة الحال إلى حماية أمواله وأرباحه، سواء بالتوجه إلى الملاذ الآمن كالذهب أو إلى الأصول اللامركزية مثل البيتكوين و بعض العملات المشفرة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه لدى كل مستثمر وهو ما موقف الكريبتو في ظل أزمة قد تتفاقم جراء الصراع في الشرق الأوسط.
التاريخ يعيد نفسه
تعَلمَ القطاع المالي العالمي الكثير منذ أزمة الرهن العقاري عام 2008 ، حيث فُرض على البنوك رفع الاحتياطي الإلزامي وزيادة السيولة المحتفظ بها والخضوع لفحوص توتر عديدة خلال السنة ، وكله بصِدد رفع الثقة بين المستثمرين والأفراد المتعاملين في القطاع المالي ، ولكن عند رؤية تداعيات رفع أسعار الفائدة عالميًا من ركود وخفض معدلات النمو وفشل عدد من البنوك الضخمة خلال السنة من أمثال Silicon Valley Bank وCredit Suisse وSignature Bank بدأت أحداث 2008 تتكرر على نطاق أكبر وبدأ معها المستثمرون يشككون بقدرة النظام العالمي المعاصر على التحمل…
فالتاريخ يعيد نفسه عندما سلطات مركزية كبيرة كالبنوك الاستثمارية تستخدم إيداعات الأفراد كسيولة لتقديم القروض العالية المخاطر بصفتها طرف ثالث “موثوق”… وعاجلًا أم آجلًا تعلن هذه البنوك إفلاسها ، مما يتسبب بفقدان العديد من الوظائف والهلع وتسارع الأفراد لسحب مدخراتهم من بنوك أخرى ويصبح الاقتصاد غير متوازن وغير مستقر.
طيف الماضي مع أزمة من الحاضر
من المعروف أن ارتفاع البطالة ومعدلات التضخم تؤدي إلى انخفاض الثقة، وهذا ما يحصل حاليًا في جميع أنحاء العالم, في نظر المستثمر الحكومات والمنظمات المالية غير قادرة على مواجهة العوامل الاقتصادية الضاغطة والسيطرة عليها وعلى تداعياتها الخطيرة التي في أغلب الأحيان يكونون هم نفسهم سببها، وبات المستثمر الآن يبحث عن بدائل للحفاظ على أمواله من تأثيرات فشلها.
في ظل حقيقة أن ما تقوم به البنوك بأموال وادخارات المستهلك خارجة عن يده… فما هو الحل؟
في ظل أزمات كانت تتراكم أساسا على عاتق الحكومة الأميركية، ما هو الحل؟
في ظل صراع ضمن الشرق الأوسط قد يكلف النظام المالي للولايات المتحدة الكثير في حال كانت الداعمة ا هو الحل؟
لاعب جديد
توجه مستثمرون كثار نحو العملات الرقمية أو بمسماها الآخر “الكريبتو”, نظرًا لأن الكريبتو يعمل بعيدًا عن أي تدخل حكومي أو سلطة مركزية تحوم حوله وتتحكم به, وأدائه الجيد في أوقات الأزمات مما كان السبب في تسميته من قبل البعض بـ “الذهب الجديد”.
ولكن الأهم هنا هو الشق الأول، فكما نعرف الكريبتو مبني على تقنية سلسلة الكتل أو الـ”بلوكتشين” التي تتبع مبدأ اللامركزية ومعاملات النظير إلى النظير, مما يعني أنه لا يوجد طرف ثالث مركزي يتدخل في العمليات المالية (كالبنوك مثلًا) مما يلغي السبب الداعي للخوف والقلق… فهو لا يعتبر عامل الثقة عنصر أساسي في المعاملات المالية!
اغتنام الفرصة
يقول البروفيسور مارتن هيزبوك: “إن العملات الرقمية ذات المنفعة الاقتصادية الحقيقية ستحقق نتائج جيدة بغض النظر عن بيئة الاقتصاد الكلي”.
فعلى الرغم من اعتقاد البعض بأن الكريبتو يصنف ضمن الأصول المضاربة وليس الأصول الاستثمارية, إلا أن الحقيقة غير ذلك. فمن يستثمر في الكريبتو عليه أن يفعل ذلك بذات الخطة والاستراتيجية التي يتبعها للاستثمار بالأسهم: عليه الاستعداد لأن يحتفظ بها لوقت طويل, وعليه اختيار العملات الرقمية المبنية على مشاريع تحتوي قيمة مضافة للمالك والاقتصاد.
في الختام ورأي المخبر الاقتصادي
تشكلت العملة الرقمية الأولى ، البيتكوين في 2009 على عاتق أزمة مالية عالمية كطريقة لحل معضلة “الثقة” وقد تكون هذه السنوات القليلة القادمة ، سنوات ستنعدم فيها الثقة أكثر و أكثر مع النظام المالي ، فكلنا يعرف أن الولايات طبعت الكثير من الأموال أثناء الحرب مع الفيتنام ، وكلنا يعرف أن التضخم بلغ معدلات كبيرة أثناء حربها مع العراق ، ومؤخراً كانت تعاني الولايات من أزمة إفلاس بنوك ، تلتها أزمة ديون ، تلتها أزمة في التضخم ، والآن على مشارف ركود ، ومع هذا كله هي على أبوب حرب ستكبدها الكثير ، لذا علينا أن نفكر بمصادر استثمار لا يتدخل فيها الفيدرالي ، وقد يكون القلق الحالي جعل أداء العملات الرقمية يتراجع إلا أنه سيشكل لدينا الكثير من فرص الدخول عندما يدفع النظام المالي ضريبة هذه الحرب.
نقلا عن موقع نقلا عن موقع انفستنج
*مخبرة اقتصادية، درست في جامعة دمشق – سوريا قسم الاقتصاد ، بالإضافة إلى دراستها للعلوم سياسية ـ تعمل لدى شركة الاستثمارات البريطانية Osh Group كمخبرة اقتصادية ومساعدة في قسم الاستثمار، مهتمة في صياغة المقالات الفنية، الاقتصادية و السياسة في ما يتعلق بأسواق العملات المشفرة.