تقرير خاص – يمن إيكو
وسط استمرار مغالطات حكومة المجلس الرئاسي المُعين من الرياض، ودفاعها المستميت عن مشروع التحالف السعودي الإماراتي التفكيكي داخل اليمن من أجل تحقيق مصالحه الاقتصادية والمادية؛ تتداعى حقائق تحكم التحالف بالموارد اليمنية يوماً بعد يوم، ليتضح البعد الشكلي والكرتوني الحقيقي للحكومة التي تدعي أنها يمنية، وأنها تنفذ إصلاحات اقتصادية لمصلحة الشعب اليمني، فيما هي لا تعدو عن كونها أداة لتحقيق مصالح التحالف في سيطرته عن الثروات والإيرادات.
وزير نقل حكومة المجلس الرئاسي المقال صالح الجبواني، كان واضحاً بما فيه الكفاية لإدراك حقيقة تداعي ما تبقى من الصورة الذهنية لحكومة الرئاسي الكرتونية في ذاكرة الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي، مكاشفاً العالم بحقيقة إدارة التحالف لموارد اليمن السيادية وسيطرته على الثروات والإيرادات، وبصورة تجعل الحكومة الموالية له مجرد أدوات لا تتحرك داخل اليمن إلا بتصاريح من التحالف.
وكشف الجبواني- في لقاء تلفزيوني مع قناة يمن شباب- عن تفاصيل مهمة خلال فترة توليه لحقيبة الوزارة التي امتدت أربع سنوات، وعن خفايا سيطرة التحالف على الموانئ والمنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية.
وأقيل الجبواني في مارس 2020م بأمرٍ من التحالف، ضمن معركة التحالف لإحلال الأدوات السابقة بأدوات جديدة، بلغت ذروتها في السابع من إبريل الماضي بإقالة هادي ومحسن واستبدالهما بستة من قادة فصائل التحالف وسابعهم العليمي؛ ليتحدث الجبواني اليوم من خارج الحكومة الكرتونية بصراحة عن طبيعة خلافه مع السفير السعودي، ورئيس الوزراء، وأسباب استبداله بأداة جديدة على رأس وزارة النقل.
وتحدث وزير النقل السابق صالح الجبواني –الذي وصل إلى الوزارة في مارس 2017م ممثلاً للحراك الجنوبي- عن كيفية إدارة المنافذ البرية التي يفترض أن تكون ضمن المهام السيادية لوزارة النقل اليمنية.. مشيراً إلى أن المنافذ أصبحت جزءاً من صراع فصائل التحالف، وصراع اليمن مع دول الجوار.
وألمح الجبواني إلى أن الصراع الذي شهده منفذ صرفيت، بمحافظة المهرة كان واضحاً بين وزارة النقل اليمنية (التابعة لحكومة التحالف) وبين قوات التحالف التي تذرعت في محاولات سيطرتها على المنفذ بكونه استخدم للتهريب من سلطنة عمان، وأن إصرار الوزارة على أن يدار المنفذ بإشراف الوزير جعل الخلاف يتصاعد مع ضباط التحالف في المنافذ اليمنية.. موضحاً أنه قام بزيارة المنافذ 3 مرات خلال عامين، وكان يواجه برفض من قبل ضباط التحالف.
وقال الجبواني: “إن المطلوب منا حسب رؤية التحالف، هو القيام بالعمل الإداري في الوزارات فقط، سواء في النقل أو في بقية الوزارات، أما في الأمور السيادية ومنها إدارة المنافذ البرية والبحرية والجوية فهي من مهام التحالف”.. مؤكداً أن التحالف هو الذي “يحدد كل شيء، سواء عدد الرحلات الجوية، أو الترخيص للرحلات، بل هم من يرخصون من يسافر من المواطنين ومن يتم منعه من السفر”.
وبيّن الجبواني أنه في قيادة وزارة النقل كوزير لا يستطيع اتخاذ القرارات المناسبة، فيما يتعلق بالموانئ والمنافذ والمطارات، وأن “مطار الريان والغيضة وعدن كلها بيد التحالف.. مضيفاً: “منعوني وأنا وزير مرتين من دخول مطار عدن، والثالثة كانوا يريدون منعي من دخول ميناء عدن”.
وفي إشارة مريرة على تنكر التحالف السعودي الإماراتي لمواقفه الداعمة والموالية لعمليات التحالف العسكرية في اليمن، لفت الجبواني إلى أن السعودية والإمارات دخلتا في خلاف شديد معه على خلفية رفضه لقرار منعه كوزير سيادي للمطارات والمنافذ اليمنية.
وعن الوظيفة المحددة لوزارة النقل في المطارات اليمنية من قبل التحالف، قال الجبواني: “كانت وظيفتنا في المطار هي التأشير على الجوازات، وترتيب صعود الركاب للطائرة، وهبوطهم منها؛ لكن الرقابة الجوية ليست بيدنا، عدد الرحلات والترخيص في الأجواء كله ليس بيدنا، وإنما بيد التحالف”.
وحول استهداف التحالف الممنهج لميناء عدن بعد سيطرته عليه، قال الوزير المقال الجبواني: “كان ميناء عدن ميناء رئيسياً تأتيه الخطوط الرئيسية، وحوّله التحالف بعد الحرب إلى ميناء فرعي”، منوها بأن “البضائع تأتي إلى جدة وإلى جيبوتي، وهناك يتم تنزيل البضائع، ويتم نقلها عبر سفن كبرى وصغرى إلى ميناء عدن، رغم أن ميناء جيبوتي عجز عن قدرته على تحمّل كل تلك الكنتيرات التي كانت تأتي محمّلة بالبضائع باتجاه اليمن وكان يتم إنزالها هناك”.
ولفت الجبواني إلى أن “البضائع تظل في الموانئ من خمسة إلى ستة أشهر، وبعضها إلى سنة، وبعضها تنتهي، قبل نقلها عبر سفن أخرى إلى ميناء عدن الذي صار يستقبل البضائع التي تأتي من ميناء جدة وجيبوتي فقط”..
مؤكداً أن البضائع حين تصل إلى عدن، يتم إنزالها في البحر، بين البريقة والتواهي، وهناك تجلس من أسبوع إلى شهر، ولا تستطيع إدارة الميناء إدخال هذه البضائع إلا بعد أخذ تصريح من التحالف بإدخالها أو رفضها.
وقال الجبواني:”هذا الأمر ذاته ينطبق على ميناء المكلا، إذ لا تستطيع أي سفينة الدخول إلا بتصريح من التحالف، وقال “حتى ميناء الضبّة النفطي ينطبق عليه هذا الأمر ولا تستطيع سفينة الدخول أو الخروج إلا بتصريح من التحالف”.
وعن دور الحكومة والرئاسة إزاء ذلك، قال الوزير صالح الجبواني:”إنه تمّ إثارة هذا الموضوع داخل اجتماعات الحكومة والرئاسة؛ لكن هذا الأمر ليس بيدهم، مؤكداً أنهم كانوا يطالبون كل من يعترض بالعمل وفق الوضع القائم، هكذا بشكل واضح”..
وفيما يتعلق بمكتب وزارة النقل في الرياض، قال الجبواني: إن هذا المكتب، كان عضو خلية الإجلاء والأعمال الإنسانية، وعمله مقتصر على أخذ أوراق إلى الخلية، والتي تقوم بالختم وعمل التصريحات فقط، بمعنى أن دوره تنسيقي فقط”.
وفي تأكيدٍ على أن الجبايات التي تفرض على التجار تذهب إلى التحالف عبر ضباطه أو إلى فصائله التي يمولها لاستدامة الصراعات؛ نفى الجبواني صحة قيام الوزارة باستقطاع جبايات على التجار، مؤكداً أن لا علاقة للوزارة بالتصاريح أبداً، وليس لها أي صلاحية في مجال الموانئ أو المنافذ أو الطيران، وأن أي شاحنة لا تدخل اليمن إلا بترخيص من التحالف، بما فيها الشاحنات البسيطة مثل الدينات وغيرها.
وفيما يتعلق بدور وزارة النقل في الإشراف على الرحلات الجوية إلى مطار سقطرى، قال الجبواني: “اجتمعنا مع السعودية والإمارات في وزارة الدفاع السعودية، وجرى بيننا حديث قاسِ، حول الغرض من تعطيل الموانئ والمطارات اليمنية، خصوصاً وأنه كان حينها قرب رمضان، وكان هناك زحمة مسافرين في الهند والقاهرة ومناطق أخرى، وخلال الاجتماع قالوا: سنزيد عدد الرحلات، فطالبناهم بالترخيص لنا للقيام بالإدارة والإشراف على المطارات، لكن الرياض رفضت بمبرر أن مطاراتنا ليست جاهزة”.
وقال الجبواني: “يريدون أن يمارسوا علينا مزيداً من الإذلال، أما السيادة فقد تم أخذها منذ بداية الحرب، وصارت بيدهم”.. مضيفاً: “كنت أنا ومجموعة من الزملاء داخل الحكومة، نطالب بإدارة وزارتنا، والعمل وفق الدستور والقانون، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات التي أدت إلى مشاحنات بيننا والإماراتيين والسعوديين”.
وحول خلاف الوزير مع السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، على خلفية شراء الخطوط الجوية اليمنية طائرة جديدة، وما أثير حينها من لغط حول دور الجبواني في عملية الشراء، والاتهامات التي وجهت له بهذا الخصوص؛ قال الجبواني: أرسل لي السفير السعودي رسالة، قال فيها: اشتريتم طائرة بقيمة 17 مليون دولار؟ فرددت عليه: “ليس لك شأن بالموضوع، هذا شأن يمني خالص، وإذا كان فيه غلط أو شيء من الفساد فعلى الحكومة اليمنية أن تقوم بالنقاش مع المعنيين في هذا الأمر”، مؤكداً أن هذا كان سبب العداء الشخصي والخلاف بينه والسفير السعودي.
وحول ميناء قنا بمحافظة شبوة المسيطر عليه من قبل القوات الإماراتية قال الجبواني:” قوات الإمارات المسيطرة على بلحاف، تعتبر قنا وبلحاف منطقة واحدة، ولما قمت بزيارة إلى هناك، قامت قوات النخبة باعتراضنا، ونصبوا لنا كميناً، ورفضوا إدخالنا للميناء”..
وحول مطار الريان في محافظة حضرموت المسيطر عليه إماراتياً أكد الجبواني أن الإمارات حولت لمطار إلى سجن ومعسكر تابع لها، مشيراً إلى أن الإمارات قامت بالتعاقد مع تاجر حضرمي لإعادة بناء المطار، وخرجت من الوزارة وهو لا يزال يطالب بفلوسه التي صرفها لإعادة بناء المطار، رغم أنه كان قد استكمل عمله”.
وتطرق الجبواني إلى تفاصيل كثيرة حول أساليب التحالف في خلق أسباب بقائه مسيطراً على الثروات اليمنية السيادية المتصلة بقطاع النقل اليمني، البري والجوي والبحري، وما يترتب على روافده من عائدات.