تقرير خاص – يمن إيكو
في مسار أجد من تباهيها بصعود مؤشر الإنتاج النفطي، كشف وزير النفط التابع للحكومة المعترف بها دولياً في لقاء تلفزيوني، أن إجمالي صادرات اليمن من النفط الخام تبلغ 3.2 مليون برميل كل شهرين، منها مليونا برميل من حضرموت، بواقع مليون برميل شهرياً، و1.2 مليون من شبوة بواقع 600 ألف برميل شهرياً.
الشماسي أشار إلى أن الحكومة بدأت منذ أسبوعين بتنفيذ خطط زيادة الإنتاج بواقع 20 ألف برميل يومياً، ما يعادل 600 ألف برميل شهرياً، ليصل إنتاج المحافظتين فقط 4.4 مليون برميل في كل شهرين، بواقع 2.2 مليون برميل شهرياً، اعتباراً من مطلع سبتمبر الجاري بعد تشغيل قطاع 5 -الذي يرتبط أساساً بالقطاع 18 النفطي- وربطه بقطاع (4) بني عياد، بخط أنبوب نفطي جديد (أنشئ بطول 82 كيلومتراً) كبديل عن أنبوب صافر-رأس عيسى. حسب ما أشار الوزير الموالي للتحالف، والذي أكد بدء عمليات التطوير في قطاع (9) بحضرموت الأسبوع الماضي عبر حفر خمس آبار، متوقعاً زيادة الإنتاج من القطاع.
ليس المهم في تفاصيل خط أنبوب نقل النفط الخام الجديد الذي يعد إنشاؤه مخالفة دستورية وقانونية استهدفت تدمير الخط الأساسي بين صافر بمأرب ورأس عيسى على ساحل الحديدة، من أجل تحويل مسار وتصدير النفط الخام للقطاعات الإنتاجية 5 و18 وS1 إلى ميناء النشيمة البترولي- بل الأهم والأخطر هو الإجابة على سؤال: كم الحجم التراكمي للنفط الخام منذ استئناف التصدير حتى نهاية أغسطس المنصرم؟ وكم العائدات المترتبة على ذلك؟ وأين تذهب إيرادات تلك الصادرات؟ في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية يعيشها اليمنيون بما فيهم أبناء المحافظات النفطية والغازية.
تلك الأسئلة، وإن تجاهلها المُحاوِر والمُحاوَر، فإن الواقع الملموس اليومي فيما يعانيه الشعب اليمني يفصح بالإجابة عنها، وإذا ما احتسبنا الحجم الإجمالي للإنتاج الشهري خلال (2019-2021) فقط لاقترانها باستقرار الإنتاج النفطي، وبناء على ما أكده الوزير الشماسي، فإن خزينة البنك الأهلي السعودي أتخمت بنحو 7.128 مليار دولار كعائدات لـ79.2 مليون برميل خلال ثلاث سنوات، بواقع إنتاجي سنوي يصل 26.4 مليون برميل، بواقع شهري 2.2 مليون برميل.
خبير الشؤون النفطية عبد الغني جغمان، وتعليقاً على اللقاء التلفزيوني لوزير النفط في الحكومة المعترف بها دولياً في الـ10 من سبتمبر الجاري، وضع مقاربة خطيرة حول عائدات النفط المباع وحصة السلطة المحلية، أشار فيها إلى أن عائدات النفط المتحصلة من حقول محافظة حضرموت منذ استئناف التصدير في 2016م بلغت 6.13 مليار دولار، على اعتبار سعر البرميل 80 دولاراً، حصة السلطة المحلية بلغت 1.22 مليار دولار أي 20% من العائدات وفق ما أفصح عنه الوزير.
فيما حققت الحكومة المعترف بها دولياً عائدات نفطية من محافظة شبوة بلغت 3.5 مليار دولار (بمتوسط سعري 80 دولاراً لكل برميل) منذ 2019م بلغت حصة السلطة المحلية منها 700 مليون دولار، وحققت الحكومة عائدات نفطية من مارب 5.1 مليار دولار منذ 2015م، وفق جغمان.
محافظات حضرموت وشبوة ومارب، رغم تلك العائدات والنسبة التي ضخت لسطاتها المحلية، شهدت كغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف، ولا تزال تشهد حتى اليوم أزمات غير مسبوقة في الوقود والخدمات، تفاقم أزمة الارتفاعات السعرية في المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، ما ضاعف معاناة المواطنين، وأخرجهم إلى الشوارع تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خلال السنوات الماضية، التي اقترنت بسيطرة التحالف على الجغرافيا والثروات.
تلك المقاربة التي ذهب إليها جغمان تؤكد أن إجمالي مبيعات الحكومة من النفط الخام المصدر من مارب وحضرموت وشبوة بلغ 14.73 مليار دولار، ما يعادل 8.838 تريليون ريال (بمتوسط 600 ريال للدولار)، ما يكفي لسداد مرتبات موظفي القطاع الحكومي اليمني لـ9 سنوات، بواقع 77 مليار ريال شهرياً.
الأكثر غرابة أن تلك الإيرادات المهولة لا تورد إلى البنك المركزي، وإنما تودع عائدات صادرات النفط اليمني من العملة الصعبة، إلى البنك الأهلي السعودي، ليس باعتراف مسؤولي الحكومة الموالية للتحالف كمحافظ مارب، بل بما كشفه الوزير في معرض رده على أزمة المشتقات النفطية والغاز التي تشهدها مناطق سيطرة التحالف، من مستوى العجز الذي يعاني منه بنك مركزي عدن، ومن حالة الحصار والعزلة الخارجية التي تعيشها وزارة النفط في الحكومة المعترف بها دولياً لصالح تجار نافذين في الحكومة والتحالف.
حيث اعتبر الشماسي أن البنك المركزي بعدن المصدر الأول لحدوث تلك الأزمات واستمرارها، مشيراً إلى أن وزارة النفط ومعها شركة مصافي عدن لا تستطيع استيراد المشتقات النفطية، لعدم قدرة الحكومة على فتح حسابات بنكية خارجية مخصصة للتعامل مع مورّدي المشتقات الخارجيين، وبالتالي لا نحصل على تسهيلات بنكية، ولا نحصل على ضمانات بنكية للشراء من الخارج، ما جعل شركة النفط اليمنية بعدن تشتري المشتقات من التجار الذين يتحكمون بالأسعار.
خلاصة القول: إن تلك الإشارات الصريحة لا تعني شمولية الحصار على جميع المؤسسات اليمنية القانونية المعنية باستيراد المشتقات من السوق الدولية، بل تؤكد إلى جانب ذلك أن المتصرف الوحيد في عائدات النفط اليمني الهائلة المودعة في بنوك الرياض هو التحالف وليس الحكومة المعترف بها دولياً، وأن تلك العائدات تذهب لتمويل الحرب الاقتصادية التي دمرت كل المقدرات الإنتاجية غير النفطية اليمنية، كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي جعل البنك الدولي يجزم- في تقرير حديث له- بتراجع ناتج اليمن المحلي الإجمالي إلى نسبة 47% في قيمه الحقيقية في نهاية 2021م.