يمن ايكو
تقارير

📃 النفط كمركز للصراع بين أطرافه!.. كيف أحل التحالف الانتقالي بديلاً للإصلاح في شبوة؟ 

تقرير خاص – يمن إيكو

في مؤشر على استمرار تداعيات معادلة 7 إبريل في الرياض، التي استبدل التحالف عبرها أدواته الضالعة في استنزاف الثروات النفطية اليمنية على مدى سنوات الحرب السبع الماضية، بمجلس رئاسي أضعف من سابقيه؛ تواصلت لليوم الثامن على التوالي الاشتباكات المسلحة في محافظة شبوة على خلفية احتدام الخلاف على مقدرات المحافظة النفطية، وسط أنباء عن تسليم منشأة بلحاف الغازية لقوات فرنسية وصلت مؤخراً.

وأكدت مصادر محلية في محافظة شبوة، اليوم الثلاثاء، أن المواجهات المسلحة تشهد مساراً تصاعدياً شل النشاط الاقتصادي لمختلف المشاريع، كما أدى إلى توقف الخط الدولي الواصل من عتق شبوة إلى منفذ الوديعة حضرموت، حسب ما أكدته إدارة المنفذ، معلنة عن إيقاف الرحلات البرية ليومي الخميس والجمعة المقبلين، بسبب ازدحام دخول السيارات الناجم عن تحول الحركة من خط عتق الوديعة إلى الخطوط الأخرى المؤدية للمنفذ.

ونشبت المواجهات بين الأطراف المحسوب جميعها على التحالف، بعد إعلان وزير النفط والمعادن في الحكومة المعترف بها دولياً، سعيد الشماسي المُعيَّن مؤخراً من قبل المجلس الرئاسي، عزم الحكومة على زيادة الإنتاج النفطي من القطاع 5 في المحافظة، وسط سخط شعبي قبلي ورفض تام لوصاية “بترومسيلة” على موارد شبوة النفطية، وهو ما عرقل الخطة الزمنية المعدة لتشغيل قطاع 5 النفطي، التي كان مفترضاً استكمالها الأسبوع الجاري.

وسائل إعلام تناقلت أمس الإثنين- عن مصادر مطلعة- تأكيدها وصول قوات فرنسية إلى سواحل محافظة شبوة، موضحة أن العشرات من الجنود الفرنسيين وصلوا إلى قاعدة إماراتية في منشأة بلحاف الغازية التابعة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، التي تملك شركة توتال الفرنسية 39% من أسهمها، بُغية الإشراف على المنشأة الغازية، في خطوات تشي بمساعٍ يقودها التحالف لتأمين المنشأة كمقدمة لاستئناف إنتاج وتصدير الغاز المسال إلى الأسواق الأوروبية بدعم مباشر من التحالف.

تحركات التحالف في هذا التوقيت، تؤكد تغيير أجندة الحرب من الضمنية إلى العلنية، التي تشمل دعم التحالف للمجلس الانتقالي على طريق إحلاله كبديل للإصلاح الذي ظل يسيطر على موارد النفط والغاز منذ بداية الحرب، وليس حباً في الانتقالي أو إيماناً بأن فساده أقل من فساد الإصلاح، بل مقدمات واضحة للإزاحة التدريجية لكافة الأطراف اليمنية المحسوبة على التحالف، وضمن وكلائه المحليين، وفق المراقبين لمسار الأحداث في شبوة.

ويستدل المراقبون على هذا بتحركات التحالف ومعه القوات الأمريكية والبريطانية، خلال الفترة الماضية التي شهدت تكثيف عمليات عسكرة القوات الأمريكية والبريطانية للسواحل والجزر الاستراتيجية اليمنية، في إطار التحكم بطرق الملاحة البحرية وتأمين عملية تصدير الثروات اليمنية النفطية والغازية للأسواق الغربية والأمريكية.

الأهم في نظر المراقبين أن هذه الأنباء المتزامنة مع استمرار الصراع، تأتي بعد قرابة شهر من إبرام الإمارات اتفاقاً مع فرنسا لإعادة تشغيل المنشأة الغازية، ما أثار سخطاً واسعاً في الشارع اليمني، خصوصاً بعد تغييب حكومة معين والرئاسي عن توقيع الاتفاقية، في انكشاف جديد لأجندة قوى الاستعمار القديم الذي بدأ علناً التخلي عن وكلاء الحرب المحلية، وبدأ يتعامل مباشرة مع وكلائها الإقليميين للوصول إلى منابع النفط الخام، والغاز المسال وغيرها من الثروات اليمنية.

محافظة شبوة- التي تُعدّ إحدى محافظات المثلث الأسود اليمنية الغنية بالنفط إلى جانب حضرموت ومأرب- أصبحت وفق المراقبين نموذجاً مكثفاً لأطماع المستعمرين النفطية، وفق صراع مفتوح بين أطراف يمنية كلها تتبع التحالف، في صورة تبين في ظاهرها عن اختلاف أجندة الدولتين الرئيسيتين في التحالف (السعودية والإمارات) لكنها في جوهرها تعكس اتفاق الحليفين على استراتيجية جديدة تسعى من خلالها إلى استبدال طرف يمني عملت معه على مدى ثلاثة عقود (الإصلاح) وبدت داعمة له عسكرياً منذ بدء عملياتها العسكرية في اليمن في مارس 2015م، بطرف يمني جديد هو الانتقالي المدعوم إماراتياً.

هذا الصراع المركب المفتوح على تعدد الأطراف والدخلاء والمصالح داخل المحافظة النفطية؛ يبدو حالياً أكثر تعقيداً، ليس لكون كل تلك الأطراف مدعومة من التحالف ومساهمة في ما وصلت إليه اليمن من وضع اقتصادي كارثي فحسب، بل وفي ظل استبانة خلفيات الصراع الاستعمارية المقرونة بالتواجد الغربي الأساسي في المحافظة، عبر شركات نفطية عالمية تستنزف النفط الخام بدون إعطاء المحافظة وبيئتها الصحية أدنى اعتبار، كالشركة النمساوية أو إم في (OMV) التي استأنفت عمليات الإنتاج في حقل حبّان النفطي في شبوة عام 2018م.

وفيما تمتلك شركة توتال الفرنسية 39.62% وشركة هنت الأمريكية 22% بإجمالي 61.62% أي نصيب الأسد في منشأة بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال، أكبر مشروع استثماري في البلاد، في شبوة، تتربع بترومسيلة على قطاعات نفطية واسعة في محافظة شبوة، وهو ما زاد من السخط الشعبي والقبلي، والرفض لسيطرة بترومسيلة والمطالبة بتأسيس شركة جديدة باسم المحافظة أسوة بحضرموت ومارب النفطيتين.

وشهدت شبوة خلال الأشهر الماضية عدّة حوادث تفجير للأنابيب الواقعة على خط نقل الغاز المسال، والممتد من القطاع 18 النفطي- الذي يحتضن قرابة 10 تريليونات قدم مكعّب من الغاز الطبيعي، وتسيطر عليه جنة هنت الأمريكية- الواقع بمديرية عسيلان، إلى ميناء بلحاف، وهي الحوادث التي وصفتها المصادر بالمتعمدة بهدف دفع قوات العمالقة، المدعومة إماراتياً، تحت ذريعة حماية أنابيب النفط.

وتبعاً لتلك الأحداث، سعت الإمارات إلى استقطاب العشرات من القيادات الاجتماعية لصالح مشروعها، وأغدقت على معارضيه الأموال، وخاصة في المناطق التابعة لقبائل بلحارث، والتي كانت تتولى مهمّة حماية القطاع 18 قبل انسحاب الكتيبة التابعة لـ«اللواء 107»، والمحسوبة على حزب «الإصلاح» -أواخر مايو الماضي- من موقعها في حقل «جنة هنت»، ليتسلّم مكانها «اللواء السادس – عمالقة»، بأوامر من قيادة التحالف السعودي-الإماراتي.

وبذلك التطوّر، تكون الإمارات قد وضعت يدها على أحد أكبر الحقول النفطية في اليمن، في ظلّ استمرار سيطرتها– للعام الثامن توالياً– على منشأة بلحاف الغازية، لكن التطور الأهم تجلى في التحركات العسكرية التي أعقبت زيارة المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى شبوة مطلع آذار الفائت، حيث شدّد في لقاء عقده مع قيادة السلطة المحلّية الموالية للإمارات داخل ميناء بلحاف، على ضرورة تأمين خطوط نقل الغاز المسال.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً