تقرير خاص – يمن إيكو
وسط غموض كبير لم تكشف حتى الآن ملابساته، أثار حادث تفجير وحريق أنبوب الغاز- الرابط بين صافر مأرب وميناء بلحاف بمحافظة شبوة- حالة من السخط الشعبي والاستنكار المحلي والدولي، مفجراً معه أسئلة الحالة التي كان عليها الأنبوب من التشغيل، وجريان الغاز من المنبع إلى منفذ التصدير، وهل كان يتم التصدير بالخفاء خلال سنوات الحرب؟ ومن يقف وراء نهب الغاز وتصديره بتلك الطريقة؟ وما سر التوقيت في تفجيره؟ وما علاقته بنتائج مشاورات الرياض الموصولة ببنود توزيع الثروات بين الأدوات المقالة والأدوات المعينة؟
وأكد محللون اقتصاديون أن تفجير أنبوب الغاز يعد خسارة فادحة للدولة، إذ يعتبر أضخم المشاريع النفطية في اليمن، والذي يربط بين وحدة معالجة الغاز في حقل أسعد الكامل بقطاع 18 بمأرب، ومحطة ميناء بلحاف الغازية في محافظة شبوة، وبطول يبلغ (320) كيلو متراً.
الأخطر والأكثر فداحة في نظر الاقتصاديين، هو أن طول الأنبوب بقطره الواسع البالغ قرابة متر ونصف يحوي بداخله قرابة 650 ألف برميل من الغاز الخام، الذي جعل الأنبوب يواصل احتراقه حتى الآن، وسيستمر حتى تنتهي الكمية المقدرة قيمتها بما يقارب نصف مليار دولار، يضاف إليها قيمة الأضرار التي لحقت بالأنبوب، والتي تقدر تكلفة إصلاحها بأكثر من 50 مليون دولار.
وفيما يشير الاقتصاديون إلى أن هذه الخسارة تعتبر أكبر خسائر الحرب منذ بدايتها في مارس 2015م، وتضاف إلى حجم الخسائر التي اعترفت بها الحكومة الموالية للتحالف، والتي تقدر بقرابة 130 مليار دولار.. يرى المراقبون أن التفجير هو أولى نتائج مشاورات الرياض الضمنية (الملفات المسكوت عنها)، التي تتعلق بتوزيع الموارد الاقتصادية ونقلها من الأدوات المقالة، إلى الأدوات الجديدة، وإعادة تقسيمها بين نوائب الرئاسة السبعة.
وتؤكد معطيات الحادثة- حسب المراقبين- أن مشاورات الرياض (اليمنية/اليمنية) ليست سوى إعادة لتصدير الإرهاب إلى مناطق سيطرة التحالف، في محاولة أمريكية لإيجاد ذريعة جديدة لاستمرار حالة الحرب، لحماية حقول النفط والغاز التي تسيطر عليها الشركات الأجنبية (الأوروبية الأمريكية).
وتساءل المراقبون حول أسباب الحريق الهائل، والاعترافات الأولية بجريان الغاز فيه، في وقت كانت تؤكد التظاهرات والمطالبات الشعبية، والخطابات الرسمية أن منشأة بلحاف موقفة، وأنه من الضرورة استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال، ورفع حالة العسكرة الإماراتية عن المنشأة.
ورجح المراقبون أن التصدير كان يتم بالخفاء من قبل الإمارات، التي تحكمت بالمليارات من الدولارات من عائدات الغاز اليمني، وأنها كانت وما تزال توجه تلك العائدات لتمويل الحرب التي تخوضها الفصائل والنخب الموالية لها في شبوة وعدن وسقطرى والساحل الغربي، وغيرها.
وربط ناشطون توقيت التفجير الذي حدث بعد أيام من عودة الحكومة إلى عدن، والحديث عن مساعيها نحو إعادة تشغيل منشأة بلحاف المتوقّفة منذ بداية الحرب، بالنتائج غير المعلنة في مشاورات الرياض والمرتبطة بالموارد الاقتصادية، وخروج هادي ونائبه زعيم الإخوان علي محسن الأحمر من معادلة الحكم الإسمي لمناطق سيطرة التحالف، وتالياً لذلك خروجهم من مخصص الثروات النفطية والغازية، خصوصاً أن هادي ومحسن كانا يملكان حصصاً كبيرة في مشروع الغاز، ويمتلكان حقول نفط بعينها في مارب وشبوة وحضرموت.
وحذر ناشطون من أن مثل هذه الحوادث تهدف إلى توجيه رسائل مبطنة للشركات الأجنبية العاملة في مجالي النفط والغاز في اليمن، بأن الأجواء اليمنية غير مهيأة، الأمر الذي قد يجعلها مترددة في استئناف أعمالها، حتى عودة القوى المؤثرة التي أقصتها مشاورات الرياض إلى حصصها في الثروة النفطية والغازية، التي تنهب وتصدر إلى الخارج، بينما تشهد البلاد أزمات وقود خانقة.
يذكر أن مشروع الغاز الطبيعي المسال الذي أنشئ في بلحاف، يعدّ أضخم المشاريع الاقتصادية في اليمن، وتقدّر كلفته بأكثر من 4 مليارات دولار، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 6.9 مليون طن سنوياً.