تقرير خاص – يمن إيكو
ظلت الوعود بدعم مالي إلى البنك المركزي بعدن، هي نقطة التعويل الوحيدة للحكومة الموالية للتحالف، بعد فشلها في وضع أي معالجات حقيقية للحد من الانهيار الاقتصادي الذي اشتدت حدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لتبلغ الذروة خلال العام الماضي 2021، والذي تفاقمت فيه الأزمة الاقتصادية، وسجلت العملة المحلية في مناطق سيطرة هذه الحكومة انهياراً قياسياً، حيث تضاءل سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية ليصل إلى أكثر من 1700 ريال للدولار الأمريكي الواحد، وأكثر من 400 ريال يمني مقابل الريال السعودي، وهو الأمر الذي كانت له انعكاساته الخطيرة على الحياة المعيشية لملايين اليمنيين.
وترافقت الحرب طيلة السنوات السبع الماضية بإجراءات من قبل التحالف والأطراف اليمنية الموالية له، مثلت استهدافاً مباشراً للاقتصاد اليمني، على رأسها الحصار وفرض القيود على الصادرات والواردات عبر المنافذ البرية والبحرية، إضافة إلى تعطيل موارد البلاد الرئيسية، ممثلة بالنفط والغاز، الذي توقفت عمليات إنتاجه مع بداية الحرب، وعادت بصورة جزئية منذ عام 2017، إلا أن العائدات من هذين الموردين ظلت نهباً للأطراف المسيطرة على منابع هذه الثروات، قبل أن يتم فتح حسابات خاصة لها في البنك الأهلي السعودي، لتصرف بنظر السعودية على الموالين لها ولتمويل الحرب في البلاد.
وإضافة إلى التداعيات التي خلفتها الحرب على الاقتصاد اليمني عموماً، فإن مما فاقم الانهيار الاقتصادي وسارع من وتيرته هو أداء الحكومة الموالية للتحالف نفسها خلال سنوات الحرب، والذي اتسم بالفساد والهدر لموارد البلاد المختلفة، وتعطيل مؤسسات الدولة ومنشآتها الإيرادية، ناهيك عمَّا رافق استخدام التمويلات المقدمة من جهات دولية من اختلالات وهدر وفساد، وعلى رأسها الوديعة السعودية المقدمة إلى البنك المركزي بعدن مطلع 2018، والتي أثير الجدل حول الطريقة التي صرفت بها هذه الوديعة، وكشف تقرير فريق الخبراء الدوليين في يناير 2021، عن عمليات فساد وغسل للأموال، نتج عنها ذهاب 423 مليون دولار لصالح تجار وشركات لها ارتباطات بنافذين في الحكومة.
ومنذ مطلع العام الجاري، تكررت المطالبات من قبل الحكومة الموالية للتحالف، بدعم مالي عاجل لوقف الانهيار الاقتصادي، الذي بات يمثل تهديداً حقيقياً لحياة ملايين اليمنيين ممن باتوا عاجزين في ظل الوضع المعيشي الذي أفرزته الحرب، عن تأمين المتطلبات الحياتية الضرورية، سيما بعد تراجع القيمة الشرائية للعملة المحلية إلى مستوى غير مسبوق، إلا أن ما قدمه التحالف حتى الآن في سبيل الاستجابة لهذه المطالبات، اقتصر على ما أعلنته كل من السعودية والإمارات عن تقديم ملياري دولار لدعم البنك المركزي في عدن، فيما خصصت السعودية مليار دولار إضافياً لدعم شراء المشتقات النفطية والمبادرات التنموية.
ولطالما ربطت التقارير الاقتصادية عملية الحصول على أي مساعدات مالية بتضييق فجوة الهدر المالي المتسعة في اليمن، وتطوير أداء الجهاز المصرفي والسياسة النقدية والاستخدام الأمثل لأي وديعة مالية، وتجاوز ما رافق استخدام التمويلات السابقة من اختلالات وهدر وفساد، وأيضاً معالجة الانقسام المالي الذي تسبب به قرار نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وغيرها من المعالجات الضرورية والملحة.
مؤخراً.. تتحدث التقارير الإعلامية عن خطوات تتخذها الحكومة الموالية للتحالف للحد من الهدر المالي وسد منافذ الفساد، بما يمكنها من استيعاب أي دعم اقتصادي، فيما بدأت بعض الخطوات والمؤشرات تلوح في الأفق للعمل على تضييق حدة الانقسام المالي والنقدي والمصرفي، والذي أكدت التقارير الدولية ومنها تقرير فريق الخبراء الدوليين الأخير، عن مسئولية هذا الانقسام عن جانب كبير من المشاكل الاقتصادية.
ورغم ما ينشر إعلامياً من توجهات الحكومة الموالية للتحالف نحو معالجات من شأنها وقف الانهيار الاقتصادي الحاصل، إلا أنها تظل مجرد كلام في الهواء بحسب مراقبين، حتى يثبت واقعاً ما يؤكدها.
ومثل إنهاء الانقسام المالي أحد أهم المقترحات التي طرحتها صنعاء منذ وقت مبكر، كسبيل وحيد لتجنب الانهيار الكارثي الذي عصف بالعملة المحلية طيلة السنوات الماضية، إلا أن ذلك الاقتراح ظل مستبعداً من قبل التحالف والحكومة الموالية له، ليصلوا مؤخراً إلى قناعة بضرورة الأخذ به، وهو ما جرى نقاشه، إلى جانب عدد من القضايا الاقتصادية الأخرى بين المبعوث الأممي هانس غرودنبرغ، والقائم بأعمال اللجنة الاقتصادية العليا بصنعاء هاشم إسماعيل، خلال الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي الأسبوع الماضي، والتي تعد الزيارة الأولى له منذ تعيينه.