يمن ايكو
أخبار

8 مؤتمرات لمانحي اليمن.. 80% من التعهدات تستحوذ عليها المنظمات

خاص/يمن إيكو

لم يكن مؤتمر المانحين رقم (8) من أجل، الذي نظمته مملكة السويد وسويسرا الأربعاء الماضي، هو الأول، كما قد لا يكون الأخير، رغم أنه حصد أسوأ نتيجة، مقارنةً بالمبلغ الذي طالبت الأمم المتحدة بتوفيره وهو قرابة 4.3 مليار دولار لتمويل الخطة الأممية للاستجابة الإنسانية في اليمن، إذ حققت 1.3 مليار دولار، مشكَّلة صدمة غير مسبوقة للأمم المتحدة وحكومة هادي، خصوصاً مع امتناع الدولتين، الإمارات والسعودية، المتسببتين في ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، عن تقديم أي دعم في هذا المؤتمر.

وجاء ترتيب الدول المانحة على النحو التالي: الولايات المتحدة الأمريكية، 584.60 مليون دولار، الاتحاد الأوروبي 172 مليون دولار، المفوضية الأوروبية 169.5 مليون دولار، ألمانيا 123.60 مليون دولار، بريطانيا 117.80 مليون دولار، كندا 48.98 مليون دولار، السويد 35.37 مليون دولار، النرويج 25.37 مليون دولار، اليابان 23 مليون دولار، هولندا 20.90 مليون دولار، صندوق الطوارئ التابع للأمم المتحدة 20 مليون دولار، كوريا الجنوبية 20 مليون دولار، منها 3.4 مليون دولار قيمة 18 ألف طن أرز.

كما تعهدت كل من: الدنمارك 18.88 مليون دولار، فرنسا 16.24 مليون دولار، سويسرا 15.63 مليون دولار، الكويت 10 ملايين دولار، بلجيكا، 5.62 مليون دولار، إيرلندا 5.62 مليون دولار إيطاليا 5.62 مليون دولار، وأستراليا 4.49 مليون دولار، فلندا 4.21 مليون دولار، لوكسمبورج 2.25 مليون دولار، نيوزلندا 1.01 مليون دولار، إيسلندا 977 ألف دولار، بولندا 662 ألف دولار، سلوفانيا 100 و ألف دولار، ماليزيا 100 ألف دولار، الفلبين 100 ألف دولار، البرازيل 75 ألف دولار، بلغاريا 56 ألف دولار، مالطا 45 ألف دولار، اليونان 34 ألف دولار، ليتوانيا 34 ألف دولار، قبرص 28 ألف دولار، موريشيوس 25 ألف دولار، أندورا 17 ألف دولار.

ويرى مراقبون أن أزمة الوقود والغذاء والدواء الخانقة التي تشهدها كافة مناطق البلاد، لم تأتِ من فراغ، بل جاءت تلك الأزمة المتفاقمة بإرادة من التحالف وحكومة هادي وتجاهل الأمم المتحدة للنداءات، وكما لو أن تلك الأزمة الحادة صُنعت لتكون سبباً في زيادة دعم المانحين هذه المرة، غير أنه لم يكن لها أي مكان في عوامل حسم قرارات الدول المناحة في زيادة منحها، بمن فيها الرياض وأبو ظبي المسيطرتان على موارد البلاد الاقتصادية من النفط والغاز، منذ بدء الحرب والحصار في مارس 2015م.

وتعددت مؤتمرات المناحين، حتى وصلت إلى ثمانية مؤتمرات متباعدة زمنياً، وإن اختلفت أهدافها، فإن القاسم المشترك هو الفشل الذريع في إدارة حصادها المالي لصالح التنمية، فمنذ عُقد المؤتمر الأول لمانحي اليمن، في 17 نوفمبر 2006 في لندن، وحصد ما يقارب 4.7 مليار دولار، خصصت لدعم برامج التنمية، تم تسليمها لحكومة مجور، إلا أنها تبخرت بلا نتيجة تذكر على الأرض، وتلاه مؤتمر ثانٍ عقد في الرياض في 5 ديسمبر 2012م، وجمع ما قيمته 6.4 مليار دولار، سُلمت لحكومة باسندوة، وفي المسار نفسه ذهبت هباء ولم تظهر في أي مشروع تنموي مستدام، يمكِّن المراقبين من الحكم بنسبة نجاح ضئيلة لهذا المؤتمر أو ذاك، كما أكد المراقبون وجهات مكافحة الفساد حينها.

وفي زمن الحرب التي طالت موارد البلاد وبنيتها التحتية، منذ مارس 2015م تحولت وجهة وهدف المؤتمرين وجهات إدارة تلك المنح، حيث دخلت الأمم المتحدة على خط إدارة أموال المانحين في سياق تمويل الخطط الأممية للاستجابة الإنسانية في اليمن، فبعد الحرب بعامين وشهر بالضبط، أي في ابريل 2017 أقامت الأمم المتحدة في جنيف مؤتمر المانحين لأجل اليمن، حصدت من خلاله الأمم المتحدة نحو 1.1 مليار من أصل مليارين كانت مطلوبة لمواجهة الأزمة الإنسانية بعد اندلاع الحرب.

تلى ذلك مؤتمر ثانٍ عقد أيضاً في سويسرا في أبريل 2018 بلغت تعهداته نحو ملياري دولار، ووديعة سعودية بمليار و200 مليون دولار في البنك المركزي بعدن التابع لحكومة هادي، بالإضافة إلى وعود بمزيد من الدعم بملايين الدولارات عبر برنامج سعودي لإعادة الإعمار، غير أن الإعمار لم يعد، بل استمر مقابله الدمار لكل موارد اليمن الاقتصادية، مصانع ومعامل ومزارع وبنية تحتية وثروة حيوانية، فتبددت تلك المنح المليارية في الإنفاق على الحكومة في الرياض وعلى موظفي الأمم المتحدة ونثريات أعمال مكاتبها.

وفي 26 فبراير 2019م عُقدَ مؤتمر ثالث في زمن الحرب أيضاً وفي سويسرا، جمعت الأمم المتحدة من خلاله ما قيمته 2.6 مليار دولار من أصل 4.2 مليار دولار، ليذهب المبلغ في المسار المعتاد لصرفيات الأمم المتحدة، ونزر يسير لتقديم مساعدات غذائية ودوائية لا يخرج عائدها عن منظمات الأمم المتحدة، إذ لم تذهب لأي مشروع تنموي من شأنه خلق فرص عمل للشباب أو مشاريع صغيرة مستدامة للأسر الفقيرة.

وفي 3 يونيو 2020م أقامت الأمم المتحدة مؤتمراً رابعاً في الرياض جمع ملياراً و350 مليون دولار، من أصل 2.4 مليار دولار، قدرتها الأمم المتحدة كتمويلات لمعالجة تداعيات الحرب الاقتصادية والمعيشية في اليمن، وعلى مصير المنح السابقة ذهب ذلك المبلغ هدراً خارج احتياج التنمية المستدامة.

تداعيات الحرب الاقتصادية بسبب تراجع قيمة العملة، وانهيار قدرة المواطن الشرائية في مناطق سيطرة التحالف، وتفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية في مناطق حكومة صنعاء، بسبب الحصار واحتجاز السفن وحظر مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، زادت كلفة الخطة الأممية للاستجابة الإنسانية، فقدرت الأمم المتحدة المبلغ المطلوب بنحو 3.7 مليار ريال، لكن مصير المنح السابقة وعدم ظهور تأثيرها الإيجابي على حياة الناس، أدى لانحسار الثقة الدولية بالحكومة وبالأمم المتحدة، حيث أخفقت في مؤتمرها الخامس في سنوات الحرب والحصار، والذي استضافته السويد وسويسرا، في مارس 2021م إذ حصدت قرابة مليار و700 مليون دولار فقط، من أصل المبلغ المطلوب 3.7 مليار دولار.

الأهم في المؤتمر السادس (الأخير) تمثل في اتساع الفجوة بين المطلوب الأممي المقدر بـ4.3 مليار دولار، والمجموع البالغ 1.3 مليار دولار لتشكل مؤشراً خطيراً على انحسار ثقة المانحين بإدارة الأمم المتحدة للأموال الممنوحة، ما يعني دخول الأوضاع في اليمن في مسار أكثر خطورة، بعد أن تحولت تداعيات الحرب الكارثية فيه إلى وجهة فساد في ظل غياب التقارير الدولية الرقابية عن مصارف تلك الأموال.

وفيما كان مكتب “أوتشا” المتخصص في تتبع التمويل، كشف عن استلام الأمم المتحدة خلال (2015-2019م) نحو 15 ملياراً و14 مليون دولار، تحت مسمى مساعدة الشعب اليمني، لكنها استهلكت قرابة 80% منها على شكل نفقات تشغيلية لمكاتبها والعاملين على تصريفها من وسطاء ومنظمات دولية ومحلية، مستغلة فساد حكومة هادي المعترف به أممياً ودولياً.

ويؤكد اقتصاديون أن قرابة 20% من تلك النفقات فقط تذهب لمساعدة الشعب اليمني، لكن الكارثة أن هذه النسبة لا تذهب لمشاريع تنموية مستدامة، بل تذهب مساعدات وسلال غذائية، من شأنها تدمير ثقافة العمل والإنتاج لدى الأسرة اليمني.. مشيرين إلى أن هناك مشاريع في اليمن يجري إعادة توزيعها على منظمات محلية، وهذه الطريقة تفتح أبوباً واسعة للفساد، وعدم وصول المساعدات إلى مستحقيها.

وقال الباحث الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي: “لا يستفيد الاقتصاد اليمني من تعهدات المانحين، بحكم أنه يتم الاحتفاظ بهذه الأموال خارج اليمن، ويتم شراء كافة المساعدات الغذائية من الأسواق الخارجية، بدلاً من أن يتم شراؤها من التجار اليمنيين ويتم إنعاش الأسواق المحلية، والعمل على خلق فرص عمل، وتحريك الدورة النقدية، داخل البلد”.. مؤكداً عدم وصول تلك المساعدات إلى قطاعات واسعة من السكان.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً