تقرير خاص-يمن ايكو
يتواصل انهيار سعر العملة المحلية أمام سلة العملات الأجنبية المتداولة محلياً في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، في أعقاب التحسن اللحظي الذي حققه سعر صرف الريال اليمني في هذه المناطق خلال الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، ليعاود الانهيار مسيرته منذ مطلع يناير الجاري.
وسجل انهيار العملة في عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف وحكومة هادي رقماً جديداً، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد 1380 ريالاً يمنياً، فيما بلغ سعر صرف الريال السعودي 360 ريالاً يمنياً.
وفشلت أي من الإجراءات التي اتخذتها إدارة بنك مركزي عدن، المعينة مطلع ديسمبر الماضي، في وضع حد فعلي لانهيار العملة المحلية في تلك المحافظات، الأمر الذي ذهبت معه هذه الإدارة إلى اتهام جهات وأطراف محلية، بما فيها شركات مصرفية، بالوقوف وراء التلاعب بأسعار الصرف، بغية إحداث مزيد من الانهيار الذي تحقق منه تلك الجهات مكاسب كبيرة.
وفيما تبحث حكومة هادي عن طرف تلقي عليه مسئولية الانهيار الحاصل في سعر العملة، محملة شركات الصرافة الجانب الكبير من المسئولية، يعزوا اقتصاديون استمرار الانهيار إلى عوامل تتعلق بموارد الدولة التي غدت نهباً بأيدي أطراف وشخصيات نافذة في حكومة هادي، وكذا فقدان البنك المركزي بعدن لدوره، وعجزه عن القيام بكامل وظائفه، والتي يأتي على رأسها الرقابة على السوق المصرفي وضبطه والتصدي لأي عمليات تلاعب بأسعار الصرف.
وشكل التحسن الذي طرأ على سعر الصرف للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية خلال الأسابيع الأخيرة من ديسمبر الماضي طفرة لم تستمر طويلاً، وذلك لأنها لم تكن ناتجة عن متغيرات اقتصادية من شأنها أن تعيد للريال بعضاً من قيمته التي فقدها خلال مسيرة الانهيار الذي ازدادت حدته في الأشهر الأخيرة من العام الماضي.
وكان خبراء اقتصاد قد توقعوا قبل أسابيع معاودة الريال اليمني للانهيار في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، ناهيك عن ثبات أسعار الصرف، عند الرقم الذي وصلت إليه في أقصى تحسن لها، منتصف ديسمبر الماضي. وأعاد الخبراء عدم ثبات أسعار الصرف عند ذلك المستوى إلى استمرار ارتباطها بمتغير الاقتصاد المنهار والاضطراب الأمني والسياسي في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي.
ويؤكد الاقتصاديون منذ تفاقم أزمة العملة اليمنية أن مواجهة هذا الانهيار لن تتحقق إلا بإجراء إصلاحات عاجلة وملموسة على الواقع، وخاصة فيما يتعلق بتحصيل الإيرادات وتوجيهها جميعاً لدعم العملة، وإجراءات عملية لتفعيل الموارد التي تسببت الحرب في تعطيلها، وعلى رأسها النفط والغاز اليمني، الذي يُتهم التحالف بمنع إعادة عمليات إنتاجه وتصديره إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب.
تواصل أسعار الغذاء ارتفاعها في المحافظات الواقعة ضمن نطاق سيطرة حكومة هادي والتحالف، في ظل استمرار التردي في سعر العملة المحلية، الأمر الذي غدت معه مئات الآلاف من الأسر في تلك المحافظات تجد صعوبة كبيرة في توفير المواد الأساسية لأفرادها.
وأكدت مصادر محلية أن انهيار سعر العملة المحلية، وتدني قيمتها الشرائية، تسبب في سحق الأسر متوسطة الدخل والفقيرة على حد سواء.
وبحسب إفادات مصادر محلية، فإن السلع الغذائية تشهد ارتفاعات جديدة كل يوم، يترافق مع الانهيار الحاصل في سعر العملة، الأمر الذي مثل كابوساً للمواطنين الذين تدنت قدراتهم الشرائية، وبات يشكل تهديداً للحياة المعيشية لملايين المواطنين.
ويترافق الانهيار الحاصل في سعر العملة المحلية منذ مطلع العام الجاري، مع غياب دور السلطات التابعة لحكومة هادي والتحالف، في ضبط الأسعار ومحاولة التخفيف من معاناة المواطنين، وهو الأمر الذي قاد إلى الفوضى الحاصلة، حيث أمن التجار من الرقابة، وباتوا المتحكمين في الأسعار، في حالة شبيهة بالفوضى التي يعيشها القطاع المالي والمصرفي، الذي غاب دور بنك مركزي عدن في ضبطه والرقابة عليه، فيما تسلمت الشركات والكيانات المصرفية الخاصة دفة تسيير السوق المصرفية.
وتأتي تداعيات الانهيار الاقتصادي الحاصل، لتفاقم الأزمة المعيشية في البلاد، حيث يعاني اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ووفقاً للأمم المتحدة، يحتاج 24 مليون شخص- 80% من السكان- إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، وفق تقرير البنك الدولي.