تقرير خاص
ليس لأنها باتت تمس كافة شرائح المجتمع، فقيراً وغنياً، في مناطق سيطرة التحالف، التي باتت على أعتاب ثورة ستجتث الجميع، بل لأن تلاحق وتفاقم أزمة الوقود في تلك المناطق استتباع حتمي لظاهرة فساد لا تستوعب الحاسبات أرقام تكلفتها، منذ أعلن التحالف الرباعي (أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات) بأنه حرر تلك المناطق اليمنية من أبنائها الرافضين للحرب الإقليمية والدولية على أراضيهم، ليقرر التحالف بعد ذلك الإعلان نقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وفتح المنافذ الحدودية المفتوحة فقط على تلك المناطق التي باتت في مأمن عن أزمات الوقود والغذاء والدواء– حسب ترويج أجهزته الإعلامية وأجهزة أدواته- ومقابل ذلك قرر التحالف تصعيد الحصار الشامل على مناطق حكومة صنعاء، واحتجاز سفنها لفترات طويلة اقترب أطولها من العام.. بغية خنق 25 مليون يمني بأزمات الوقود.
اليوم وبالتزامن مع احتفالات حكومة هادي بما أسمته إنجازات رئيس الحكومة معين عبد الملك على مدى ثلاث سنوات، اقترب سعر صرف الدولار من حاجز كارثي جديد 1400 ريال للدولار الواحد، في انهيار هو الأقسى على قيمة العملة الوطنية لتحتدم أزمة الوقود بمشتقاته المختلفة في كافة مناطق سيطرة التحالف، وسط مخاوف أثارتها القفزات السعرية الكبيرة لأسعار الوقود العالمية، خصوصاً واليمن وبالذات تلك المناطق المسيطر عليها من قبل التحالف، رغم تخمتها بالنفط إلا أنها تعتمد بشكل كبير على استيراد احتياجاتها من الوقود من الخارج.. فأين إنتاج تلك المناطق من النفط الخام؟
ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال يجب الإحاطة الخاطفة بواقع الحالة القائمة من أزمة المشتقات في مناطق سيطرة التحالف، ففي عدن، وتحت ضغط الطلب الشعبي والاحتجاجات، ناشد مسوقو الغاز المنزلي ومدير عام فرع شركة الغاز بعدن، الجهات المعنية في حكومة هادي بضرورة حل أزمة الغاز المنزلي القائمة قبل تفاقمها، مشددين على ضرورة تموين مديريات عدن بالغاز المنزلي لتلافي الأزمة الخانقة ورفع المعاناة عن الأهالي الذين يتكبدون أعباء اقتصادية كبيرة، جراء شرائهم هذه المادة الأساسية من السوق التجارية بأسعار باهظة، متهمين تجاراً نافذين بالسيطرة على تجارة الغاز وتحويلها إلى سوق سوداء لا تخدم سوى جشعهم الكبير.
وطالب مسوقو الغاز بمحاسبة أصحاب المحطات الذين وصلت قواطر الغاز إلى محطاتهم ولم يقوموا بتوزيعها، بتواطؤ مع مسؤولي الغاز في عدن لخلق أزمة خانقة مفتعلة وتشجيعاً لإنعاش السوق السوداء التي ترهق كاهل المواطن وتزيد من معاناته، خصوصاً بعد أن بلغ سعر الأسطوانة في طرمبات التعبئة التجارية إلى قرابة 13 ألف ريال.
وفي محافظة لحج برزت مؤخراً بوادر أزمة جديدة خاصة بالغاز المنزلي، حيث يعاني المواطنون من عدم حصولهم على أسطوانة الغاز من الباعة المعتمدين في معظم الأحياء السكنية، وسط احتجاجات منددة بما أسمته عصابات تجارية منظمة تصادر مخصصات تلك الأحياء وتهربها للسوق السوداء.
حال محافظتي لحج وعدن في الغاز المنزلي قائم في تعز وأبين وحضرموت والمهرة وسقطرى، ليس من الآن فهو أزمة مزمنة ومستدامة، منذ سيطر التحالف على مقدرات تلك المناطق النفطية والغازية، كما أن أزمة المشتقات من البنزين والديزل والمازوت وغيرها قد تفاقمت أكثر بعد أن شهدت مناطق سيطرة التحالف المفتوحة على المنافذ الحدودية بدون حصار، خمس جرع قاصمة لظهور المواطنين.
استيراد الوقود
بالعودة إلى الإجابة على سؤال ثروات تلك المناطق النفطية والغازية وكيف تحول إلى بلد مستورد، فقد برزت واردات الوقود إلى اليمن في سنوات ما بعد سيطرة التحالف على منابع النفط والغاز، ليستخدمها كورقة رئيسية في حربه وحصاره على اليمن حسب المراقبين، محولاً البلد من منتج نفطي وغازي، إلى بلد يعتمد بشكل أساسي على استيراد جميع احتياجاته من الوقود والغذاء والدواء، مع ارتفاع كبير في فاتورة الاستيراد في ظل زيادة الاستهلاك وانهيار العملة وتوقف التصدير.
وفيما ارتفع سعر الغاز المسال عالمياً إلى فوق 40$ لكل مليون وحدة حرارية، لا تزال القوات الإماراتية موقفة التصدير والإنتاج من منشآت اليمن الغازية في بلحاف، التي كان إنتاج وحدة الغاز المنزلي فيها يغطي معظم الاحتياج المحلي للبلاد، بالإضافة إلى ما كانت تصدره من وحدات تسييل الغاز بكميات تقدر بـ6.7 مليون طن متري سنوياً، وكانت تصل عائدات اليمن كل عام من 2 إلى 4 مليارات دولار بحساب سعر المليون وحدة حرارية 3$ عام 2009م.
فيما مصير النفط الخام اليمني الذي كان يفترض به أن يفي بحاجة اليمن المحلية، فقد صار تحت سيطرة التحالف وأدواته وعرضة للنهب الممنهج والمستمر عبر موانئ النشيمة وبئر علي والبيضاء بشبوة، وميناء الضبة بحضرموت ونشطون في المهرة، منذ سيطر التحالف على منابعه في حضرموت ومارب وشبوة، ولهذا السبب باتت مناطق سيطرة التحالف على عتبات ثورة قد تجتث جميع أدوات التحالف والتحالف معاً.