تقرير خاص-يمن ايكو
تشهد محافظة شبوة، للأسبوع الثالث على التوالي، مساراً متصاعداً للأحداث الموصولة باحتجاجات المواطنين الغاضبة، تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، واستمرار مظاهر الفساد المالي والإداري وتهريب النفط الخام، فيما المحافظة تعيش أزمات خانقة في الوقود، بتصعيد التحالف أجندة حربه على موارد شبوة.
ورفع مواطنون غاضبون، اليوم الإثنين، شعارات ثائرة ضد ما أسموه بمافيا الفساد، متهمين المعين من هادي محافظاً للمحافظة، باستمراره في تهريب النفط الخام.. مؤكدين أن بن عديو قرر رفع أسعار المحروقات في شبوة للمرة الرابعة خلال شهر، ليصل سعر دبة البترول (سعة 20 لتراً)، الإثنين، إلى 15400 ريال، بعد أقل من أسبوع على زيادتها إلى 14 ألفاً و500 ريال، وهو السعر الأعلى منذ عقود، وفق مصادر محلية موثوقة.
أزمة وأحداث محافظة شبوة لا تقتصر على ما سبق ذكره من أزمات تتعلق بتفاصيل حياة الناس المعيشية اليومية، بل دخلت المحافظة في أجواء ملبدة من تعقيد النزاع الخارجي عبر الأدوات الداخلية، لكن الأغرب في هذا الصراع، يتمثل في تداخل وتعدد أطرافه فيما هدفها واحد لا يخرج عن السيطرة على نفط وغاز المحافظة، والدليل الأعمق على صلة الاشتباك العسير في فرز الأطراف المتصارعة هو انكشاف الخطط المؤامراتية بين القوى الاستعمارية الكبرى وأدواتها في الخليج، وأدوات أدواتها المحلية في المحافظة.
أطراف الصراع على منشأة بلحاف الغازية تمثلت في الإمارات، يمثلها في الداخل قواتها المسيطرة على المنشأة والانتقالي المستميت قتالاً في عدن وحضرموت، وغيرها من النقاط والأحزمة الأمنية المتاخمة للمدن الحضرية كطرف أول.. والطرف الثاني السعودية ويمثلها في المحافظة حزب الإصلاح المؤيد لعمليات التحالف العسكرية في اليمن، والمحسوب على هادي، والجميع يتصارعون على مسألة السيطرة الأهم على المنشأة، وكل طرف يحاول فرض أمر واقع يكون داعماً له في أي مفاوضات مستقبلية على تقاسم كعكة الحرب.
لكن ناشطين محليين أكدوا أن ما تشهده المحافظة من سخط شعبي واسع، جراء تردي الأوضاع المعيشية وأزمة المشتقات وانعدام الغاز المنزلي وغيرها من الأزمات، تنذر بثورة جياع حقيقية ناقمة على كل تلك الأطراف المتسببة في معاناة مواطني المحافظة، لافتين إلى أن سيطرة أي طرف من تلك الأطراف على موارد المحافظة لن يغير الواقع ولن يحل أزماتها.
مسارات الأحداث، حسب المراقبين، بدت واضحة وكاشفة لاختلاف الأجندة السعودية والإماراتية في أهم محافظات اليمن النفطية، فمع تصعيد النزاع واحتدام المناوشات بين الأطراف المشار إليه سابقاً خلال الأسابيع الأخيرة، وسعياً منها لمحاصرة الوضع العسكري عند الحدود الكفيلة بعدم تصادم الأجندات المختلفة في هذا التوقيت بالذات، اضطرّت السعودية للتدخّل بقوّة لتفادي اشتباك كان وشيكاً بين مجاميع الإصلاح المسلحة، والقوات الإماراتية المسيطرة على ميناء بلحاف. بعدما انفجر الخلاف بين الطرفين على المكاسب التي تدرّها صناعة الخام اليمني، وفق المراقبين.
وأكد المراقبون أن مجريات الأحداث تعكس ما هو أكبر من قطبي التحالف، الإمارات والسعودية، حيث تسارعت المؤشرات على تدخل القوى الاستعمارية الكبرى من خطوط المعركة على الموارد البحرية والنفطية، مشيرين إلى التحرك اللافت للقوات الأمريكية والبريطانية في سياق محاولة خلق الذرائع المنطقية لعودة الاستعمار القديم بحُجة تأمين المصالح الدولية في اليمن، ومنها الممرات الملاحية الموصولة بالتجارة العالمية، ومكامن النفط المرتبطة مباشرة بشركات كبرى متعددة الجنسية تتحكم بقرارات القوى الاستعمارية.
وقال المراقبون الدوليون المتخصصون في الشؤون الإقليمية: “بالرغم من القدرات والإمكانيات وأجهزة المراقبة الحديثة التي تمتلكها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنهما فشلتا في كشف من نفذ الهجوم على سفينة “ميرسير ستريت” الإسرائيلية”. مرجحين أن ذلك الفشل متعمد، وأن ذريعة ملاحقة المتسببين في استهدافها تخفي أهدافاً تتعلق بمحاولة كسب الوقت في الحرب، التي فشل التحالف (أدوات أمريكا وبريطانيا) بحسم المعركة لصالحه.
ولفت المراقبون إلى أن الأدوات المحلية (الانتقالي وحكومة هادي وكياناتهم المتفرعة) التي تؤيد التحالف وجاءت العملية العسكرية بناء على طلبها، تعد الحقلة الأضعف بين أطراف الصراع، إذ ستجد نفسها خارج تقاسم القوى الخارجية لكعكة النفط والغاز ليس في شبوة فحسب، بل وفي كافة مناطق سيطرة التحالف، مستدلين بما يجري في ميناء بلحاف من سيطرة استعمارية إماراتية على أكبر منشأة لتسييل الغاز اليمني وتصديره إلى الخارج، وما يجري في سقطرى من سيطرة على الشركات والمؤسسات اليمنية الخدمية واستبدالها بشركات إماراتية، وما يجري في السعودية من إحكام قبضة الرياض على حكومة هادي وتضييق الخناق على العمالة اليمنية.
تجدر الإشارة إلى أن منشأة بلحاف تُعد أكبر مشروع اقتصادي يمني، بلغت تكلفة إنشائه نحو 5.4 مليار دولار عام 2006، ويبلغ إجمالي طاقته الإنتاجية 6.7 مليون طن متري سنوياً، في حين تشير تقارير رسمية إلى أن عائدات صادرات الغاز ساهمت بنحو 5.1% إلى 6.9% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة اليمنية بين عامَي 2014 و2015م.