تقرير خاص-يمن ايكو
مع كل موسم أمطار تشهده اليمن، يغدو الحديث عن أهمية حصاد مياه الأمطار أكثر إلحاحاً، باعتبارها ثروة مهمة يجري إهدارها، في وقت تحتاج البلاد لكل قطرة ماء، سيما في ظل شحة المياه السطحية، وما تسبب به الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية من شحة فيها.
إلى جانب ذلك تتزايد الخسائر الناجمة عن السيول عاماً بعد آخر، حيث يتسبب تدفق السيول الجارفة على أنحاء متفرقة من البلاد، في سقوط العشرات من المواطنين في كل موسم، بالإضافة إلى ما ينتج عن تلك السيول من خسائر مادية تتمثل في جرف الأراضي الزراعية وتدمير المنازل وطمر مصادر المياه وقطع الطرقات، وغيرها من الخسائر.
ونتيجة لعدم اهتمام الحكومات السابقة بمشكلة المياه في اليمن، ومحاولة إيجاد الحلول والبدائل من خلال حصاد مياه الأمطار والسيول، عبر بناء السدود والحواجز والخزانات التي يمكن أن تساعد في حل هذه المشكلة، يتحول هطول الأمطار إلى كوارث يذهب ضحيتها الكثير من الناس، ناهيك عن الخسائر المادية من الأراضي والممتلكات.
الكوارث التي تتسبب بها السيول منذ أعوام طويلة، لم تبدُ كافية لدى الحكومات السابقة، للالتفات إلى أهمية بناء السدود والحواجز المائية، وهو الأمر ذاته الذي يتطلب تحركات جدية من قبل الجهات المسئولة حالياً، ومشاركة مجتمعية فاعلة من قبل المواطنين، وذلك للحد من تلك الكوارث من جهة، وللاستفادة من مياه الأمطار في الإنتاج الزراعي وفي تغذية المياه الجوفية.
وتفاقمت مشكلة المياه في اليمن في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ عام 2015، حيث أكدت منظمة اليونيسف في تقرير لها في ديسمبر 2017، أن النُدرة الشديدة في المياه وعلى مدى عقود، شكّلت إحدى أخطر تحديات التنمية في اليمن، مضيفة أن القيود التي فرضت من قبل التحالف على واردات الوقود إلى اليمن ساهمت في زيادة النقص في الوقود والارتفاع الحاد في الأسعار في جميع أنحاء البلاد، مما أعاق وبشدّة الحصول على المياه النظيفة والخدمات الحيوية الأخرى، بما فيها الرعاية الصحية والصرف الصحي.
وبحسب معلومات رسمية، تسجل الأمطار في اليمن أعلى قيمها في المنطقة الجبلية الوسطى حيث تتراوح كميتها السنوية بين 400 -1100 مليمتر تقريباً وبمعدل سنوي يقترب من 750 مليمتراً، أيضاً هذه المنطقة تسجل أعلى عدد للأيام الممطرة والتي قد تصل إلى أكثر من 156 يوماً في السنة وبمعدل سنوي 94 يوماً في السنة، وهو ما يجعل إمكانية مشاريع حصاد الأمطار في هذه المناطق التي تعاني من شحة في الينابيع والعيون ذات جدوى كبيرة، كما تسبب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية في شحتها، وهو ما أصبح يمثل اليوم أكبر تهديد في هذه المناطق.
ورغم أن “حصاد مياه الأمطار” مثّل أهم العناوين التي ترددت خلال الحكومات المتعاقبة على البلاد، كوسيلة ناجعة في مواجهة أزمة المياه، إلا أن ذلك العنوان لم يلقَ الاهتمام اللازم، حيث انحصرت السدود التي أنشئت خلال عقود في مناطق محددة من البلاد، وهي اليوم عاجزة عن القيام بمهمة الاستيعاب لمياه الأمطار، ناهيك عن افتقار كثير منها للمعايير والمواصفات اللازمة عند إنشائها، وهو ما جعل عدداً منها مهدداً بالانهيار، كما حدث العام الماضي في منطقة حبابة بمحافظة عمران.
وبناءً على تقرير النظام العالمي للمعلومات حول المياه والزراعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، يوجد في اليمن 347 سداً. ووفقاً للسعة التخزينية، يتم تقسيم السدود إلى ثلاث فئات: السدود الكبيرة بسعة تخزين تتجاوز الـ500,000 متر مكعب، والسدود المتوسطة بسعة تخزين متفاوتة تتراوح بين 200,000 متر مكعب إلى 500,000 متر مكعب، والسدود الصغيرة بسعة تخزينية تقل عن 200,000 متر مكعب.
وتشدد تقارير حول الوضع المائي في اليمن، على ضرورة التوسع في إنشاء مشاريع حصاد مياه الأمطار كوسيلة لتعويض النقص الحاصل في المياه، وتوفير مصدر إضافي لها حتى يتم استخدامه في الري التكميلي أثناء تراجع كميات الأمطار أو الجفاف، بالإضافة إلى استخدامه في زيادة منسوب المخزون الجوفي. و”إذا كانت اليمن تحتفظ بأعلى معدلات الفقر في العالم، لكن بالمقابل، من بين التحديات التي تواجهها، قد لا يكون هناك أكثر صعوبة من مشكلة استدامة المياه”.
وتكاد مشاريع حصاد مياه الأمطار تكون الأكثر إلحاحاً في ظل التحديات المائية التي تواجه البلاد، وتحد من قدرتها على النهوض زراعياً، إذ لا يمكن التنبؤ بمستقبل زراعي ناهض، بدون التثبت من معالجات وحلول لمشكلة الهدر المائي والاستنزاف للموارد المائية، وغياب المشاريع الخاصة بتصريف مياه الأمطار واستغلالها على نحو أمثل.