تقرير خاص-يمن ايكو
قال خبراء ماليون، إن الانهيار الذي أصاب العملة اليمنية، ليس بعيداً عن “سياسات تدميرية نفذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، وتسببت في انقسام وتعطيل النظام المصرفي لليمن وتحويل تدفق السيولة عبر السوق السوداء للصرافين وتشجيع عمليات غسل الأموال، طوال السنوات الست الماضية.
وتجاوز سعر الصرف، منذ اليومين الماضيين، حاجز الألف ريال للدولار الأمريكي الواحد، في المناطق الواقعة تحت سيطرة التحالف والحكومة التي يدعمها، هبوط قياسي غير مسبوق، ووسط موجة غلاء وزيادة حادة في أسعار السلع الغذائية، وانعدام القدرة الشرائية للمواطنين.
ووصل سعر الدولار في عدن إلى 1007 ريالات للدولار الأمريكي الواحد للبيع و996 ريالاً للشراء، وهو ما يعد أسوأ انهيار منذ بدء الحرب في البلاد قبل أكثر من ست سنوات، وفق مصرفيين.
ويحافظ الريال في صنعاء على استقراره نسبياً عند حاجز 600 للدولار الأمريكي الواحد، مع مواصلة الحكومة حظر تداول العملة المطبوعة القادمة من عدن في نطاق سيطرتها منذ ديسمبر 2019.
لم يصدر بيان رسمي من قبل حكومة هادي حول التطورات الأخيرة في أسعار صرف العملة، لكن طالبت مؤخراً بتوفير دعم مالي دولي لوقف انهيار العملة. بينما تسود حالة من الاستنفار والاستياء الشعبي في معظم المحافظات الجنوبية والشرقية، وترتفع الأصوات المطالبة بإقالتها.
وأمس، ناشد رئيس مجلس الشورى في حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، السعودية، التدخل العاجل لإيقاف الكارثة الاقتصادية، على حد تعبيره.
وقال في تغريدة على تويتر: إن “الوضع اليوم أسوأ مما كان عليه بالأمس، اليوم الدولار تجاوز الألف الريال، وهو مرهق مُنهك فقد قيمته، ويشرف على السقوط الأخير، كما أنها مجاعة حقيقية تنتظر اليمنيين”.
وانتقد عضو المجلس الاقتصادي التابع لحكومة هادي، أحمد غالب، صمت الحكومة. وقال مخاطباً المسؤولين فيها: “صمتكم يقتل الشعب اليمني، إذا لم تملكوا الشجاعة لاتخاذ موقف أو تصرخوا، فانصرفوا”.
وأضاف في منشور على حسابه في الفيسبوك، “الأشقاء في الخليج: الشعب اليمني يغرق وأنتم تتفرجون، ينتظر الوفاء منكم بوعودكم؛ انهيار اليمن سيغرقكم وعواقب الغرق أخطر وأكبر من كلفة أي دعم تقدموه لإنقاذه”.
وقال النائب البرلماني صالح باصرة: “أن يصل سعر الدولار اليوم إلى أكثر من 1000 ريال، فهي جريمة بحق الشعب”.
في السياق، أكدت اللجنة الاقتصادية العليا، التابعة لحكومة صنعاء، أن تخطي الدولار حاجز الألف ريال في عدن يعد نتيجة طبيعية للسياسات التدميرية المتعمدة، والحرب الاقتصادية التي انتهجها التحالف عبر حكومة هادي.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” في صنعاء، عن مصدر مسؤول في اللجنة قوله، “إن قيام الحكومة في عدن بطباعة 5.320 تريليون من العملة غير القانونية والمزيفة هو ما أدى لانهيار العملة في مناطق سيطرتها. وحذّر من أن استمرار ضخ هذه العملة سيؤدي إلى مزيد من الانهيار”.
وشهد الريال في عدن، خلال السنوات الماضية، موجات انهيار متزايدة فيما تتسع المخاوف مع دخول العملة الوطنية مرحلة قياسية من الانهيار، الذي تسارعت حدته منذ نهاية الشهر الماضي وسط عجز تام عن ضبط سوق الصرف، في ظل انقسامات حادة لا تزال تعصف بحكومة هادي التي ترك أغلب أعضائها عدن، وسط سيطرة تامة يفرضها على المدينة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
وحمل القيادي في “المجلس الانتقالي الجنوبي” سالم العولقي، حكومة هادي، مسؤولية الانهيار الكبير في العملة، وقال إنه “نتيجة طبيعية لفسادها المقنن، حيث تبيع النفط ولا تورد عوائده إلى البنك المركزي بعدن”. وأضاف في تغريدة على تويتر: “خمس سنوات ومبيعات نفط شبوة وحضرموت تُورد إلى البنك الأهلي في الرياض، أما بنك مأرب فيتعامل باستقلالية تامة عن عدن”.
وقال اقتصاديون، إن القطاع المصرفي من شركات ومؤسسات وشبكات صرافة ظل ولايزال يدار بعقلية الصراع السياسي المحتدم بين الأطراف والمكونات الشريكة للتحالف، والتي تتقاسم المواقع والمناصب في الحكومة. وشددوا على أن تتوقف حكومة هادي عن طباعة أو ضخ أي كميات جديدة من العملة المطبوعة لإيقاف الانهيار والتدهور المستمر للعملة، وقبل ذلك التوقف عن استخدام الاقتصاد والمؤسسات المالية كسلاح حرب.
وعززت ممارسات نهب كميات كبيرة من الأموال المطبوعة، قبل وصولها إلى البنك المركزي بعدن، من الفوضى في السوق المصرفية، والتي أدت إلى تزايد وتسارع انهيار العملة.
وخلال العامين الماضيين، تزايدت عمليات الاستيلاء على الأموال المطبوعة من قبل مكونات في حكومة هادي، في تطور وصفه مراقبون وناشطون بأنه لا ينمُّ عن مسؤولية تجاه الوضع الاقتصادي المنهار ومعاناة الملايين من اليمنيين.
وقبل الحرب في مارس 2015، كان يباع الدولار الواحد بـ 215 ريالاً، لكن تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي ألقت بانعكاساتها السلبية على مختلف القطاعات، بما في ذلك العملة الوطنية التي خسرت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها مقابل الدولار.
وبسبب تدهور سعر صرف العملة، “ارتفعت أسعار المستهلك في السوق المحلية، لتسجل 20 بالمئة خلال أبريل الماضي”، وفقاً لأحدث بيانات، ما يهدد باتساع رقعة الفقر في البلاد.
ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حرباً أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، وفق الأمم المتحدة.