تقرير خاص-يمن ايكو
تُعدّ قضية العجز في التيار الكهربائي الذي تعيشه عدن وغيرها من المدن والمناطق الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة المدعومة من التحالف، من أهم القضايا التي تمس حياة ملايين المواطنين في هذه المحافظات، سواء من حيث المعاناة التي يخلفها انقطاع التيار الكهربائي في الحياة المعيشية، أو تأثير ذلك على القطاعات الإنتاجية المختلفة.
وتتواصل أزمة الكهرباء في عدن والمحافظات الجنوبية من اليمن، الساحلية منها والصحراوية، التي تُعدّ الأكثر احتياجاً للكهرباء نظراً لموجة الحر التي تضرب تلك المناطق حالياً، والأجواء اللاهبة التي تشهدها مع حلول فصل الصيف من كل عام، الأمر الذي تحول إلى كابوس يقض مضاجع المواطنين، ويضاعف من معاناتهم، ويعطل أعمالهم.
وأمام استمرار التردي الحاصل للكهرباء، تتصاعد حالة من السخط الشعبي بين المواطنين في محافظات عدن ولحج وأبين وحضرموت، بسبب تردي خدمات الكهرباء وانقطاعها، حيث يحمل المواطنون الحكومة المدعومة من التحالف المسئولية عن ذلك، على اعتبار أنها لم تبذل أي تحرك حتى الآن للحد من معاناة المواطنين جراء انقطاعات الكهرباء.
وتعاني عدن، التي تُعدّ أول مدينة دخلتها الكهرباء على مستوى منطقة اليمن والخليج، حيث أنشئت أول محطة بخارية في المدينة عام 1926، بطاقة توليدية بلغت حينها 3 ميجاوات، من عجز في التيار الكهربائي بأكثر من 70%، وهو ما ينعكس بطبيعة الحال في حياة المواطنين على شكل معاناة معيشية، جراء تعطل الخدمات المرتبطة بالكهرباء، كما في الجانب الإنتاجي، حيث يتسبب العجز الحاصل في تعطل كثير من القطاعات الإنتاجية، ما يعني خسائر كبيرة في هذه القطاعات.
وبحسب النشرة اليومية الصادرة عن المؤسسة العامة للكهرباء في عدن، فيما يخص القدرة التوليدية لمحطات الكهرباء الحكومية منها والتجارية في المدينة في يوم الإثنين 28 يونيو الجاري، فقد بلغ إجمالي الطاقة المولدة عبر المحطات الحكومية 130.8 ميجا وات، في حين بلغ إجمالي الطاقة المشتراة 135.9ميجاوات، ما يعني أن إجمالي التوليد بلغ 266.7 ميجاوات، وهو ما يقارب 45% فقط من الاحتياج الفعلي للمدينة، والذي يتجاوز 560 ميجاوات من الطاقة.
غير أن النشرة بينت أن هذه الأرقام تمثل الذروة ولا تُعدّ حالة ثابتة يمكن الاعتماد عليها في بناء أي استنتاجات أو دراسات أو تقييم فعلي لوضع الكهرباء في المدينة، حيث أنها لا توضح اليوم كاملاً وما يتخلله من خروج متكرر للتوليد أو أي أعطاب في الشبكة.
ويقول خبراء إن قدرة محطات التوليد في عدن لا تتعدى في المتوسط 160 ميغاوات، ما يقارب 29% فقط من الحاجة المطلوبة، ناهيك عن عدم وجود أي برامج صيانة أو تحديث لمنظومة الكهرباء، خلال السنوات الماضية، وهو ما يعني مزيداً من التدهور الذي يهدد بانهيار هذه المنظومة بشكل شبه كامل.
ومثّل نقص الوقود المخصص لمحطات الكهرباء، إحدى العقبات أمام انتظام التيار الكهربائي في عدن خلال الفترة الماضية، حيث رفضت الحكومة المدعومة من التحالف توفير كامل احتياج محطات التوليد الكهربائية من الوقود، بعد سيطرة المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتياً، على عدن في أغسطس 2019، وطردها من المدينة، وهو ما ترتب عليه تعطل جانب كبير من منظومة الكهرباء، وتضاعف ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وهو ما اعتُبر حينها نوعاً من العقاب الجماعي الذي مارسته الحكومة بضوء أخضر من السعودية، سيما بعد تعذر فرض اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الطرفين في نوفمبر 2019.
وكانت السعودية أعلنت في مارس الماضي، تقديمها منحة نفطية لليمن بقيمة 422 مليون دولار أمريكي، في إطار ما أسمته “الدعم الهادف لتحقيق الاستقرار المعيشي والاقتصادي للشعب اليمني”.
ولم تُحدِث دفعتا الوقود اللتان وصلتا في شهري مايو ويونيو من منحة الوقود المذكورة تحسناً كبيراً في خدمة الكهرباء، أو تحدا من الانقطاعات وساعات الإطفاء، وهو ما حدا بمختصين إلى القول إن ملف الكهرباء في عدن يحتاج لمعالجات جدية، حيث أن توفير الوقود لا يعني أن المشكلة تم حلها.
ورغم الترويج الذي صاحب إعلان السعودية عن المنحة النفطية لمحطات الكهرباء في عدن، بأنها على نفقة البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، إلا أنه اتضح بعد ذلك أن هذه الكمية من الوقود التي أتت تحت مسمى منحة، لم تكن مجانية، وإنما هي تسهيل سعري لا أكثر عبر بيع النفط السعودي لليمن، بسعر السوق المحلي السعودي، وهو ما كشفه الخبير الاقتصادي علي باهرمز، موضحاً أن على اليمن أن تدفع قيمة هذه الكميات أولاً بأول، حسب الطلبيات، وهو ما أكده وزير الكهرباء في الحكومة المدعومة من التحالف أنور كلشات، الذي قال حينها: “نحن نشتري الوقود من السعودية بسعر السوق المحلية، مضافاً إليه الضريبة المضافة 15%، وتكاليف شحنها إلى ميناء عدن، على أن تدفع الحكومة السعودية فارق السعر، حسب السعر العالمي لشركة أرامكو.
وشهدت مدينة عدن وبعض المدن اليمنية الأخرى الواقعة تحت سلطة الحكومة الموالية للسعودية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، خلال الأشهر الماضية احتجاجات غاضبة جراء تردي الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء، وسط غياب أي دور للحكومة المدعومة من التحالف، التي يرى فيها المواطنون المسئول الأول استمرار معاناتهم جراء انقطاعات الكهرباء، ومن بعدها التحالف الداعم لها.