يمن ايكو
تقارير

📃 كيف دمرت الحرب الأسواق الحدودية بين اليمن والسعودية وقوّضت مركزاً اقتصادياً مهماً بينهما

تقرير خاص-يمن ايكو

بين التأثيرات الاقتصادية لحرب التحالف في اليمن للعام السابع توالياً، لا يمكن إغفال ما تعرضت له الأسواق التجارية في المناطق الحدودية من إغلاق ليحل محل الحركة التجارية الصاخبة هدير الأسلحة، الأمر الذي تسبب في إلحاق أضرار اقتصادية بمناطق واسعة على الشريط الحدودي الممتد لمسافة 1400 كيلو متر، يقطنها مئات الآلاف من مواطني البلدين، تتضمن تجمعات سكانية كبيرة نسبياً ومتوسطة، تضم منشآت اقتصادية ومتاجر ومطاعم وفنادق، وتشهد حركة تجارية نشطة، يتسع نطاقها في الجانب اليمني بشكل أكبر.

مع اشتداد المعارك في مختلف الجبهات الحدودية شمال غربي البلاد، في أعقاب إعلان التحالف إطلاق عملياته العسكرية في اليمن، في 26 مارس 2015، أُغلقت الكثير من الأسواق التجارية التي كانت شريان حياة لهؤلاء السكان، كما أن إقفال المنفذ الرئيسي مع اليمن في منطقة الطوال السعودية، وغيره من المنافذ مثل البقع وعلب وغيرها، أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة للسكان على الجانبين، اليمني والسعودي، في المناطق المحيطة.

وبحسب تحليل نشره مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط، فإن الأسواق الحدودية حولت المناطق الطرفية اليمنية السعودية المجاورة إلى مركز اقتصادي، وعززت العلاقات عبر الحدود بين المجتمعات. مشيراً إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي كانت وراء التحول الجماعي للأسواق إلى مركز اقتصادي هو أن التجار من الداخل اليمني الذين يرغبون في شراء منتجات من السعودية لم يتمكنوا من تجاوز تجار المناطق الحدودية اليمنيين الذين عملوا كوسطاء.

وأضاف التحليل الذي حمل عنوان “أسواق الحدود اليمنية: من حاضنة اقتصادية إلى جبهة عسكرية” أنه في مارس 2015، عشية إعلان الحرب من قبل التحالف بقيادة السعودية، كان هناك أكثر من خمسين سوقاً حدودياً على الجانب اليمني وحوالي 24 سوقاً على الجانب السعودي. حيث وقعت معظم العمليات العسكرية للتحالف في شمال غربي اليمن، تماشياً مع رغبة المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي جعل الحياة لا تطاق لكثير من السكان، وأدى إلى نزوح جماعي. إلى جانب إغلاق السلطات السعودية لجميع المعابر الحدودية على الحدود الشمالية الغربية لليمن.

وأشار التحليل إلى أن الحرب جعلت من المستحيل على الأسواق الحدودية أن تستمر كما كانت من قبل. قلص العديد من عملياتهم بشكل كبير، وانتقل آخرون إلى مكان آخر، بينما أغلق آخرون بشكل دائم، لافتاً إلى أن زوال الأسواق الحدودية الذي تسببت فيه الحرب لم يؤدِ إلى شل نظام اقتصادي متميز كان يربط بين الداخل اليمني والحدود اليمنية السعودية فحسب، بل أدى إلى تعقيد، وفي بعض الحالات قطع الروابط الاجتماعية بين الناس على جانبي الحدود.

حركة تجارية نشطة، منشآت تجارية وأسواق أتت عليها الحرب في مناطق حرض وميدي في محافظة حجة ومديرية الظاهر بصعدة، وتسبب في موجات نزوح لعشرات الآلاف من السكان، الذين فقدوا أعمالهم ومنازلهم ومصادر رزقهم، كما أُغلق سوق الملاحيط بسبب المواجهات العنيفة التي بلغت ذروتها في أغسطس 2018، عندما تحول إلى ساحة معركة، ورغم أن منطقة حرض هي المنطقة التي نالها النصيب الأكبر من الدمار، منذ بدايات الحرب في 2015، إلا أنها امتدت لاحقاً إلى مناطق عدة في العمق اليمني نحو مديريتي عبس وحيران، معطلةً كامل النشاط التجاري في هذه المناطق.

وأكد تحليل مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط، أن التأثيرات الكارثية للحرب على الحركة التجارية في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية، لم تقتصر على الجانب اليمني، بل امتدت إلى الأسواق على الجانب السعودي من الحدود، مرجعاً ذلك في جزء كبير منه إلى إجلاء السلطات السعودية قسراً للسكان من مناطق عسير وجيزان الحدودية، حيث كانت توجد عدة أسواق، وإعادة توطينهم في المناطق الداخلية للمحافظتين، الأمر الذي نتج عنه إغلاق الكثير من الأسواق في هذه المناطق الحدودية السعودية.

وأضاف التحليل أنه وفي أعقاب انهيار الأسواق في المناطق الحدودية بفعل الحرب، “سيطرت القوات السعودية على العديد من هذه الأسواق وحولتها إلى معسكرات أو قواعد عسكرية للميليشيات اليمنية التي تعمل بالوكالة، بحيث تؤدي هذه المعسكرات الآن دوراً مزدوجاً يتمثل في توفير راتب منتظم لليمنيين المعوزين الذين يسند الجيش السعودي مهمة تجنيدهم إلى حلفائه من اليمنيين وتعزيز جهود الرياض الحربية”.

وبالنظر إلى الواقع الذي أفرزته الحرب في المناطق الحدودية، وما تسببت به من تدمير وإغلاق للأسواق وإنهاء للحراك الاقتصادي في هذه المناطق، واستشرافاً لمستقبلها في حال توقفت الحرب، في ظل الرغبة السعودية في عسكرة المناطق الحدودية، وإنشاء منطقة عازلة على امتداد الحدود بين البلدين، توقع التحليل عدم عودة هذه الأسواق، وتلاشي النشاط التجاري عبر هذه المناطق بشكل نهائي، حيث قال إنه “إذا سمحت صفقة سلام للحكومة السعودية بتحقيق هدفها المتمثل في إنشاء منطقة عازلة في الأراضي الحدودية، فإن عصر الأسواق الصاخبة على الحدود الشمالية الغربية لليمن مع المملكة العربية السعودية سيكون قد انتهى”.

أترك تعليقاً