يمن إيكو|ترجمة:
قالت وكالة “بلومبرغ” إن مقاطعة منتجات الشركات الغربية والأمريكية بالتحديد في الشرق الأوسط مثلت ضربة لمبيعات هذه الشركات، وأدت إلى تعزيز حضور المنافسين المحليين.
ونشرت الوكالة قبل يومين تقريراً رصده وترجمه موقع “يمن إيكو” جاء فيه أن توجه المقاطعة “ينتشر في أجزاء من الشرق الأوسط وحتى خارجه، حيث يتجنب الكثير من المتسوقين في المنطقة، وكذلك الدول الإسلامية مثل باكستان، العلامات التجارية الأجنبية الكبرى، مدفوعين بشعور الغضب من الولايات المتحدة وأوروبا لعدم بذل جهود مكثفة لحث إسرائيل على إنهاء حربها على غزة، مما يقلل من مبيعات بعض هذه الشركات ويؤدي لمشكلات في العلاقات العامة للبعض الآخر”.
ونقل التقرير عن نيرة أحمد، طالبة في كلية الإعلام بمصر، أنها توقفت عن قضاء الوقت في مقهى ستاربكس، بعد ظهور سلسلة متاجر ستاربكس في العديد من قوائم المقاطعة التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية، وقالت: “أنا وأصدقائي، اعتدنا أن نذهب إلى ستاربكس طوال الوقت، والآن من العار أن تتم رؤيتك في أحد تلك الأماكن، وهذا أقل ما يمكننا القيام به. لماذا أشتري من هذه الشركات الغربية؟”
ويرصد التقرير أنه “في القاهرة وفي أحد أيام نهاية الأسبوع كانت العشرات من متاجر ستاربكس وماكدونالدز التي زارتها بلومبيرغ تبدو فارغة تماماً، بعد أن كانت مزدحمة في العادة وفي الوقت نفسه قالت شركة مصنعة لعلامة تجارية مصرية محلية للصودا إن مبيعاتها تضاعفت ثلاث مرات منذ بدء الحرب لأن المستهلكين يتجنبون كوكا كولا وبيبسي”.
وبحسب التقرير “في الأسابيع الأخيرة حذر الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز، كريس كيمبكزينسكي، من أن شركته تشهد تأثيرًا تجاريًا ملموسًا في الشرق الأوسط بسبب انتشار المعلومات الخاطئة حول شركته، وفي الوقت نفسه، انخفضت أسهم مطاعم أمريكانا إنترناشيونال بي إل سي – مشغل الامتياز في الشرق الأوسط لمطاعم كنتاكي وبيتزا هت وكريسبي كريم وهارديز – بنسبة تصل إلى 27% في البورصة السعودية في الأشهر التي تلت بدء الحرب، مع توقع بعض المحللين حدوث ضربة قوية لأرباحها بسبب المقاطعة”.
واعتبر تقرير بلومبرغ أن ما يحدث هو “رد فعل عنيف يعكس حقبة جديدة من إدارة الأزمات لأكبر العلامات التجارية الاستهلاكية في العالم – وخاصة العلامات التجارية الأمريكية – حيث يخلط المتسوقون المشحونون عاطفياً بين أعمالهم والسياسات الحكومية”.
وأضاف أن “الشركات أصدرت بيانات عامة للتأكيد على حيادها السياسي، ومع ذلك، اكتسبت حركة المقاطعة زخمًا ثابتًا خلال الأشهر الثلاثة التي تلت بدء الحرب، مع استمرار انتشار دعوات المقاطعة”.
ونقل التقرير عن فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، قوله إن “المقاطعة الحالية ملفتة للنظر بشكل خاص لأنها مكثفة وعابرة للحدود الوطنية وتقودها مجموعات من الشباب”.
وأضاف: “سواء ماكدونالدز أو ستاربكس، فإنهم يتألمون حتى الآن، لأن الشباب الذين ينفقون بكثرة يدركون ما يحدث ويشعرون بالنشاط والاستثمار، وإن التصور بأن واشنطن تدعم إسرائيل يؤثر حقًا على هذه الشركات لأن أمريكا متورطة ولأن المديرين التنفيذيين جزء من هذه الإمبراطورية الأمريكية التجارية والمالية وحتى إمبراطورية القوة الناعمة”.
وقال التقرير إن “الشرق الأوسط يحتضن عشرات الملايين من المستهلكين الشباب مما يعزز نمو العلامات التجارية، في وقت تتشبع فيه الأسواق المتقدمة، مع ذلك، تواجه المنطقة تعقيدات سياسية وتشغيلية عميقة بشكل خاص”.
وأضاف أن الوضع في غزة “أدى إلى تأجيج التوترات في الشرق الأوسط وأدى إلى تدفق الدعم للفلسطينيين”.
وذكر التقرير أنه “في 11 يناير الجاري، وقبل ساعات من الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على اليمن، دعا الحوثيون، الذين يشنون هجمات على الشحن في البحر الأحمر لدعم الفلسطينيين، المستهلكين في الشرق الأوسط إلى الاستمرار في تجنب البضائع الأجنبية، وقال عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، في كلمة متلفزة، إن: نطاق مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية يجب أن يتوسع في دول الخليج”.
وبحسب التقرير فإن “العديد من متاجر ستاربكس وماكدونالدز لا تزال فارغة إلى حد كبير في الأردن، على الرغم من بدء المقاطعة في أكتوبر” مشيرة إلى أن “المتفرجون لا يرون عادة سوى المقاعد والأكشاك الفارغة التي يشغلها العمال، مع وجود الصرافين متراخين على طاولاتهم”.
وأضاف أن “محلات السوبر ماركت في الأردن تحمل علامات معلقة على عدد كبير من العلامات التجارية الأجنبية تصفها بالبضائع المقاطعة”.
وفي الكويت، يؤكد التقرير أن “محلات ستاربكس المزدحمة عادة في المناطق المزدحمة شهدت تدفقات قليلة من العملاء منذ أوائل أكتوبر، فيما عززت المقاطعة مبيعات المقاهي المحلية”.
ونقل التقرير عن مارك كالينوفسكي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة كالينوفسكي لأبحاث الأسهم، قوله إن “الضربة الحالية للمبيعات يمكن أن تقلل من شهية أصحاب الامتياز للتوسع في أجزاء من الشرق الأوسط، على الرغم من أن التنويع الجغرافي للعلامات التجارية مثل ماكدونالدز سيحد من التأثير على النتائج الإجمالية”.
وأضاف أن: “الناس يختلفون أحياناً مع سياسة الولايات المتحدة، فما هي الطريقة التي ينفسون بها عن غضبهم؟.. إحدى الطرق هي التوقف عن شراء العلامات التجارية التي يقع مقرها الرئيسي في أميركا”.
وأشار التقرير إلى أنه “في الوقت نفسه، قالت العديد من الشركات المحلية في الشرق الأوسط إنها تستفيد من مقاطعة العلامات التجارية الأجنبية”.
ونقلت الوكالة عن معاذ فوري، مؤسس سلسلة مقاهي استرولاب الأردنية، أنه “يستبعد المنتجات الأمريكية والفرنسية قدر الإمكان عبر سبعة فروع في عمان ويستورد المكونات مثل الشراب المنكّه إقليمياً”.
ويقول فوزي إن “أعماله ازدهرت بعد المقاطعة، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 30% في بعض المواقع مع ازدراء السكان المحليين لستاربكس”.
وذكر التقرير أنه “في مصر، شهدت شركة سبيرو سباتيس، وهي علامة تجارية محلية للمشروبات الغازية عمرها 100 عام، والتي كانت تكافح من أجل إحياء شعبيتها المتضائلة، ارتفاعًا كبيرًا في المبيعات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقًا ليوسف عطوان، مديرها التجاري”.
وأضاف عطوان: “فجأة تلقينا طلبات من محلات السوبر ماركت والمطاعم وكنا نحاول جاهدين تلبية الطلب، سيذهب العملاء إلى المطاعم ويسألون عن علامتنا التجارية أو على الأقل يرفضون شرب المشروبات المدرجة في قائمة المقاطعة.”
ونقل التقرير عن سارة المصري، مديرة مشروع في منظمة ثقافية، قولها إن “العلامة التجارية المفضلة لديها لأقراص غسالة الأطباق كانت Fairy التي تصنعها شركة Procter & Gamble ولكن منذ أكتوبر، توقفت المصري عن شراء المنتج، الموجود أيضًا على قائمة المقاطعة، وبحثًا عن بديل، أعطاها أحد أقاربها وصفة لصنع المنظف في المنزل، وتقوم الآن بخلط صودا الخبز وحمض الستريك وصابون الأطباق وتعبئتها في صينية مكعبات الثلج لصنع صابون غسيل الأطباق الخاص بها”.
وذكر التقرير أنه “في تركيا، دعا بعض المسؤولين إلى مقاطعة شركة كوكا كولا، وبينما لا يزال المشروب متاحًا على نطاق واسع في محلات السوبر ماركت والمطاعم، قال البرلمان التركي في نوفمبر إنه سيزيل الكولا من أروقته”.
ونقل التقرير عن غاريت نيلسون، محلل صناعة المشروبات لدى شركة “سي إف آر إيه” (CFRA)، قوله إن “التأثير سيصبح أكثر وضوحاً عندما تعلن شركات المشروبات الغازية الأميركية عن أرباحها في فبراير، لكن انخفاض مبيعات وكيل كوكا كولا في تركيا بنسبة 22% خلال الربع الرابع يمثل بالتأكيد علامة خطر”.
وبحسب التقرير فإن “تداعيات المقاطعة لوحظت بشكل كبير في دول مثل الأردن والكويت ومصر، لكن لم يظهر تأثيراً ملحوظاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يسكنها نحو 10 ملايين شخص معظمهم مغتربين، ومع ذلك، اختار بعض أصحاب الأعمال الصغيرة هناك اتخاذ موقف تجاه المقاطعة، حيث استبدل مطعم “بيت مريم” (Bait Maryam) في دبي كافة المشروبات الغازية بعلامات تجارية محلية في أوائل أكتوبر، وقال متحدث باسم المطعم إن عملاءه يدعمون هذا التغيير”.
أما في السعودية، يوضح التقرير أنه “كان من الصعب تقييم الآثار، خاصة مع قلة دعوات المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد، حيث تحاول الحكومة السيطرة على معظم أشكال النشاط السياسي، ومع ذلك، ظلت العديد من منافذ البيع لسلاسل المطاعم الأميركية التي زارها مراسلو بلومبرغ نيوز خالية من العملاء إلى حد كبير”.
ونقل التقرير عن روبرت موغيلنيكي، الباحث البارز في معهد دول الخليج العربي بواشنطن، قوله إن “المقاطعة في الشرق الأوسط هي في النهاية شكل من أشكال الاحتجاج منخفض المخاطر في منطقة لا تدعم الحراك إلى حد كبير”.
وأوضح التقرير أن “سلسلة المطاعم الأمريكية ماكدونالدز أصبحت هدفاً لحملات المقاطعة في بعض أنحاء المنطقة، وذلك بعد ظهور صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر المتاجر حاملة امتياز السلسلة في إسرائيل وهي تقدم وجبات للجنود عقب هجمات 7 أكتوبر”.
وأضاف أن “المشكلات التي تواجهها العلامات التجارية امتدت إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، حيث انتشرت ملصقات تصف العلامات التجارية الكبيرة متعددة الجنسيات في باكستان، مثل علامات أميركية كـ(بيبسي) و(كوكا كولا)، على أنها منتجات إسرائيلية”.
وذكر التقرير أن “علامات تجارية أوروبية مثل سلسلة السوبر ماركت الفرنسية (كارفور) التي دخلت إسرائيل العام الماضي عبر شراكة مع شريك محلي، ظهرت أيضا على قائمة حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي يقودها الفلسطينيون والتي تدعو إلى مقاطعة اقتصادية وثقافية واسعة النطاق لإسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية”.
ونقل التقرير عن فهد عرفان قريشي، كبير المحللين لدى “الجزيرة كابيتال”، قوله إنه “من المتوقع أن تشهد شركة أمريكانا، أكبر مشغل لسلاسل المطاعم الأمريكية في الشرق الأوسط، تأثيراً سلبياً قصير المدى على المبيعات والأرباح نتيجة لحملات المقاطعة” مضيفاً أن “هذا ما يقود إليه الأداء السلبي للأسهم”.