يمن ايكو
أخبارترجمة

كيف حصلت اليمن على مقاتلات F-5 الأمريكية.. وكيف انتهى بها المطاف؟ (القصة كاملة)

يمن إيكو: ترجمات:

كشف تقرير صحفي عن قصة حصول اليمن في العام 1979 على 12 طائرة قتالية أمريكية الصنع، من طراز F-5E Tiger II، والتي قال التقرير إنها تمت عبر طلب مستعجل من قبل السعودية، بعد اندلاع الحرب بين شطري اليمن ما بين فبراير ومارس من العام 1979، موضحا أن تزويد ما كان يعرف باليمن الشمالي “الجمهورية العربية اليمنية” بهذه الطائرات التي كانت ضمن دعم عسكري وعتاد بلغت قيمته في ذلك الوقت 390 مليون دولار، كان الهدف منه الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة، التي كان يمكن أن يمثل أي تمدد للنفوذ الروسي عبر حلفائه في جنوب اليمن تهديدا لها، كما تبعت هذه الطائرات الـ ١٢، ١٦ طائرة أخرى من ذات الطراز تسلمتها صنعاء في نهاية العام نفسه.

وقال التقرير الذي نشره موقع ” the war zone” أو “منطقة الحرب”، الأمريكي، وأعده الصحفي البريطاني المتخصص بالشؤون العسكرية “أوليفر باركن”، إن حصول اليمن على سرب المقاتلات من طراز F-5E Tiger II الأمريكية الصنع، مرتبط بالحرب اليمنية الثانية بين شطري البلاد في مارس 1979، التي قال إن إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر اعتبرت هذه الحرب تهديدا خطيرا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، يغذيه الاتحاد السوفياتي، وعلى أساس ذلك في 7 مارس 1979، قيم كارتر أن القتال يشكل حالة طوارئ تهدد الأمن القومي الأمريكي واستلزم تطبيق المادة 36 (ب) من قانون مراقبة تصدير الأسلحة لعام 1976 الذي يسمح للرئيس بتجاوز الحصول على موافقة الكونجرس على تصدير الأسلحة عندما يكون الأمن القومي الأمريكي مهددًا.

التقرير في مقدمته ذكر أن خلال الحرب الباردة، كانت القوات الجوية لليمن الشمالي، أو ما كان يعرف بـ “الجمهورية العربية اليمنية”، تحلِّق بمقاتلات MiG-17 وMiG-21 السوفيتية، حتى العام 1979 حيث حصلت هذه القوات على طائرات مقاتلة خفيفة من طراز F-5E Tiger II تابعة لشركة نورثروب، مشيرا إلى أن “كيفية حصول اليمن على أسطوله الصغير من طائرات F-5E الأمريكية هي قصة غريبة حقًا”.

وأضاف التقرير أن حصول اليمن على الطائرات المذكورة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحرب اليمنية الثانية في مارس 1979، موضحا أن فترة أوائل السبعينيات كانت هي الفترة التي شهدت اضطرابات كبيرة وعدم استقرار سياسي بين الشمال والجنوب، مما أدى إلى الحرب اليمنية الأولى عام 1972، واستمر الصراع ثلاثة أسابيع فقط بين شهري سبتمبر وأكتوبر، تم بعدها تم التوقيع من الطرفين على اتفاق على توحيد البلاد في القاهرة، لكن الاستقرار لم يدم، مع اندلاع الحرب اليمنية الثانية في أواخر فبراير 1979.

وأوضح التقرير أنه في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، قررت الولايات المتحدة مساعدة الجمهورية العربية اليمنية من خلال توفير مجموعة من المعدات العسكرية في أوائل مارس 1979، بتمويل من المملكة العربية السعودية، وشملت المساعدات البالغة قيمتها 390 مليون دولار 12 طائرة من طراز F-5E، ثماني منها تم تصنيعها في الأصل لإثيوبيا، ولكن تم حظرها بعد ذلك، وأربع منها كانت جديدة.

كما تضمنت الحزمة أيضًا طائرتي نقل من طراز C-130، و60 دبابة من طراز M60، و50 ناقلة جنود مدرعة من طراز M113، و302 صاروخ جو-جو من طراز AIM-9 Sidewinder، بالإضافة إلى مدافع هاوتزر وقاذفات قنابل يدوية وذخائر أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، سمحت إدارة كارتر للمملكة العربية السعودية بإرسال أربع من مقاتلاتها ذات المقعدين من طراز F-5B Freedom Fighters إلى الجمهورية العربية اليمنية.

وقال التقرير إن القرار الذي اتخذه كارتر بتزويد الجمهورية العربية اليمنية بالمعدات العسكرية كان بمثابة توضيح لسياسة الولايات المتحدة المتغيرة تجاه الشرق الأوسط ــ وهو نتاج لواقع جيوسياسي معقد داخل المنطقة، مشيرا إلى أنه “بحلول عام 1979، وعلى الرغم من الجدل الكبير داخل إدارة كارتر حول الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي، بدأت الولايات المتحدة في تبني وجود عسكري أكثر نشاطًا في المنطقة. ففي يناير من ذلك العام، تم بيع 12 طائرة أمريكية من طراز F-15 إلى المملكة العربية السعودية – في المقام الأول كبادرة تطمين من الولايات المتحدة فيما يتعلق بأمن المملكة العربية السعودية، ولتخفيف تأثير اتفاق السلام المصري الإسرائيلي المرتقب حينها، والذي كان قد تم التوقيع عليه لاحقًا في مارس. ولكن بحلول فبراير 1979، أوضحت إدارة كارتر أن مثل هذه اللفتات كانت جزءاً من تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة”.

ونسب التقرير إلى وزير الدفاع الأمريكي آنذاك هارولد براون، قوله- خلال رحلة استغرقت عشرة أيام إلى الخليج والشرق الأوسط في ذلك الشهر: “لقد اتخذنا قراراً سياسياً بشأن القيام بدور أكثر نشاطاً في المنطقة”.

“لقد أخبرنا تلك الدول بأشياء لم تسمعها منذ فترة طويلة – وهي أن الولايات المتحدة مهتمة بشدة بالشرق الأوسط، ونحن قلقون بشأن ما يفعله السوفييت، ونعتزم المشاركة”. موضحا أنه خلال رحلة براون، التي ركزت بشكل أساسي على التفاوض على نقل الأسلحة، انتهى الأمر بوزير الدفاع إلى وعد المملكة العربية السعودية بأن الولايات المتحدة سوف تزود الجمهورية العربية اليمنية بطائرات M60 وF-5، إذا دفع السعوديون الفاتورة.

ويضيف التقرير: “قبل أن يتم عرض تعهد براون أمام الكونجرس، شنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية غزوًا للجمهورية العربية اليمنية في 28 فبراير 1979، استخدمت فيه قواتها الجوية طائرات ميغ-21 وسو-22، ومع تزايد الضغوط، بدأت إدارة كارتر على نحو متزايد تنظر إلى “الوضع في اليمن باعتباره تهديدا خطيرا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، يغذيه العدوان المدعوم من الاتحاد السوفياتي”.

وتابع: “في 7 مارس 1979، قيم كارتر أن القتال يشكل حالة طوارئ تهدد الأمن القومي الأمريكي واستلزم- لأول مرة- تطبيق المادة 36 (ب) من قانون مراقبة تصدير الأسلحة لعام 1976، حيث يسمح استخدام البند المذكور للرئيس بتجاوز الحصول على موافقة الكونجرس على تصدير الأسلحة عندما يكون الأمن القومي الأمريكي مهددًا، وعلى هذا النحو، تم تسريع المساعدات التي تبلغ قيمتها 390 مليون دولار للجمهورية اليمنية، بما في ذلك 12 طائرة من طراز F-5E.

وذكر التقرير أنه “عندما وصلت أولى طائرات F-5E، قبل ستة أسابيع من الموعد المحدد، لم يكن لدى القوات الجوية اليمنية الشمالية الطيارين ولا الموارد اللازمة لتشغيلها، وأدى هذا التسليم المتسارع إلى تدافع السعوديين لتجنيد طيارين أجانب لتدريب طياري الجيش العربي اليمني على طائرات F-5E، ليتم في نهاية المطاف، التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مع تايوان، لإرسال عدد من الطيارين التايوانيين، لتشغيل وصيانة طائرات F-5E في شمال اليمن، حيث تتمتع القوات الجوية التايوانية بخبرة سنوات عديدة في العمل مع طائرات F-5E على وجه التحديد، والتي استلمتها لأول مرة في مايو 197.

وأوضح التقرير أن وجود الطيارين التايوانيين في شمال اليمن “الجمهورية العربية اليمنية”، كان طويل الأمد، حيث تم في البداية إرسال 80 فردًا – بما في ذلك الطيارين وأفراد الطاقم الأرض – من تايوان إلى صنعاء لتشغيل وصيانة طائرات F-5E، بقيادة المقدم تشي مينج سيان، وبحلول نهاية عام 1979، وصلت 16 طائرة من طراز F-5 إلى قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء.

وقال التقرير إنه “تم دمج الطيارين التايوانيين مع السرب 112 التابع للقوات الجوية للجمهورية العربية اليمنية (YARAF)، والذي كان يُعرف أيضًا باسم “سرب الصحراء”، مشيرا إلى ما ذكره المؤلف الأمريكي توم كوبر في كتابه ” سماء ساخنة فوق اليمن: الحرب الجوية فوق شبه الجزيرة العربية الجنوبية: المجلد الأول – 1962-1994″، حيث قال إن “فرقة العمل التابعة للقوات الجوية التايوانية، المتمركزة في شمال اليمن كانت تابعة لمكتب الاتصال العسكري التايواني في المملكة العربية السعودية.

ويضيف التقرير: “حتى عام 1985، كان الطيارون التايوان والطاقم الأرضي، يشكلون غالبية السرب 112، وفي ذلك الوقت تم تدريب عدد كافٍ من الطيارين اليمنيين على طائرات F-5E للبدء في تولي المسؤولية. ومع ذلك، فإن طياري اليمن لمبتدئين، الذين لم يكن لديهم سوى الحد الأدنى من فرص التدريب، ناضلوا للتكيف مع طائرات F-5E وغيرها من المعدات الجديدة، بما في ذلك طائرات MiG-21 التي تم تسليمها إلى الاتحاد السوفيتي”، مشيرا إلى أنه وبحلول نهاية عام 1985، فقدت القوات الجوية اليمنية 25 طائرة في حوادث مختلفة، بما في ذلك أربع طائرات من طراز ميج 21 وطائرة جديدة من طراز F-5E، والتي انتهى بها الأمر إلى تحطمها عندما كان طيار سعودي يقودها إلى المملكة العربية السعودية لإجراء إصلاحات خفيفة”.

وبحسب التقرير، “بقي الطيارون التايوان في البلاد لعدة سنوات بعد عام 1985″، وتشير الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخرًا إلى أنه تم نشر أكثر من 1000 طيار تايواني وطاقم أرضي في الجمهورية العربية اليمنية في الفترة من 1979 إلى 1990 كجزء مما كان يُعرف باسم برنامج الصحراء الكبرى.

وبالنسبة لمصير طائرات إف-5 بعد توحد البلاد عام ١٩٩٠، فقد شهدت هذه الطائرة- بحسب التقرير- نشاطًا في عام 1994 عندما اندلعت حرب أهلية لفترة وجيزة بين الشمال والجنوب في الفترة من مايو إلى يوليو من ذات العام، كما تم بعد ذلك بسنوات استخدام طائرات F-5E على نطاق واسع من قبل القوات اليمنية ضد الحوثيين، منذ عام 2004، وحتى عام 2014.

ويضيف التقرير: “في عام 2015، دمرت غارات جوية سعودية طائرات سلاح الجو اليمني YARAF”، في إشارة إلى انطلاق أولى العمليات العسكرية السعودية في اليمن والتي كانت بتاريخ ٢٦ مارس ٢٠١٥، والتي بدأت بالقصف الجوي لقاعدة الديلمي الجوية ومطار صنعاء الدولي، ودمرت غاراتها عددا من الطائرات العسكرية، من طرازات مختلفة.

واختتم كاتب التقرير بالقول: “وفي الآونة الأخيرة، انتشرت عبر الإنترنت صور للحوثيين وهم يقودون طائرة واحدة على الأقل من طراز F-5 قديمة. وشوهدت تلك الطائرة وهي تظهر بشكل مفاجئ في عرض عسكري في سبتمبر”.. وأضاف وفقًا لدليل القوات الجوية العالمية لعام 2023، أن القوات الجوية اليمنية YARAF تمتلك حاليًا 11 طائرة F-5E نشطة وطائرتين تدريبيتين من طراز F-5B.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً