يمن إيكو| تقرير:
لا يزال الجدل قائماً بشأن منحة القمح البولندية لليمن، ولا تزال الأطراف المعنية في الحكومة تتبادل الاتهامات، لكن الثابت الوحيد هو أن المنحة الإنسانية التي قدمتها بولندا أُلغيت وخسرها اليمن وهو في أمس الحاجة إليها نتيجة الأزمة الإنسانية الأسوأ على مستوى العالم، والتي تسببت بها الحرب الدائرة منذ تسعة أعوام، بسبب انتهاء المهلة التي حددتها الحكومة البولندية لاستلام المنحة في 15 سبتمبر الماضي.
المنحة التي قدمتها بولندا لليمن، عبارة عن كمية كبيرة من القمح تبلغ 40 ألف طن، أعلنت عنها بولندا خلال مؤتمر المانحين في شهر فبراير 2023م، وأشعرت بها الحكومة اليمنية في الشهر نفسه، ولم يكن أحد ليعلم عن هذه المنحة شيئاً منذ إشعار بولندا للحكومة اليمنية، لولا أن قناة الحدث التابعة للسعودية والداعمة للحكومة اليمنية فجرت هذه القضية واتهمت الحكومة وبرنامج الغذاء العالمي بالفساد المقدر ب 20 ميلون دولار، في وقت ذهبت الفرصة وضاعت المنحة بين مراسلات الجهات المعنية، والتي لم تبدأ أصلاً إلا في الوقت الضائع.
وفي إطار استمرار الجدل بشأن ضياع منحة القمح البولندية، أصدر مكتب وزير وزارة الصناعة والتجارة بلاغاً صحافياً- حصل موقع “يمن إيكو” على نسخة منه- قال فيه إن الوزارة غير معنية بالمنح والمساعدات، لكنها وبعد تجاهل الجهات المعنية لإشعار البولنديين في شهر فبراير 2023م، تلقت توجيهاً من رئيس الوزراء بالتنسيق والتعاون مع سفيرة اليمن في بولندا للبحث عن آلية أو طريقة لإيصال شحنة القمح إلى اليمن- وفي ذلك اتهام ضمني لوزارة التخطيط بأنها لم تقم بواجبها الذي يفرضه تخصصها في هذا المجال- لكن التوجيه لم يصدر إلا في الخامس من شهر أغسطس- أي بعد مرور ستة أشهر على إشعار البولنديين للحكومة اليمنية- مشيرةً إلى أنها اقترحت أن تتولى المؤسسة الاقتصادية اليمنية مهمة نقل شحنة القمح لكن المؤسسة لم تتفاعل، فتم التواصل مع مجموعة هايل سعيد بحكم أن لديها مطاحن وخبرةً في هذا المجال لكنها اعتذرت أيضاً.
وبحسب البلاغ، تم التواصل مع منظمة الأغذية العالمية لكنها اعتذرت كذلك بسبب أن تكاليف نقل الشحنة بحاجة إلى 20 مليون دولار، وتم تحرير أكثر من مذكرة لكن كانت النتيجة اعتذار الجميع، موضحةً أن سفيرة اليمن في بولندا وجدت مؤخراً الحل في التعاقد مع شركة الغذاء الماسي التي يملكها حسن جيد، وأرسلت مشروع العقد وفوضتها الوزارة باستكمال الإجراءات، وخلال الفترة نفسها وجّه رئيس الوزراء وزارة التخطيط بمخاطبة منظمة الأغذية لتتولى استلام ونقل الشحنة إلا أنها اعتذرت وأشعرت وزارة التخطيط بأن تكلفة العملية ستكون 20 مليون دولار، وظلت المسالة تراوح حتى تم سحب المنحة وإلغاؤها من الجانب البولندي.
لكن الناشطين انتقدوا وزارة التجارة بالمساهمة في إضاعة المنحة من خلال خيارها غير المنطقي بمنح نصفها لأي تاجر يتولى نقلها، باعتبار أن القيمة التي كان سيجنيها التاجر تفوق بكثير التكلفة التي كان يمكن أن تصرف لأي شركة نقل بحري، مشيرين إلى أن الصفقة التي كانت ستبرمها وزارة التجارة يشوبها الفساد.
المكتب الإعلامي لوزارة التخطيط والتعاون الدولي أصدر بياناً، قال فيه إن رئيس الوزراء أبغ الوزارة ووجهها بتولي مهمة إيصال المنحة البولندية، لكن ذلك التوجيه لم يصدر إلا في تاريخ 11 سبتمبر 2023، بعدما رفض رئيس الوزراء مشروع العقد الذي كانت ستبرمه وزارة الصناعة مع شركة الغذاء الماسي، مقابل أن تأخذ الشركة نسبة 50% من الشحنة مقابل تكاليف النقل، في اتهام ضمني لوزارة الصناعة بالتنازل عن نصف الشحنة للشركة الخاصة في وقت كان بإمكانها البحث عن ناقل دولي أقل كلفة، كون الشعب اليمني أحق بالاستفادة من تلك الكمية.
وفيما تضمن بيان وزارة التخطيط اتهاماً ضمنياً للحكومة ووزارة التجارة بالتدخل في اختصاصها لكنها لم توضح لماذا لم تقم بدورها منذ إعلان المنحة في فبراير الماضي وانتظرت إلى قبل انتهاء مهلة تسليم المنحة بنحو أسبوع فقط لتخاطب برنامج الغذاء بحاجتها لمساعدته في نقل الشحنة. وصحيح أن برنامج الغذاء اعتذر بحُجة نقص التمويل وعدم قدرته على دفع تكاليف النقل التي حددها بـ20 مليون دولار، غير أنه حتى لو وافق البرنامج على النقل فإن الوقت الذي كان متبقياً للمهلة لن يكفي لتنفيذ العملية.