يمن ايكو
تقارير

📃 رفض صرف المرتبات اليمنية.. وإكمال مثلث عوامل أزمة الطاقة العالمية المحتملة

تقرير خاص – يمن إيكو
يخيم على سوق النفط العالمية قلق كبير قُرن بثلاثة عوامل، أولها قرار أوبك+ خفض الإنتاج بواقع ميلوني برميل يومياً، وسط توقعات بصعود صاروخي قد يوصل البرميل إلى 200 دولار، مضاعفاً معاناة شعوب الدول المستهلكة التي تظل مصالحها على المحك مع ظهور كل أزمة عالمية في الطاقة، فيما واشنطن تدير أزمة خبيثة تبدو في ظاهرها خاسرة.

 ثاني تلك العوامل يتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولة إمضاء العقوبات الغربية والأمريكية على الطاقة الروسية، على الأقل في تحديد سقف أسعار الطاقة الروسية عبر زيادة الإنتاج العالمي من النفط، إذا فشلت مساعي الامتناع عن شرائها، لكن قرار أوبك+ سيجعل من أزمة صعود الأسعار في السوق الغربية والأمريكية والعالمية، عاملاً خادماً للموقف الروسي، لا حرب عليه.

 ثالث تلك العوامل يتمثل في فشل المبعوث الأممي إلى اليمن، في التوصل لاتفاق بين أطراف الحرب، يضمن صرف رواتب كافة موظفي القطاع العام اليمني (المدنيين والعسكريين والمتقاعدين)، ما قوّض آمال توسيع الهدنة التي انقضى زمن فترتها الثالثة- بحلول مساء الـ2 من أكتوبر الجاري وبعد تمام الأشهر الستة من زمنها الكلي الذي بدأ في مساء الـ2 من إبريل الماضي- بدون اتفاق يشي بالاتجاه نحو السلام الاقتصادي والمعيشي لكل اليمنيين.

وفيما تصر حكومة صنعاء على صرف مرتبات كل موظفي الدولة بدون تجزئة مناطقية أو فئوية، وبما يشمل مرتبات 1,25 مليون موظف في القطاعين المدني والعسكري في كل المحافظات؛ رفضت الحكومة المعترف بها دولياً، هذا المطلب المنصف لكافة اليمنيين بلا استثناء ووفق كشوفات 2014م، الذي كان شرطاً رئيساً طالما رددته الحكومة منذ تعهدت بدفع رواتب كافة الموظفين اليمنيين مقابل موافقة مجلس الأمن والأمم المتحدة على نقل عمليات البنك المركزي اليمني إلى عدن، وتحويل مسار الإيرادات إليه.

 الأخطر في مآل المفاوضات، والأكثر صلة بأزمة النفط العالمية المحتملة بعد قرار أوبك+، يتمثل في أنه وضع الإنتاج النفطي في الخليج (السعودية والإمارات) في مرمى الهجمات الصاروخية والمسيّرة من قبل قوات حكومة صنعاء، التي هددت صراحةً باستهداف العمق النفطي لمصالح الدولتين، إلى جانب الشركات النفطية التي تنقل الخام اليمني إلى الخارج، في حال استمرت في ما وصفته صنعاء بـ” نهب ثروات اليمن النفطية والغازية”.

وليس غريباً أن تتضافر العوامل الثلاثة المشار إليها، فقد جاء آخرها (قرار أوبك+) مغايراً لتطلعات أمريكا برفع الإنتاج، وبدا الملف اليمني هو الأخطر فيها، فالهدنة التي أعلنت في الـ2 من إبريل الماضي، أتت كاتجاه إجباري للسياسة الخارجية الأمريكية التي تقف وراء التحالف والحكومة الموالية له، تحت ضغط التطورات المتسارعة لقوات صنعاء، ووصولها إلى عمق العمليات الإنتاجية لأرامكو، إلى جانب وصول طيرانها المسيّر وصواريخها إلى العمق الإماراتي.

وكانت حكومة صنعاء قد تبنت في 26 مارس 2022م (قبيل إعلان الهدنة) ما أطلقت عليه بالعملية العسكرية الثالثة ضمن مسار “كسر الحصار” شملت استهداف منشآت “أرامكو” في جدة وجيزان ونجران، ومنشآت حيوية في الرياض وأخرى في جيزان وظهران الجنوب وأبها وخميس مشيط، ومصفاتي رأس تنورة ورابغ، بدفعة من الصواريخ المجنحة والباليستية وبأعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة.

 وفيما أجبر قرار أوبك+ واشنطن على الإفراج عن كميات كبيرة من الاحتياطي الاستراتيجي من النفط الخام خشية من فوضى تعم الولايات المتحدة الأمريكية كنتيجة لارتفاع أسعار الوقود على قدرات المستهلكين الشرائية؛ تظل واشنطن متحكمة بملف الحرب والحصار الذي يقوده التحالف في اليمن للعام الثامن على التوالي، حيث تدير صراحةً منظومة الحرب الاقتصادية على اليمن، منذ مفاوضات الكويت يوم هدد سفيرها وفد حكومة صنعاء المفاوض في حال عدم رضوخه لاشتراط واشنطن بإيصال قيمة العملة اليمنية إلى مستوى لا تساوي فيه قيمة الحبر الذي طبعت به.

وتبعاً لذلك، وفي اللحظة الفارقة من التطورات الدولية، ليس غريباً أن يصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، مطالب صنعاء بشأن صرف المرتبات ورفع الحصار والكف عن نهب النفط والغاز والموارد اليمنية، بالمستحيلة، فهي كذلك من وجهة نظر الإدارة الأمريكية التي لا هدف لها من هذه الحرب الاقتصادية سوى السيطرة على موارد اليمن النفطية، وليست بالمستحيلة بالنسبة لقوات صنعاء التي أصبحت قادرة على شل الحركة الإنتاجية النفطية في منطقة الخليج، وفق مراقبين.

إن ظهور واشنطن بالخاسرة من قرار أوبك+ رغم ما يخفي وراءه من خلافات مستترة بين الرياض (أبرز حلفاء الولايات المتحدة في الخليج) وواشنطن التي اتهمت دول أوبك+ بالانحياز إلى موسكو، معتبرة القرار– في بيان صادر عن البيت الأبيض- خطأً خادماً لروسيا؛ لا ينفي بأي حال من الأحوال صلة القرار بالسياسة الأمريكية الخبيثة التي تحرص إدارتها على استمرار الحرب والحصار في اليمن، كذريعة تضمن لها مزيداً من الوقت للسيطرة على منابع النفط اليمني، واستمرار تحكمها بحلفائها في الخليج ومواردهم النفطية الهائلة من ناحية أخرى.

خلاصة القول: إن رفض الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف، ومن خلفهما واشنطن، صرف مرتبات كافة الموظفين اليمنيين من مدنيين وعسكريين وأمنيين، خلق الضلع الذي يكمل مثلث أزمة الطاقة العالمية المحتملة، فالاستمرار في إيقاف مرتبات 1.25 مليون موظف يمني يخاطر بأمن الشركات الأمريكية المنتجة للنفط في اليمن والخليج، في وقت لا مقارنة بين ما تمثله كلفة المرتبات ورفع الحصار عن اليمن، أمام ما سيترتب على الهروب من مطالب السلام تلك إلى الحرب من شلل سيضرب العمليات الإنتاجية في الخليج التي تمثل قرابة 20% من إنتاج النفط العالمي.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً