تقرير خاص – يمن إيكو
دفع التفاؤل الكبير لدى الأسواق المحلية خلال الساعات الـ48 الماضية، بعد دخول الهدنة اليمنية حيز التنفيذ في تمام الساعة السابعة من يوم الـ2 من إبريل الجاري، إلى تحسن ملحوظ في أسعار صرف العملات الصعبة، لصالح الريال اليمني في مناطق حكومة صنعاء، ومناطق سيطرة حكومة هادي المدعومة من التحالف، مع مسارٍ واضح من التفاوت الذي يعكس حجم المشكلات الاقتصادية والمعيشية التي تعانيها الأخيرة.
التحسن المدفوع بمؤشرات صمود الهدنة، شمل تراجع سعر الدولار والريال السعودي، في مناطق حكومة صنعاء، الإثنين، شراء إلى 585 ريالاً للدولار الواحد، و155 ريالاً يمنياً للريال السعودي، من 600 ريال للدولار الواحد، و159 للريال السعودي، قبل الهدنة، بينما شهدت مناطق سيطرة التحالف، تحسناً طفيفاً سجل معه سعر الدولار شراء 1115 ريالاً يمنياً، والريال السعودي 295 ريالاً يمنياً.
الملاحظ في التفاوت أيضاً لا يتوقف عند سعر شراء العملتين في مناطق حكومة صنعاء ومناطق سيطرة التحالف، بل يتمثل في الفارق الكبير بين الشراء والبيع في المناطق الأخيرة؛ فعند القراءة التحليلية للأسعار في عدن نجد أن الصيارفة رفعوا هامش الربح خارج المعقول، فيبيعون الدولار بـ1159 ريالاً يمنياً، بفارق بلغ 54 ريالاً، والريال السعودي بـ305 ريالات يمنية، بفارق 10 ريالات يمنية، بينما يبيع الصيارفة في مناطق حكومة صنعاء الدولار 590 ريالاً، بفارق 5 ريالات، والريال السعودي بـ156.5 ريال، بفارق ريال ونصف، وفق جمعية الصرافين اليمنيين.
تلك المفارقة الواضحة، من وجهة نظر المراقبين تؤكد مستوى عالياً من الانفلات الذي تشهده سوق الصرافة، خارج الرقابة، ما تسبب في استحالة حدوث استقرار اقتصادي واجتماعي، خصوصاً مع استمرار السخط الشعبي العام، ومواصلة التظاهرات والاحتجاجات المنددة بالاختلالات العميقة في المنظومة السعرية.
وأوضح المراقبون أن انعكاسات الهدنة الإيجابية في مناطق حكومة هادي على قيمة الريال ليست بمضمونة الاستمرارية، بل هي حالة مؤقتة نظراً لضبابية واقع الاحتياطي البنكي لدى مركزي عدن، الذي استنزف الاحتياطي من العملة الصعبة في المزادات العلنية، بدون النظر إلى عواقب الاعتماد على الدعم الخارجي، وأمل الوديعة الخليجية، رغم وعودها التي تكررت منذ نوفمبر الماضي، لكنها لم تتحقق، مع تراجع واضح في الثقة الخليجية والدولية بأداء الحكومة، انكشفت حقائقه في امتناع السعودية والإمارات عن تقديم أي دعم يذكر في مؤتمر المانحين، الذي انعقد في الـ16 من مارس المنصرم، ما يعني أن الدولتين الرئيستين في التحالف، اقتنعتا بعدم الجدوى من استمرار دعم الحكومة مالياً وعسكرياً، بل بعدم جدوى استمرار الحرب والحصار.
ويرى المراقبون أن الانعكاسات المفترض حدوثها من الهدنة اليمنية، لن تذهب عميقاً في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، في مناطق حكومة هادي، نظراً لما تواجهه الحكومة من تحديات، تتمثل أهمها في ما اتخذته من إجراءات رفع الدولار الجمركي، ما يعني استمرار تأثير القرار على السلع الغذائية والاستهلاكية المستوردة.
التحديات التي تحد من استمرار تحسن أسعار الصرف وانعكاسها على السلع الغذائية بمناطق سيطرة التحالف.. لا تتوقف عند ارتدادات رفع الدولار الجمركي، بل تتجاوز ذلك حالة السوق المصرفية المغرقة بكتل نقدية محلية طبعت خارج القانون، وليس ثمة سبيل لتخلص الحكومة من هذا العرض الكبير، في ظل انحسار واضح من السيولة النقدية من العملات الصعبة في اليمن عموماً، كاستتباع حتمي لسنوات الحرب والصحار السبع الماضية، وتوقف الصادرات وسيطرة التحالف على عائدات النفط الخام من حقول حضرموت ومارب وشبوة، وكذلك عسكرة الإمارات وإيقافها أعمال منشأة بلحاف.
يشار إلى أن مناطق سيطرة التحالف تعيش حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، نظراً لتعدد الفصائل المؤيدة للتحالف، المعبر عن أجندات كل من الإمارات والسعودية في محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى وشبوة، ما يجعل المراقبين يتوقعون مساراً تصاعدياً لأحداث الاحتجاجات والتظاهرات، تنديداً بالأزمات الخانقة والمتراكمة والأسواق الملتهبة بارتفاع الأسعار.
ففي محافظة تعز تشهد مناطق سيطرة التحالف، ارتفاعاً مخيفاً في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، الأمر الذي يزيد من معاناة المواطنين الذين يشكون من الغلاء الفاحش في سعر المتطلبات الأساسية.. مؤكدين أنه مع انعدام المشتقات النفطية ارتفعت الأسعار بنسبة 90%، وأصيبت الحركة الشرائية بالشلل نتيجة انقطاع الرواتب وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين.
وفي محافظة حضرموت، شهدت المكلا تظاهرات ليلية تنديداً بتردي الخدمات العامة، وانقطاع التيار الكهربائي، والمطالبة بوضع حلول تنهي معاناة المواطنين، في الخدمات وارتفاع الأسعار بما يفوق طاقتهم الشرائية.. كما أحرق المحتجون الإطارات في الشوارع وقطعوا طرقات المدينة.. وهي الحالة التي تعيشها مديريات عدن وأبين ولحج والضالع والمهرة وشبوة.