تقرير خاص
شكلت المرأة اليمنية بصفة عامة، والريفية بصفة خاصة، وعلى مختلف الظروف محور الاقتصاد المنزلي والأسري حد الاكتفاء الذاتي، فهي من تربي الثروة الحيوانية وتدبر شؤون الزراعة من البذار حتى طحن الحبوب، ورغم ذلك لم تخرج المرأة إلى بيئة العمل بشكلها الوظيفي والمؤسسي المدني، إلا في أوقات متأخرة من العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي، ما عدا قلة نادرة ممن تكيفن مع الحياة الحضرية أو المدنية.
سنوات الحرب الاقتصادية والحصار الشامل، قلصت خلال السنوات السبع الأخيرة دور المرأة الاقتصادي وفرص إسهاماتها في التنمية، بل فرضت عليها الظروف تحديات كبيرة تمثلت في غلاء المعيشة، توقف المرتبات، وانهيار بيئة الأعمال، ما دفع بالكثير من النساء إلى مصادر دخل جديدة لإعالة الأسرة، ولو بوظيفة بسيطة وبراتب زهيد لا يتجاوز 50-60 ألف ريال، لكن الحرب التي قتلت وأصابت أكثر من ثلاثة آلاف امرأة ألقت بظلالها على بيئة الأعمال والمشاريع الصغيرة، التي تنخرط معظم النساء في دورتها الاقتصادية اليومية، إلى جانب معاناتها في النزوح والتشرد والفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية، التي جعلت الكثير من النساء يمتهنّ العديد من الأعمال خارج تلك المشاريع المجمدة إلى جانب الرجال لتوفير مقومات الحياة لأسرهن.
وتحدثت تقارير حقوقية وبحثية محلية ودولية عن استفحال ظاهرة الفقر في اليمن خلال السنوات السبع الأخيرة المقرونة بالحرب والحصار، وأن المرأة والطفل يشكلان الحلقة الأضعف في الفئات المتضررة من الحروب والفقر والأوبئة.. مشيرة إلى حاجة 24 مليون يمني- أكثرهم نساء وأطفال- للمساعدات الإنسانية والغذائية العاجلة، خاصة في ظل بروز مؤشرات للمجاعة في محافظات ومناطق سيطرة التحالف.
وتسببت الحرب والحصار والقرصنة البحرية على سفن الوقود والدواء والغذاء بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 10 ملايين شخص إلى المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، لكن الأخطر هو تداعيات انهيار قيمة العملة إلى أدنى قاع لها في تاريخها في مناطق سيطرة التحالف، وتفاقم أزمات المحروقات، ما انعكس على تفاصيل الحياة اليومية من خدمات كهرباء ومياه ومواصلات.
وتؤكد النساء في المدن والمناطق السواحلية من مناطق سيطرة التحالف أن الانقطاع الدائم للكهرباء حمّل المرأة اليمنية معاناة مضاعفة، خصوصاً في ظل وضعهن الاقتصادي الصعب الذي يجعلهن غير قادرات على شراء أجهزة الطاقة الشمسية، بسبب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء لعشرات الأضعاف، لكن الأقسى في تداعيات معاناة انقطاع الكهرباء أن النساء يتولين حمل نقل المياه من خزانات المنازل الأرضية إلى الأدوار العليا، أي إلى الطابق الخامس أو السابع.
وينتاب كثير من النساء اليمنيات في مناطق سيطرة التحالف الشعور بالإحباط جراء استمرار الحرب الاقتصادية وانهيار قيمة الريال، وارتفاع الأسعار إلى حدود قياسية وغياب بوادر حل الأزمة، خصوصاً مع ثبات فشل المعالجات التي تعلنها حكومة هادي والتحالف.
الإحصاءات الأممية أكدت في مؤشراتها الأخيرة أن النساء والفتيان والفتيات في اليمن هم الاكثر تضرراً، لا سيما النساء الحوامل والرضع والأطفال الصغار.. موضحة أن انعدام الأمن الغذائي آخذ في الازدياد بسبب عدم انتظام توافر السلع الغذائية الأساسية، وعدم كفاية الوقود، ونقص فرص الحصول على الدخل أو العمل، وتعطل الأسواق والتجارة، حيث ارتفعت أسعار القمح حالياً بأكثر من 150% في مناطق سيطرة التحالف، ليتجاوز سعر الكيس الدقيق 50 كجم الـ 50 ألف ريال، بعد وصول قيمة الريال إلى 1720 ريالاً يمنياً للدولار.