يمن ايكو
تقارير

📃 العالم في مواجهة أزمة القمح.. والدول العربية أكثر تضرراً

تقرير خاص-يمن ايكو

واصلت أسعار القمح ارتفاعها على المستوى العالمي للشهر الخامس على التوالي خلال نوفمبر المنصرم. في ظل توقعات بانخفاض حجم الاحتياطيات العالمية إلى أدنى مستوى لها في السنوات الخمس المقبلة.

وتراجع إمدادات القمح عالمياً، يعني ببساطة أن أسعار الخبز سترتفع عالمياً، لكن فداحة تأثيرات ارتفاع سعر الخبز ستكون قاسية بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تعتمد على الخبز المصنوع من القمح في غذائها اليومي. كما أن نحو 30 في المئة من مستوردي القمح عالمياً هم من هذه البلدان.

وقالت منظمة الأغذية الأممية “الفاو”، إن تدني الإمداد العالمي بأصناف قمح أعلى نوعية، “أدى إلى تفاقم الضغط على الأسعار، حيث احتلت أسعار الأصناف من النخب الممتاز طليعة هذه الزيادات، بما في ذلك ارتفاع عروض أسعار القمح الكندي (سان لورنس، CWRS) بنسبة ثمانية في المائة، وارتفاع بسبعة في المائة لأسعار القمح من منشأ الاتحاد الأوروبي (فرنسا، نخب أول) “.

وأضافت: “بالمثل، ارتفع سعر تصدير القمح المرجعي (رقم 2 قاسي، أحمر، شتوي) في أمريكا بنسبة خمسة في المئة، ليتجاوز قيمته المسجلة قبل عام بنسبة 31 في المئة. كذلك ارتفعت أسعار التصدير من الاتحاد الروسي (عروض مخصصة للطحن، تسليم ظهر السفينة في موانئ البحار العميقة) والأرجنتين (تريجو بان، تسليم ظهر السفينة أعلى النهر) بنسبة أربعة في المئة لكل منهما”.

وعصفت التغيرات المناخية القاسية بإنتاج ثلاثة من أكبر مصدري القمح في العالم. وانخفضت كمية الإنتاج العالمية بنسبة 17 في المئة بسبب موجات الجفاف التي ضربت الدول المصدرة للقمح، لاسيما روسيا وأمريكا اللتين تغطيان احتياجات ثلاثة أرباع العالم والمصدرين الأكبر للقمح، مما انعكس سلباً على الأسعار وقادها نحو الارتفاع. حيث تسببت محدودية توافر المنتج على المستوى العالمي الذي ترافق مع قوة الطلب في رفع أسعار التصدير من قبل جميع بلدان المنشأ الأساسية. وفق ما ذكرته تقارير اقتصادية دولية.

وتوقعت منظمة “الفاو” تراجع الإنتاج من الحبوب لاسيما القمح، خلال موسم 2021/ 2022، إضافة إلى تراجع المخزونات بنسبة تزيد عن 2 بالمئة في ظل زيادة الطلب على الشراء، مما سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، ومعها تكاليف الإنتاج لسلع أساسية يدخل القمح في صناعتها وفي مقدمتها الخبز والمعجنات والحلويات وصناعات غذائية أخرى.

وقال محللون إن “سوق القمح ترتفع إلى مستويات جديدة وسط طلب عالمي قوي. وسجلت الأسعار في بورصة شيكاغو التجارية أعلى مستوى لها منذ يناير 2013، في حين صعدت الأسعار في بورصة باريس يورونكست إلى أعلى مستوى في 13 عاماً ونصف العام”.

ومنذ مايو الماضي، تراوحت نسب ارتفاع أسعار القمح بين 10 إلى 18 بالمئة، وبالرغم من ذلك، فإن إقبال الدول المستوردة على شرائه يتزايد بشكل ملفت للأنظار. وخاصة دول الشرق الأوسط، التي قالت وكالة “بلومبرغ” الألمانية، إن “جنون الاستيراد في هذه الدول بات واضحاً”. وأشارت إلى تزايد الإقبال على الشراء بشكل خاص من قبل العراق وإيران وتركيا وأفغانستان، بعد أن ضرب الجفاف محاصيلها هذه السنة، مما أدى إلى استنفاد المخزون.

وطبقاً لمجلس الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، وصلت فاتورة استيراد الأغذية عربياً، بما في ذلك القمح، إلى نحو 100 مليار دولار خلال موسم العام 2020 بزيادة بلغت نسبتها 10 بالمئة مقارنة بعام 2016.

وتوجد 9 دول عربية تستحوذ على 22.9 في المئة من المستوردات العالمية، وتشمل لائحة أكبر المستوردين: مصر والجزائر والمغرب والعراق واليمن والسعودية والسودان والإمارات، بالإضافة إلى تونس، ويتجاوز حجم واردات هذه الدول 40 مليون طن سنوياً. حسب تقارير عربية.

ومؤكد أن الارتفاع القياسي في أسعار القمح عالمياً سيؤثر سلباً على صناعة الخبز في كثير من الدول العربية. الأمر الذي يضع علامات استفهام عريضة حول إمكانية استمرار دعم سعر الخبز من عدمه في عدد من الدول.

ويتفق خبراء اقتصاديون عرب، على أنه “لن يكون بإمكان البلدان، لاسيما غير النفطية منها، الاستمرار في سياسات الدعم الحالي لمادة القمح بسبب تكاليفها المتزايدة، مما سيعني ذلك اللجوء إلى مزيد من الاقتراض الخارجي”.

وما “يزيد الأمر صعوبة بالنسبة للدول غير الزراعية، هو عامل الضعف في نسبة الأمن الغذائي لديها، وخاصة على صعيد الحبوب اللازمة لصناعة الخبز. ففي وقت ينتج حتى بلد صناعي مثل ألمانيا ما يزيد عن حاجته منها، فإن الدول العربية لا تنتج محلياً أكثر من 30 إلى 50 في المئة من حاجتها من الحبوب والسكر والبقوليات ولو أن هناك بعض الاستثناءات القليلة”.

وتشير تقديرات إلى أن “العالم العربي يستورد لوحده نحو ربع واردات القمح في العالم”.

وقال المجلس الاقتصادي للجامعة العربية، إن “ارتفاع تكاليف صناعة الخبز في ظل تراجع الإنتاج المحلي من القمح والحبوب الأخرى، عن مواكبة الطلب الداخلي، يضع الحكومات أمام صعوبات كبيرة ومتزايدة على صعيد توفير مليارات إضافية من الدولارات اللازمة لتمويل الدعم”. مضيفاً: لقد دفعت هذه الصعوبات خلال السنوات الخمس الماضية، إلى إعادة النظر وبشكل متكرر في حجم هذا الدعم، بشكل أدى إلى تقليصه أكثر من مرة على صعيد الخبز وسلع أساسية أخرى كالرز والبنزين والديزل والكهرباء وغيرها”.

وقد يؤدي استمرار تداعيات جائحة كورونا لفترة طويلة قادمة، إلى انعدام توفر موارد مالية حتى لدعم سلع ضرورية كالخبز، بشكل يؤدي إلى تفاقم أزمة البطالة والمرض والجوع بشكل لم تعرفه المنطقة العربية من قبل، حسب الخبراء.

وجائحة كورونا التي أدت إلى الإغلاق الاقتصادي عالمياً، برزت تداعياتها عربياً، في “نفاد الموارد والاحتياطات المالية الصعبة على ضوء توقف السياحة وتدهور أسعار النفط بشكل غير مسبوق. وهو ما يعني بالضرورة طباعة دولارات ويورو وعملات صعبة أخرى بكميات ضخمة، وعرضها في السوق بدون تغطية إنتاجية وسلعية كافية، الأمر الذي سيؤدي إلى التضخم وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية التي يستوردها العالم العربي بكثرة، وفي مقدمتها القمح”.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً