تقرير خاص
قال مصرفيون في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، إن البنك المركزي في عدن ومن خلفه الحكومة، هم السبب في انهيار العملة الوطنية منذ الوهلة الأولى للقيام بطباعة جديدة للعملة بطريقة غير مسؤولة وعدم اكتراث بمخاطر هذه الخطوة.
ونقلت صحيفة ” الأيام ” في عدن، الإثنين، اتهامات ثلاثة مصادر مصرفية مستقلة، للبنك المركزي بالوقوف وراء انهيار سعر الصرف بسبب قيام البنك ذاته بالمضاربة بالعملة الأجنبية في السوق المحلية.
وقالت المصادر، إن البنك يحاول أن يلقي مسؤولية انهيار سعر الصرف خلال الفترة الماضية على شركات الصرافة، ويحملها مسؤولية الحفاظ على الاستقرار المصرفي، في وقت ينص القانون المصرفي على أن البنك الجهة الأولى المسؤولة عن استقرار سعر الصرف.
وبالرغم من أن البنك يعلم شحة العرض من العملات الأجنبية، إلا أنه يواصل الامتناع عن تغطية تلك الزيادة في حجم الطلب وضخ كميات من العملات الأجنبية إلى السوق المحلية ولو حتى بالحدالأدنى، من خلال تخصيص نسبة معينة من إيرادات مبيعات النفط الخارجي، والتي يتم إيداعها في حسابات خارج البلد ولا يستفيد منها المواطنون ولو حتى الشيء اليسير.
وكشفت المصادر عن قيام البنك، الثلاثاء من الأسبوع الماضي، بعمليات جديدة من المصارفات أو المضاربة بالعملات الأجنبية، حيث قام بشراء كميات ضخمة من الريال السعودي من سيئون ومأرب، بما يعادل 385 ريالاً في حين أن السعر كان عند حدود 330 ريالاً في عدن.
وفي بداية العام الجاري 2021 كان سعر الصرف عند حدود 195 ريالاً للسعودي، والدولار عند حدود 740 ريالاً. ولكن إدارة البنك المركزي في عدن نفذت أكبر عمليات مضاربة في السوق، وقام البنك بشراء كميات من الريال السعودي بسعر 255 ريالاً، بعد توقيع اتفاق الرياض، وعقب الإعلان عن تشكيل الحكومة في ديسمبر2020، في حين أن سعر السوق كان حينها لا يزيد عن 195 ريالاً مقابل الريال السعودي.
وتابع المصرفيون “نفذ البنك خلال الفترة الماضية المئات من العمليات المماثلة. وللأسف الشديد تحاول إدارته دسَّ السم في العسل، وتحملنا مسؤولية قيامها بتنفيذ عمليات مضاربة آجلة بطريقة غير مسؤولة، وبدون معرفة الأسباب الحقيقية لتلك الممارسات، سوى أنها تتعمد رفع سعر صرف العملات الأجنبية من خلال تحديد سعر صرف العقود الآجلة لسعر الصرف، قبل 3 أشهر من سدادها لقيمة الكمية المشتراة، والتي تدفع قيمتها بالريال اليمني”.
ويُعدّ الشراء للعملات الأجنبية من قبل البنك، مضاربة يجرمها القانون. وفق قانونيين.
إلى ذلك، ذكرت تقارير صحافية، أن عمليات سحب واسعة النطاق للعملات الأجنبية جرت الأيام الماضية في مدينة عدن، عبر العشرات من السماسرة، يتبعون تجاراً وقادة عسكريين وأمنيين في الحكومة، حيث يدفعون مبالغ لشراء العملات تتجاوز الأسعار في السوق. وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء السماسرة يدفعون مبالغ تزيد عن سعر صرف كل فئة ورقية كبيرة من العملات الأجنبية بفارق يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، طبقاً للمصادر التي قالت إن السماسرة يعرضون الشراء بشكل مبالغ فيه، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون بيع ما بحوزتهم من العملات الأجنبية.
وبدون جدوى، تتوالى قرارات وإجراءات البنك المركزي في عدن للسيطرة على سوق الصرف وكبح انهيار الريال، الذي أدى إلى تدهور اقتصادي ومعيشي غير مسبوق، خصوصاً في مناطق سيطرة التحالف والحكومة التي تدير البنك.
ويسود نوع من اليقين باستحالة أن ينجح البنك في احتواء الفوضى الحاصلة في السوق النقدية، وانهيار سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، أمين علي حسن، لـ “العربي الجديد” إن “عدم قدرة حكومة هادي والبنك المركزي في عدن على رسم وتنفيذ سياسات مالية ونقدية منسجمة ومتناغمة مع حركة النشاط الاقتصادي، جعل من مختلف الإجراءات المعلن عن تنفيذها غير مجدية، وليس لها أي أثر في كبح هذا الانهيار المتواصل في العملة الوطنية”.