يمن ايكو
تقارير

📃 مراقبون: دعم صندوق النقد لمركزي عدن لن ينقذ العملة وليس مؤشراً على استعادة الثقة

تقرير خاص-يمن ايكو

665 مليون دولار أودعها صندوق النقد الدولي، الإثنين، في حساب البنك المركزي بعدن، في إطار تخصيصه لحقوق السحب الخاصة لعدد من البلدان، حيث وافق مجلس محافظي الصندوق على تخصيص عام بما يعادل 650 مليار دولار أميركي في 2 أغسطس الجاري، على أن يتم توزيع المخصصات العامة على أعضاء صندوق النقد الدولي بالنسبة المئوية نفسها لحصصهم، في 23 من الشهر ذاته.

وكانت حكومة هادي قد استبقت تسلمها لحصة اليمن من وحدات السحب الخاصة المقدمة من صندوق النقد الدولي، كقروض بفائدة، وتتضاعف فائدتها مع مرور السنوات، والتي تعادل 665 مليون دولار، بتصريحات تفيد بأنها ستخصص هذا المبلغ لتعزيز احتياطات البلد من العملات الصعبة ودعم قيمة العملة، التي تواصل التدهور في مناطق سيطرتها، والتي تراجع فيها سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، متجاوزاً حاجز الـ 1000 ريال للدولار الواحد.

الممثل الإقليمي لصندوق النقد الدولي لدى اليمن، غازي شبيكات، أوضح في تصريحات لوسائل الإعلام أن الصراع المستمر في اليمن أدى إلى شل الاقتصاد وخلق أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، أدت إلى استنفاد احتياطيات النقد الأجنبي وانخفاض كبير في قيمة الصرف وارتفاع التضخم، مشيراً إلى أن المبلغ الذي أودعه الصندوق في حساب البنك المركزي بعدن يشكل 70 في المائة من الاحتياطيات الحالية لليمن من النقد الأجنبي، معتبراً أن ذلك سيساهم في توفير الدعم المطلوب لمعالجة الأزمة، بما في ذلك ما يتعلق بالمواد الغذائية والأدوية التي يحتاجها المواطنون بشكل شديد.

وعن كيفية استخدام اليمن لحقوق السحب الخاصة، وهل يمكن استبدالها بعملات أخرى، قال شبيكات إنه وبمجرد التعيين، يمكن لليمن، كباقي الأعضاء في الصندوق، الاحتفاظ بحقوق السحب الخاصة كجزء من احتياطاتها من النقد الأجنبي أو بيع أو استخدام جزء من مخصصات حقوق السحب الخاصة أو كلها. كما يمكنه استبدال حقوق السحب الخاصة بعملات قابلة للاستخدام بحرية مع دولة عضو أخرى على استعداد لشراء حقوق السحب الخاصة من اليمن.

وهنا يأتي السؤال عن الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة، التي سبق وأن استنفدت مليارات الدولارات من احتياطي البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، والتي على إثر استنفادها اتهمت لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي أواخر يناير الماضي البنك المركزي في عدن بممارسة الفساد وغسل الأموال.

ونظراً للسمعة التي لحقت بمركزي عدن جراء الاتهامات التي وجهها له فريق الخبراء، فإن المبلغ الذي تم إيداعه من قبل صدوق النقد الدولي، لا يمثل أي مؤشر، بحسب رأي محليين واقتصاديين، على استعادة مركزي عدن للثقة الدولية التي فقدها جراء تلك الاتهامات، حيث أن المبلغ يمثل حصة اليمن من وحدات السحب الخاصة بالصندوق، التي أعلن عنها مطلع أغسطس الجاري، في أكبر عملية توزيع يقوم بها الصندوق عبر تاريخه، حيث خصص مبلغ 650 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد العالمي، ودعم السيولة العالمية في ظل تفشي جائحة كورونا، حسب البيان الصادر عن الصندوق.

وحول استخدام حقوق السحب الخاصة قال الممثل الإقليمي لصندوق الدولي إن ذلك الاستخدام رغم كونه قراراً سيادياً فإنه من الضروري استخدامها بمسؤولية وحكمة.. مؤكداً أن استخدام حقوق السحب الخاصة ليس مجانياً، وبالتالي تتحمل البلدان التي تستخدم حقوق السحب الخاصة العائدة لها رسوماً صافية على الفرق بين مخصصات حقوق السحب الخاصة التراكمية وممتلكاتها من حقوق السحب الخاصة.

الدعاوى التي روجتها حكومة هادي بأن هذا المبلغ الذي تسلمته من صندوق النقد الدولي من شأنه أن يساعد في وقف التدهور الحاصل في سعر صرف العملة، ويعيد سعر الصرف للريال مقابل الدولار إلى مستويات معقولة، كشف الواقع عدم واقعيتها، حيث لم يحدِث إيداع هذا المبلغ في حساب البنك المركزي بعدن أي تحسن في سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية، والذي بلغ 1024 مقابل الدولار الأمريكي، حسب تداولات السوق المصرفية، الخميس، في عدن والمحافظات الأخرى الخاضعة لحكومة هادي.

خبراء اقتصاد أكدوا من جهتهم أن المبلغ الذي خصصه صندوق النقد الدولي كحصة اليمن من عملية التوزيع الكبرى، التي قام بها مطلع الشهر الجاري، والذي تم إيداعه الاثنين الماضي في حساب البنك المركزي بعدن، لن يحدث أي تحسن في سعر صرف العملة المنهار في مناطق سيطرة حكومة هادي، مشيرين إلى أن هذا المبلغ، الذي خصصه صندوق النقد ضمن اشتراطات قد تكون مجحفة وبأسعار فائدة قد تتجاوز المبلغ الممنوح خلال سنوات قليلة، سيكون ضرره على الاقتصاد اليمني أكثر من نفعه، حيث سيضيف خلال ثلاث سنوات مليار دولار إلى الدين الخارجي على البلاد، الذي قفز في ظل حكومة هادي من 6 مليارات و765 مليون دولار عام 2014، إلى 9 مليارات دولار نهاية 2019.

وتنبأ الاقتصاديون لمبلغ القرض المقدم من صندوق النقد الدولي، بمصير مشابه لمصير الوديعة السعودية، التي بدأ فريق أممي تحقيقاً حول عمليات الفساد وغسل الأموال وذهابها لصالح أشخاص وكيانات مرتبطة بحكومة هادي، فيما حرم أبناء الشعب من الاستفادة منها، بحسب تقرير فريق الخبراء المراقب للعقوبات الدولية المشار إليه، والذي أكد أن حكومة هادي انخرطت في ممارسات تبييض أموال وفساد، أثرت سلباً في حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية الكافية، في انتهاك للحق في الغذاء، حيث نفذت خطة لتحويل أموال من الوديعة السعودية “والتي تُعدُّ أموالاً عامة”، بشكل غير قانوني إلى تجار.

وأضافوا أن حكومة هادي والتحالف، وكذلك المجتمع الدولي، يدركون أن أي دعم يقدم لهذه الحكومة التي ثبت فشلها وفسادها وتورطها في قضايا تبييض أموال، لا يمكن أن يساعد في إحداث أي ملامح إنعاش للاقتصاد اليمني، بما في ذلك وقف التدهور المستمر للعملة، في المحافظات التي تسيطر عليها، لافتين إلى أن قرابة ثلاثة أعوام منذ بد الانهيار الحاد لسعر العملة، كانت بمثابة فرصة كافية لخلق معالجات تحد من هذا الانهيار وتحفظ للعملة قيمتها، سيما في ظل استحواذ هذه الحكومة على موارد البلد الاقتصادية من عائدات النفط والغاز والمنافذ البرية والبحرية والجوية، واستئثارها بالمساعدات الدولية والمنح وغيرها.

وكانت تأكيدات خبراء اقتصاد وأكاديميين قد ذكرت أن الدعم المالي لا يمثل حلاً للتردي الاقتصادي الحاصل في البلاد، وأزمة انهيار سعر العملة، كون ذلك التردي والانهيار ناتجاً عن مسببات يأتي على رأسها استمرار الحرب، وما أنتجته من صراعات متعددة، وما ترتب عليها من تأثيرات اقتصادية، جراء استخدام اقتصاد البلاد كورقة حرب، مشيرة إلى أن أي دعم أو حديث عن جهود للإنعاش الاقتصادي في ظل استمرار الحرب العسكرية والاقتصادية على السواء، يظل مجرد استعراض للوهم الذي يباع للشعب اليمني منذ سنوات، فيما تزداد معاناتهم يوماً بعد آخر جراء الوضع الاقتصادي والمعيشي المتفاقم.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً