تقرير خاص-يمن ايكو
قد يكون بمثابة تأكيد المؤكد، الحديث عن مظاهر الاستهداف للاقتصاد اليمني، في إطار استخدامه من قبل التحالف السعودي الإماراتي، كورقة حرب، كانت العملة الوطنية والقطاع المصرفي بشكل عام أحد أهم وأبرز الضحايا، وهو ما انعكس سلباً، وبشكل مباشر على حياة الملايين من اليمنيين، وفاقم أوضاعهم المعيشية.
ورغم الاستهداف الممنهج للقطاع المالي والمصرفي، الذي انعكست آثاره على الوضع الاقتصادي والمالي في عموم البلاد، رغم كونه موجهاً ضد صنعاء والمحافظات والمناطق التابعة لها بدرجة أساس، إلا أن هذه الأخيرة حققت استقراراً مالياً ونقدياً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتمكنت من مواجهة كل الخطوات التصعيدية من قبل حكومة هادي والبنك المركزي بعدن، وهو ما يمثل- بحسب خبراء اقتصاد- دافعاً لمزيد من التصعيد من قبل الأخيرة، وذلك بهدف تعميم أزمة انهيار الصرف على جميع المحافظات اليمنية، وتعقيد الوضع المالي في صنعاء والمحافظات التابعة لها، والتي يقطنها قرابة 70% من الكتلة السكانية في البلاد.
في خطوة جديدة من خطوات التصعيد ضد القطاع المالي والمصرفي، أصدر البنك المركزي بعدن، عبر بيان صادر عنه آخر الأسبوع الماضي، توجيهه إلى البنوك التجارية والإسلامية العاملة في الجمهورية، بسرعة نقل مراكز إدارة عملياتها إلى عدن، معلناً عن ما أسماه قائمة سوداء للبنوك غير الملتزمة بتسليم بياناتها المالية، ومحملاً إياها “المسئولية الكاملة عن أية تبعات قد تترتب على إدراجها في القائمة الرسمية (قائمة سوداء) وتصنيفها كبنوك غير ملتزمة”، حسب البيان.
كما وجّه البنك المركزي عدن كافة الشركات والمؤسسات التجارية المستوردة بعدم تنفيذ أي عمليات مالية أو مصرفية، ومنها فتح الاعتمادات والتحويلات مع البنوك التي سيتم إدراجها ضمن قائمة البنوك المصنفة كبنوك غير ملتزمة، موضحاً أنه “لن يتحمل المسئولية عن أية أضرار ناتجة عن تنفيذ عمليات أو معاملات إذا أجريت عبر تلك البنوك”.
الإجراءات الأخيرة التي أعلن عنها البنك المركزي بعدن فيما يخص البنوك التجارية والإسلامية، بما تنطوي عليه من إضرار بتلك البنوك وتهديد لأعمالها، واستهداف لاستقرار القطاع المصرفي، وإعاقة لأنشطته، جاء الرد عليها من البنك المركزي اليمني بصنعاء، عبر بيان صادر عنه الإثنين، اعتبر تلك التوجيهات تهديداً من قبل البنك المركزي بعدن بتصنيف البنوك اليمنية حسب رغبته كبنوك غير ملتزمة، بهدف الإضرار بعلاقة تلك البنوك مع “الجهات المحلية والبنوك والمؤسسات المالية والمصرفية الخارجية والمنظمات الدولية الأخرى”.
وأشار البنك المركزي اليمني بصنعاء إلى أن قرارات قيادة مركزي عدن تأتي في إطار “استمرار سعيها للإضرار بالقطاع المصرفي الوطني، والذي تعتبر مسئولية حمايته من الوظائف الأساسية لأي بنك مركزي في العالم، وما زالت تسعى للإضرار باستقرار أسعار الصرف المتحقق في مناطق حكومة الإنقاذ الوطني، ومن ذلك خططها الإجرامية الأخيرة التي فشلت في تحقيق أهدافها والمتعلقة بتزييف أوراق العملة الوطنية، ومحاولة تهريبها بطرق إجرامية إلى مناطق حكومة الإنقاذ”، حسب البيان.
وأكد البنك المركزي اليمني في بيانه، أنه “ومن منطلق موقفه الثابت بشأن أهمية تحييد النشاط المصرفي والاقتصادي بعيداً عن التجاذبات السياسية”، لم يمانع في أيٍّ من الأوقات قيام البنوك بتزويد مركزي عدن بكافة البيانات والتقارير التي تخص عملاء وعمليات البنوك في فروعها العاملة في المناطق التي تسيطر عليها حكومة هادي، “بما يمكنهم من إدارة السياسة النقدية بشكل سليم ويقلل معاناة المواطنين في تلك المناطق”.
وأوضح البيان أن القطاع المصرفي اليمني “واجه الكثير من الصعوبات والأزمات الناتجة عن حرب دول التحالف، وتمكن بجهود وإخلاص العاملين فيه من تجاوز الأزمات والأوضاع الاستثنائية الراهنة، وهو ما يستوجب على الجميع محلياً ودولياً مساندته ودعمه بدلاً من الصمت على استمرار مركزي عدن في مهاجمة القطاع المصرفي، وسعيه المتواصل لإيقاف أنشطة البنوك المحلية أملاً في استبدالها ببنوك جديدة تابعة لأقطاب السلطة في حكومة عدن”.
وأكد البنك المركزي اليمني بصنعاء التزامه بكافة أنشطة الرقابة على النشاط المصرفي في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ وفق المعايير الدولية، بما يغطي كافة الجوانب المتعلقة باستقرار القطاع المصرفي، محملاً قيادة البنك المركزي بعدن “مسؤولية أي خطوات أو قرارات من شأنها المساس باستقرار القطاع المصرفي اليمني أو إعاقة أنشطته”.
تعددت صور الاستهداف للقطاع المالي والمصرفي من قبل حكومة هادي، وبضوء أخضر من التحالف، حيث كان قرار نقل وظائف البنك المركزي اليمني من مقره الرئيسي في صنعاء إلى عدن، هو مفتتح ذلك الاستهداف، بما نتج عنه من انقسام في النظام المالي والمصرفي للبلاد، وتلت ذلك عمليات الطباعة لما يقارب 5 تريليونات و320 مليار ريال من العملة الوطنية بدون غطاء نقدي، وهو ما تسبب بانهيار سعر الصرف إلى مستويات قياسية.
وفي الوقت ذاته لم يكن القطاع المصرفي في مأمن من ذلك الاستهداف، حيث عانى ويعاني العديد من الإجراءات والقرارات التي لا تزال حكومة هادي والبنك المركزي بعدن يضيّقون بها عليه بين حين وآخر.
ولا يزال تحييد الاقتصاد، وعدم استخدامه كورقة حرب، وهو مطلب أكدت عليه صنعاء منذ سنوات، أكثر الحلول عقلانية وأقربها إلى الواقع، كأولى أولويات معالجة الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، على إثر الحرب التي يشنها التحالف في اليمن، وما صاحبها من إجراءات تدميرية على المستوى الاقتصادي، تركت آثارها واضحة على الاقتصاد الهش والمتأرجح للبلاد، حيث أفضت إلى الانهيار الاقتصادي الحاصل، وعلى رأسه تهاوي سعر صرف العملة الوطنية في المحافظات التي تسيطر عليها حكومة هادي، واقتراب السعر مقابل الدولار الأمريكي من حاجز الـ 1100 ريال للدولار الواحد.