يمن إيكو| أخبار:
كشفت منصة التحقيقات الدولية (إيكاد) عن استحداثات وتطورات متسارعة وتحركات لسفن مشبوهة في قاعدة شيدتها دولة الإمارات في جزيرة عبد الكوري اليمنية، غالبيتها بعد السابع من أكتوبر الماضي، مرجحة أن تكون إسرائيل المستفيدة من تلك التطورات.
وأظهرت منصة إيكاد- في تحقيق تفصيلي مدعوم بصور الأقمار الصناعية الجديدة- تطورات متسارعة وسفناً مجهولة وإمدادات لا تتوقف لقاعدة إماراتية هامة على جزيرة يمنية، مشيرة إلى أن تلك التحركات ذات الأهداف التجارية تُخفي معها مكاسب عسكرية تخدم أطرافاً إقليمية، في ظل التوترات الجارية في البحر الأحمر.
التحقيق سلط الضوء على أهمية تلك التطورات- التي شهدتها ولا تزال تشهدها جزيرة عبد الكوري في محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية- وسر توقيتها، وسياقها في الحرب على قطاع غــزة، مضيفاً: “في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة وتصاعد تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر للسفن المرتبطة بإسرائيل، رصدنا تطورات متسارعة في القاعدة الإماراتية في جزيرة عبدالكوري اليمنية”.
وقالت المنصة: “هذه المرة استطعنا التقاط طرف الخيط، من خلال تتبعنا المعتاد والمستمر لحركة الملاحة البحرية في الشرق الأوسط، التي زادت توتراً بعد 7 أكتوبر”، مشيرة إلى أن طرف الخيط هنا عبارة عن سفينة تُدعى ” Takreemتكريم” تحمل العلم الإماراتي، رصدناها وهي تتجه نحو جزيرة “عبدالكوري”. لافتة إلى أن السفينة من نوع سفن الإنزال البحرية التي تُستخدم لنقل الجنود والمعدات والمركبات ونشرها من السفينة إلى الشاطئ لإجراء العمليات العسكرية الهجومية.
كما وجدت منصة إيكاد- من خلال تتبعها لحركة السفينة- أنها قامت برحلة متشابكة قبل وصولها إلى “عبدالكوري”، فقد انطلقت من “ميناء زايد” في أبو ظبي يوم 21 ديسمبر 2023، ووصلت جزيرة سقطرى اليمنية في 29 ديسمبر 2023، لتمكث بها حتى يوم 7 يناير 2024.
وتابعت المنصة قائلة: “في اليوم التالي اتجهت غرباً نحو جزيرة “عبدالكوري” ورست فيها حتى 11 يناير 2023م، وفي 13 يناير عادت لجزيرة سقطرى وخرجت منها يوم 18 يناير، ثم واصلت مسيرها نحو الإمارات”. مؤكدة أن لهذه السفينة سجلاً مثيراً للتساؤلات ورحلات مشبوهة.
وأردفت “سبق أن كشفنا في تحقيق سابق أن السفينة ذاتها وصلت إلى “عبدالكوري” في 20 نوفمبر 2021، وفي 26 نوفمبر أخفت إشارتها خلال وقوفها عند شواطئ الجزيرة، وظلت كذلك حتى عادت للظهور في 25 ديسمبر في بحر العرب متجهة شمالاً، وهو ما رجّح وقتها أن السفينة كانت تقوم بنشاط مشبوه دفع بها لإخفاء إشارتها”.
واستدركت “هذا أكد لنا استمرار وجود السفينة حينها في الجزيرة حتى نهاية نوفمبر 2021، وهي صور أقمار صناعية التقطتها Sentinel Hub” ” في 24 نوفمبر و29 نوفمبر كشفت وجود السفينة على شاطئ “عبدالكوري”، وتأكدنا من هويتها من خلال تطابق مسار السفينة في صور الأقمار الصناعية مع مسار الإبحار المُعلن على برامج الملاحة، وكذلك تطابق أبعاد السفينة “تكريم” مع أبعاد السفينة”.
واستطردت المنصة بالقول “السفينة ذاتها سبق أيضاً أن كشفنا مشاركتها مع سفن أخرى في عمليات التطوير وبناء المدرج في ميناء المخا في أكتوبر 2021، واتضح حينها أن السفينة توقفت عن الذهاب لميناء المخا بعد أن شارفت أعمال البناء في مدرجه على الاكتمال، ما يرجّح أنها استُخدمت للنقل العسكري ونقل المواد والفرق المطلوبة لبناء المدرج”.
ورجحت إيكاد أن تحركات السفينة ارتبطت في أكثر من مرة بعمليات تطوير وبناء في المواقع التي ترسو بها، مؤكدة أن أسباب رحلتها الأخيرة إلى “عبدالكوري”، لم تخالف الأسباب السابقة، بل تكرار لسيناريوهات رحلاتها السابقة”.
وأوضحت أن طول السفينة يصل إلى 127 متراً تقريباً، وعرضها 21 متراً تقريباً، وظهرت محمّلة بشاحنات وإمدادات، رجحت إيكاد أنها لتسريع عملية البناء في جزيرة “عبدالكوري” والقاعدة التي تتضمنها بعد أحداث 7 أكتوبر.
وأكدت أن هذه السفينة المجهولة نفسها سبق أن رصدها حساب Vleckie” ” المتخصص في أخبار المصادر المفتوحة، قبالة اليمن يوم 10 يناير 2024م، موضحة أنها وجدت أن هذه السفينة الكبيرة كانت تقترب من شواطئ “عبدالكوري” فحسب، لكنها لم ترسُ على الجزيرة، “لأسباب نرجّح أنها لعدم اكتمال البنية التحتية لاستقبال السفينة”.
وقالت أيضاً: إنه “مع تتبع عملية إفراغ الشحنات من السفينة، وجدنا أنها كانت عملية معقدة تتم على مرحلتين: الأولى: عبر سفينة صغيرة الحجم متعددة المهام تنقل الحمولة من السفينة الكبيرة وتقربها من الشواطئ، والمرحلة الثانية: من خلال قوارب يدوية تأخذ الحمولات من السفينة الصغيرة وتنقلها إلى داخل الجزيرة.
تتابع المنصة أن “السفينة المجهولة ونشاطها في الجزيرة لم يكُن الشيء الوحيد الذي كشفته لنا صور الأقمار الصناعية في الجزيرة ومحيطها، بل هناك أمور وتطورات أخرى ظهرت متسارعة، تمثلت أولاها في ظهور لسان بحري جديد في الجزيرة، طوله نحو 120 متراً، وعرضه 8 أمتار”.
وأضافت: “كما رصدنا ظهور صناديق بضائع في هذا اللسان البحري وفي الطرق الترابية الممهدة نحوه، التي نرجّح أنها تحمل المعدات والأدوات الهامة من أجل بنية القاعدة التحتية خاصةً، ومن أجل الجزيرة عامةً”. مؤكدة أن بناء اللسان البحري الجديد بدأ العمل عليه منذ أوائل أكتوبر 2023، أي تزامناً مع أحداث “طوفان الأقصى”، حيث أظهرت الصور أن السفينة الكبيرة المجهولة التي تحدثنا عنها بدأت الرسو قرب هذا اللسان منذ يوم 3 يناير 2024 على الأقل، وفقاً للتحقيق.
ولاحظت المنصة أن الجزيرة كانت تحتوي على لسانَين بحريين آخرين، أحدهما شمال شرقي الجزيرة قرب القاعدة، أُنشئ في أبريل 2023، والآخر شمال وسط الجزيرة أُنشئ في مايو 2023، لكن كلا اللسانَين أُزيلا في أكتوبر 2023، تزامناً مع حرب غزة، في الوقت نفسه الذي تم فيه إنشاء اللسان البحري الجديد.
ورجحت منصة إيكاد، أن يكون موقع اللسانَين القديمين واللسان الجديد في الجنوب على صلة بالأحداث في خليج عدن وبحر العرب، متوقعة أن يكون خلف البناء هدفان: الأول: لتجنب أي استهدافات حوثية متوقعة قادمة من شمال الجزيرة، والثاني: ربما يكون بسبب أن جنوب القاعدة (منطقة اللسان الجديد) يتمتع بشاطئ أوسع ومياه عميقة يمكنها استقبال سفن أكبر، وكذلك استضافة إمدادات بكثافة أكبر لأقرب نقطة للجزيرة.
وقالت المنصة: “وجدنا أيضاً أن هذا اللسان البحري لم يكن إلا جزءاً من عمليات تطور سارعت أبوظبي لإنجازها”، مؤكدة أنها لاحظت بعد 7 أكتوبر، “تطورات في الأبنية في المصف الرئيسي بمدرج القاعدة الغربي، ورصدنا عمليات تمهيد ترابية ورصف، تبعها ظهور أبنية جديدة خلال الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر”.
وحول طبيعة الأبنية الجديدة التي أظهرتها صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 5 يناير 2024، لاحظت إيكاد ظهور 4 أبنية جديدة في مصف المدرج الغربي الرئيسي، مرجحة أن تكون المباني الأربعة: برج اتصالات لشكله الدائري وطوله. مبنى رئيسي للقاعدة مساحته 320 متراً مربعاً تقريباً. مبنيان فرعيان للقاعدة، الأول مساحته 90 متراً مربعاً، والثاني مساحته 30 متراً مربعاً.
كما رصدت “إيكاد” تشكيلات رملية قرب مدرج القاعدة الرئيسي ومهبط مروحيات شمال المدرج الرئيسي للقاعدة، وزيادة بنحو 120 متراً في طول المدرج الرئيسي في القاعدة، ليصبح طوله بعد الاستحداث الأخير 3 كم، أي أنه بات قادراً على استيعاب طائرات الشحن العسكري الأمريكية الأكبر من طرازC-5M Super Galaxy” ” وقاذفات B-1″ ” الأمريكية الاستراتيجية، وهي القاذفات نفسها التي قامت بهجمات انتقامية مؤخراً في سوريا والعراق، مشيرة إلى أن هذا المهبط تبيّن أن عمليات بنائه وتشكيله تمت بعد أحداث 7 أكتوبر في غزة.
وتابعت إيكاد: “لاحظنا أيضاً وجود عمليات حفر متسارعة، وظهور منطقتين تحويان أجهزة كبيرة لاستخراج التراب ومعالجته، وشاحنات عديدة لنقل مواد البناء المهمة، لم يتوقف التطوير هنا، بل استمر وشمل ظهوراً متسارعاً لعمران ومساكن وأبنية أخرى جديدة حول القاعدة، لنستكشف معاً تلك الأبنية والهدف منها”.
وكشفت المنصة عن قُرب انتهاء تشييد مبانٍ خاصة في موقعَين شرق الجزيرة ووسطها، الأول: عبارة عن مساكن جديدة وسط الجزيرة، محاطة بالشاحنات والمعدات الخاصة بأعمال البناء، وكذلك خيم العمال. فيما الثاني: يقع شمال شرقي تلك المساكن، وهو عبارة عن أبنية جديدة على بعد 2.5 كم تقريباً من مدرج القاعدة الرئيسي.
ورجحت المنصة أن طبيعة التطورات وتسارعها في الجزيرة اليمنية تخدم أبوظبي من شقين: الأول: في كون الجزيرة مركزاً ملاحياً اقتصادياً يتمتع بموقع مميز في سواحل اليمن والقرن الإفريقي. فيما الثاني: أنها تخدم تكاملها العسكري الدفاعي الاستراتيجي مع قواعد عسكرية أخرى توجد بها قوات أمريكية، مثل قاعدة الريان جنوب اليمن، وقواعد عملت الإمارات على تطويرها وبنائها خلال الأعوام القليلة الماضية، مثل قاعدة ميون عند بوابة باب المندب، وقاعدة المخا المطلة على البحر الأحمر.
ولفتت إلى أن التطورات تزامنت مع التحديثات الأخرى التي رصدناها في القواعد الإماراتية في بربرة وبصاصو في الصومال، والتي أشارت أنباء سابقة إلى وجود خبراء عسكريين أمريكيين بها، ما يزيد من فكرة أنها تطورت لتحقيق التكامل العسكري الغربي حول باب المندب.
وربطت المنصة هذه التطورات، التي قد تستفيد منها إسرائيل، بأحداث مشابهة قرب باب المندب، مؤكدة أن مقالاً نشره موقع “جي فوروم” للجالية اليهودية الناطقة بالفرنسية في 2020، أن الإمارات وإسرائيل خططتا لإنشاء قاعدة في جزيرة سقطرى اليمنية- التي تعد عبدالكوري امتداداً جغرافياً وأمنياً لها- والتي تتمتع بموقع استراتيجي في بحر العرب، على بعد 350 كيلومتراً جنوب اليمن.
واستشهدت المنصة في هذا السياق بما أكد موقع “إنتليجينس أونلاين” الفرنسي في 9 سبتمبر 2020، عن وصول ضباط من المخابرات الإماراتية والإسرائيلية إلى جزيرة سقطرى، في نهاية أغسطس 2020. موضحاً- حينها- أن المجلس الانتقالي الجنوبي تعرض لضغوط من الإمارات للموافقة على إنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية، بحسب معلومات الموقع.
يشار إلى أن تقريراً نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية “ISPI” في نوفمبر 2023، أكد أن سقطرى تضم قاعدة استخباراتية إماراتية بالتعاون مع إسرائيل، يمكن أن تنشر بها أجهزة استشعار إسرائيلية الصنع لمواجهة الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، فيما أشارت مجلة “Breaking Defense” الأمريكية في تقرير نشرته في يونيو 2022، إلى وجود اهتمام من دول في المنطقة بقدرات الدفاع الجوي الإسرائيلية الصنع، وأنه في حال إتمام تلك الصفقات فمن المحتمل أن تُدمج هذه الدفاعات في شبكة نظام أوسع قد تضم جزر سقطرى.
وبحسب منصة إيكاد “سيشرف على هذا النظام القيادة المركزية الأمريكية، وسيوفر النظام إنذاراً مبكراً لأي تهديدات جوية من إيران وحلفائها بالمنطقة”.