يمن ايكو
تقارير

تحركات مكثفة تنتهك السيادة اليمنية.. المؤسسات المالية بعدن في قبضة النفوذ الغربي

تقرير خاص- يمن إيكو

تواترت في الأشهر الأخيرة زيارات الوفود الدبلوماسية الغربية (الأمريكية الفرنسية البريطانية) إلى البنك المركزي بعدن، في تحركاتٍ ينظر إليها مراقبون باستغراب، لانتفاء صلة تخصص الوفود بالشأن المالي والسياسات النقدية أو المهام المناطة بالبنك.

واستقبل محافظ البنك المركزي اليمني بعدن، أحمد غالب، الخميس الماضي، السفير الفرنسي جان ماري صفاء، وأعضاء الوفد المرافق له من وزارة الخارجية الفرنسية، حيث أطلع المحافظ- بحسب وكالة سبأ التابعة لحكومة الرئاسي- الوفد الفرنسي على آخر التطورات المالية والاقتصادية في قطاعات الاقتصاد اليمني المختلفة.

الوفد الفرنسي زار، اليوم السبت، أيضاً مقر “كاك بنك” في عدن، مؤكداً عبر تغريدة له على “تويتر” أنه تلقى توضيحاً مفيداً جداً على الواقع الاقتصادي والمالي للبلد، فيما يظل السؤال: بأي صفة تلقى هذا التوضيح؟ وما فائدة ذلك بالنسبة له في ظل وضع اقتصادي ومعيشي ومالي في مناطق حكومة الرئاسي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؟

زيارة السفير الفرنسي ولقاؤه المعبقي، وعقده سلسلة لقاءات مع نائب وزير المالية ومساعديه، وكذلك زيارته لـ”كاك بنك” ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها لقاءات مع سفيري كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وغيرهما من المسئولين الغربيين، يضاف إلى ذلك تدخلات الوكالة الأمريكية للتنمية في توجيه وتسيير أعمال المؤسسة المالية والبنكية في حكومة الرئاسي، تحت لافتة الدعم الفني، وتنفيذ إصلاحات وتأهيل كوادر البنك المركزي بعدن.

ومن وجهة نظر المراقبين فإن تلك التحركات تعد صورة من صور تغلغل النفوذ الغربي في كل تفاصيل ومهام أهم المؤسسات السيادية للبلاد، التي تسيطر عليها حكومة الرئاسي اسمياً، بينما الواقع يقول غير ذلك مطلقاً. وفق المراقبين.

ومن يتابع مجريات زيارات وتحركات وتصريحات تلك الوفود الفرنسية والبريطانية والأمريكية،يلمس ويدرك أن طبيعة وتخصصات ومهام تلك الوفود السياسية بعيدة كل البُعد عن طبيعة وعمل البنك المركزي، بل تتنافى مع أعراف التعاون والتفاهم والاتفاقيات الدولية التي تقوم عادة بين الجهات المتناظرة في المهام والاختصاصات.

وعلى صلة بمسار الزمن المقرون بهذه التحركات منذ قررت الحكومة الموالية للتحالف- وبإيعاز أمريكي- نقل عمليات البنك المركزي اليمني إلى عدن، يظل السؤال الأهم والأخطر باحثاً عن ما أسفرت عنه تلك التدخلات والاستشارات الغربية على مستوى أداء البنك وعلى مستوى الواقع المالي والاقتصادي والمعيشي في مناطق حكومة التحالف، وما تلى ذلك القرار من عمليات طباعة للعملة، تجاوزت 5 تريليونات ريال، وهو ما يفوق ما قام البنك المركزي اليمني بطباعته من العملة منذ تأسيسه، مغرقة بذلك الريال اليمني في وحل التضخم، بعد أن طفحت السوق المصرفية بالمعروض النقدي، وهو ما انعكس بشكل مباشر على سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وهوى بالريال اليمني إلى أدنى قاع في تاريخه.

ومنذ سبتمبر 2016م أثبتت المؤشرات والمعطيات في الواقع الاقتصادي والمعيشي أن ارتهان حكومة الرئاسي وبنكها المركزي للخارج ظل سبباً رئيساً لانهيار الاقتصاد اليمني، فمنذ أول شهر عقب نقل عمليات البنك عجزت الحكومة المعترف بها عن صرف رواتب موظفي مناطق سيطرتها، التي كانت تأتي من البنك المركزي اليمني في صنعاء حتى لحظة نقل عملياته إلى عدن.

وهوت بعد ذلك قيمة الريال من قرابة 400 ريال للدولار قبل نقل عمليات البنك، إلى 1750 ريالاً للدولار في نوفمبر 2021م، مع اختلال منظومة الأسعار وخروجها عن قدرة المواطن الشرائية التي تحدرت إلى أدنى قاع لها في مناطق سيطرة الحكومة المدعومة من التحالف.

في مقابل ذلك استقر سعر الصرف في مناطق حكومة صنعاء، التي ظل بنكها المركزي يعمل وفق سياسة نقدية مستقلة وصارمة خلال سنوات الحرب الاقتصادية (ما بعد نقل عملياته إلى عدن) عند حدود 500 -600 ريال للدولار الواحد، مع استقرار الأسعار رغم الحصار الشامل الذي يفرضه التحالف على الواردات من السلع الأساسية والاستهلاكية.

وتحت ضغوط مجموعة البنك الدولي، التابع للإدارة الأمريكية، مضت حكومة الرئاسي في إجراءاتها الجائرة بحق منظومة الأسعار وفق قرارات قوبلت برفض شعبي وعمالي ومؤسسي واسع، كان آخرها قرار رفع سعر الدولار الجمركي إلى 750 ريالاً للدولار الواحد، بالإضافة إلى رفع أسعار الغاز المنزلي والمشتقات المنتجة محلياً ورفع تعرفة خدمتي الكهرباء والمياه.
رفع الدولار الجمركي إلى 750 ريالاً، ليس الأول، بل يعد الرفع الثاني بعد قرار الحكومة الموالية للتحالف الصادر في يوليو 2021 والقاضي برفع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً إلى 500 ريال أي 100%، فيما أبقت حكومة صنعاء سعر الدولار الجمركي عند سقفه السابق 250 ريالاً للدولار حتى اليوم.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً